«مصر - فرنسا».. مواقف واحدة وتعاون مشترك

«مصر - فرنسا».. مواقف واحدة وتعاون مشترك
وقَّع الرئيس عبدالفتاح السيسى ونظيره الفرنسى إيمانويل ماكرون على إعلان مشترك لترفيع العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وشهدا التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، منها إعلام مشترك للإعلان عن التوقيع على 4 مشروعات استثمارية تضامنية، ومذكرة تفاهم لإنشاء 100 مدرسة فرانكفونية، وتمديد خارطة الطريق للتعاون فى تنفيذ الخط السادس لمترو الأنفاق بالقاهرة، وإعلان نوايا بين وزارتى التعليم العالى المصرية والفرنسية، وتجديد التعاون الفنى والمالى لتنفيذ المشروعات ذات الأولوية، وإعلان نوايا للتعاون بين وزارتى الصحة، واتفاقية إنشاء وتنمية مركز جوستاف جوسيه لعلاج الأورام بالقاهرة.
إعلان مشترك لترفيع العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.. والتوقيع على 4 اتفاقيات لمشروعات استثمارية عملاقة
وقال السفير محمد الشناوى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، إنَّ السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى رحَّب، خلال المؤتمر الصحفى الذى عُقد بقصر الاتحادية، بنظيره الفرنسى، مؤكداً عمق العلاقات الثنائية بين البلدين، وأنَّ الزيارة تعكس التعاون الممتد والناجح بين مصر وفرنسا فى كافة المجالات، بما يُعزز مصالح الشعبين، مشيراً إلى أنَّ الزيارة تأتى تتويجاً للتفاهمات المشتركة بين البلدين، كما أن الإعلان عن رفع العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية خطوة مهمة لتعزيز التعاون الثنائى، وفتح آفاق جديدة تُسهم فى تحقيق مصالح الشعبين.
مذكرة تفاهم لإنشاء 100 مدرسة فرانكفونية.. و«ماكرون»: مصر أول دولة وثقت في طائرات الرافال ونسعى لتعزيز التعاون في الصحة والتعليم
وقال السيد الرئيس إنه تم استعراض العلاقات التاريخية الممتدة بين مصر وفرنسا خلال مباحثاته مع الرئيس ماكرون، وتم التطرق إلى سبل دفع التعاون الثنائى قُدماً فى المجالات ذات الأولوية، مؤكداً أهمية تعزيز وتكثيف الاستثمارات الفرنسية فى مصر، وضرورة توسيع انخراط الشركات الفرنسية فى الأنشطة الاقتصادية المصرية فى ضوء الخبرات المتراكمة لهذه الشركات بمصر على مدار العقود الماضية.
وشدَّد السيد الرئيس على ضرورة البناء على نتائج المنتدى الاقتصادى المصرى الفرنسى، الذى عُقد أمس، من أجل تعزيز التعاون المشترك ودفع عجلة التنمية الاقتصادية، مضيفاً أنه تم الاتفاق على أهمية تنفيذ جميع محاور الشراكة الاستراتيجية الجديدة، بما فى ذلك الدعم المتبادل للترشيحات الدولية وتعزيز فرص التعاون فى مجالات عدة، مثل توطين صناعة السكك الحديدية، والتدريب الفنى والمهنى، والذكاء الاصطناعى، والأمن السيبرانى، ومنتجات الهيدروجين الأخضر، مع أهمية المباحثات بين مصر وفرنسا فى مجال الهجرة، والتأكيد على ضرورة دعم مصر فى جهودها لمكافحة الهجرة غير الشرعية، فى ظل استضافتها لأكثر من 9 ملايين لاجئ.
ورحَّب السيد الرئيس بالدعم الفرنسى لمصر، الذى أسهم فى اعتماد البرلمان الأوروبى مؤخراً قرار إتاحة الشريحة الثانية من حزمة الدعم المالى المقدم من الاتحاد الأوروبى لمصر بقيمة 4 مليارات يورو، مما يعكس التقدير العميق للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين مصر والاتحاد الأوروبى، مؤكداً أن هذا الدعم يبرز الدور الحيوى الذى تضطلع به مصر كركيزة للاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط وجنوب المتوسط والقارة الأفريقية، مع التطلع إلى سرعة استكمال الإجراءات اللازمة لصرف هذه الشريحة فى أقرب وقت ممكن.
«السيسي»: تحقيق السلام في الشرق الأوسط يتطلب تسوية عادلة للقضية الفلسطينية.. وتوافق «مصري - فرنسي» على إنهاء احتلال إسرائيل لأراضي سوريا.. ودعم جهود لبنان لتحقيق الاستقرار
وناقش السيد الرئيس مع نظيره الفرنسى التطورات المتلاحقة على الساحتين الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الوضع المأساوى فى قطاع غزة، وضرورة العودة إلى وقف إطلاق النار بشكل فورى، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل، فضلاً عن إطلاق الرهائن، مضيفاً أنه تم التوافق بين الجانبين على رفض أى دعوات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم.
واستعرض الرئيسان الخطة العربية للتعافى وإعادة إعمار غزة، واتفقا على تنسيق الجهود المشتركة بشأن مؤتمر إعادة إعمار غزة الذى تعتزم مصر استضافته بمجرد وقف الأعمال العدائية فى القطاع، وتم إطلاع الرئيس الفرنسى على الجهود المصرية المبذولة لحشد الدعم الإنسانى للفلسطينيين فى غزة. وأكد السيد الرئيس مجدَّداً أن تحقيق الاستقرار والسلام الدائم فى الشرق الأوسط سيظل أمراً بعيد المنال ما ظلت القضية الفلسطينية دون تسوية عادلة، وما استمر الشعب الفلسطينى فى مواجهة ويلات حروب طاحنة تدمر مقوماته وتحرم أجياله القادمة من حقها فى الأمل بمستقبل أكثر أمناً واستقراراً، متابعاً: «بحثت مع الرئيس ماكرون سبل تدشين أفق سياسى ذى مصداقية لإحياء عملية السلام، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وأرحب بمختلف الجهود المبذولة فى هذا الصدد». وأضاف أن مباحثاته مع الرئيس الفرنسى تناولت التطورات فى سوريا ولبنان، وتم التأكيد على أهمية الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها، وتم التشديد على ضرورة أن تشمل العملية السياسية خلال الفترة الانتقالية جميع مكونات الشعب السورى، وأهمية إنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى السورية.
وشدد «السيسى» على دعم مصر الكامل للرئيس اللبنانى والحكومة اللبنانية فى جهودهما لتحقيق الاستقرار وتلبية تطلعات الشعب اللبنانى، لافتاً إلى أهمية التزام الأطراف كافة بتنفيذ اتفاقية وقف الأعمال العدائية والامتثال الكامل للقرار الأممى رقم 1701 دون انتقائية.
وأشار إلى أنه ناقش مع «ماكرون» التطورات المتعلقة بملف الأمن المائى، وأكد موقف مصر الثابت بأنَّ نهر النيل هو رابط تاريخى وجغرافى يجمع دول الحوض، وأنَّ مصر تسعى للحفاظ على التعاون بين دول الحوض وتتمسك بالالتزام بقواعد القانون الدولى بما يحقق المنفعة للجميع، مع ضرورة مراعاة خصوصية الاعتماد المصرى الكامل على مياه نهر النيل كونه شريان الحياة لمصر وشعبها.
وتطرَّق السيد الرئيس إلى الأوضاع فى السودان والتطورات الإقليمية فى منطقتى الساحل والقرن الأفريقى، وتم الاتفاق على ضرورة تكثيف التعاون لتعزيز الأمن والاستقرار فى هذه المناطق بما يحقق تطلعات شعوبها نحو مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً، والتأكيد على حرص مصر وفرنسا على استعادة المعدلات الطبيعية لحركة مرور السفن فى قناة السويس المصرية، والحد من اضطرار السفن التجارية إلى اتباع مسارات بحرية بديلة أطول وأكثر تكلفة نتيجة الهجمات التى استهدفت بعض السفن فى مضيق باب المندب بسبب استمرار حرب غزة، موضحاً أنَّ هذا الوضع أسفر عن خسارة مصر 7 مليارات دولار من إيرادات قناة السويس خلال عام 2024، إضافة إلى تأثيره السلبى المباشر على حركة التجارة الدولية وسلاسل الإمداد العالمية.
وتابع: «صديقى العزيز الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، سعدت بلقائكم اليوم وأجدد ترحيبى بكم فى مصر، أُعبِّر عن ثقتى بأنَّ زيارتكم وما شهدناه من توقيع مذكرات تفاهم بين بلدينا فى مختلف القطاعات سيُمثلان انطلاقة جديدة لتعزيز التعاون الاستراتيجى بين مصر وفرنسا، ونحن أمام مرحلة واعدة، حيث نشهد تعزيز أواصر التعاون بما يُحقق المنفعة المتبادلة، وفى القلب منها تعزيز روابط الصداقة التاريخية والمتجذرة بين الشعبين المصرى والفرنسى.. شكراً جزيلاً».
من جانبه قال الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون إن فرنسا جدَّدت التزامها بمواصلة ومتابعة التعاون المالى الثرى لتنفيذ المشروعات الأولوية لمصر التى تسهم فى استقرارها وتنميتها، مشيداً بدور الوكالة الفرنسية للتنمية التى تُعد أول شريك مالى ثنائى لمصر، وتصل التزاماتها إلى 4 مليارات يورو فى مصر منذ 2006. وتابع: «وبمناسبة هذه الزيارة ستوقع الوكالة الفرنسية للتنمية على أكثر من 260 مليون يورو من المنح والقروض لمصلحة الشعب المصرى فى مجالات الطاقة، والنقل، والمياه، والصرف الصحى».
وواصل: «هناك منتدى أعمال فرنسى مصرى سيشهد على العلاقة الاقتصادية الوثيقة بين البلدين، وفرنسا المستثمر الأوروبى الأول خارج قطاع المحروقات فى مصر، وهناك استثمارات بأكثر من 7 مليارات يورو وأكثر من 50 ألف وظيفة خلقتها الشركات الفرنسية».
وأكد أن مجالات التعاون مع مصر كثيرة، منها النقل فى المناطق الحضرية الذى يعزز النمو، خاصة فى مدينة مثل القاهرة، ونحن ملتزمون إلى جانب مصر فى بناء مترو القاهرة منذ 1984، وهذا يستمر عن طريق تحديث القطارات للخط الأول، إذ وصل التمويل إلى مبلغ استثنائى 777 مليون يورو بقروض ميسرة، كما أن مشروع بناء الخط السادس يشكل أولوية لفرنسا ولمصر، وشركاتنا جنَّدت قواها لإنجازه.
وأكد «ماكرون» أن هناك تعاوناً كبيراً مع مصر فى مجال الصحة الذى يندرج فى إطار الجهود التى تبذلها فرنسا والتوقيع على الشراكة فى مكافحة السرطان مع المعهد الفرنسى، وهناك اتفاقات مع شركات ومجموعات فرنسية لتعزيز الشراكة الثنائية بجانب الجهود الإنسانية والصحية التى يبذلها البلدان لمساعدة المدنيين فى قطاع غزة.
وواصل: «قطاع الدفاع فى قلب علاقة الثقة بيننا، وأنتم أول من وثق بالرافال الفرنسية ودول كثيرة تبعتكم بعد ذلك، وهناك شراكة وثيقة سنعززها أكثر بمناسبة هذه الزيارة». وتابع: «هناك تعاون تربوى وجامعى، والمنتدى الفرنسى للتعليم العالى والأبحاث سيكون مرحلة مهمة فى التقارب بين الجامعات والمدارس فى البلدين، وإعادة تأسيس الجامعة الفرنسية فى مصر وبناء الحرم الجامعى الجديد يصب فى هذا الاتجاه، ونلتزم بتطوير المدارس الفرنسية بهدف الوصول إلى 100 مدرسة».
وقال: «شكراً على استقبالكم لنا فى العريش، وسأكون سعيداً جداً بوجودى إلى جانبكم فى هذا الموقع المتقدم لدعم المدنيين فى غزة، وأدين استئناف الضربات الإسرائيلية فى غزة التى تشكل تراجعاً مأساوياً للمدنيين والرهائن والأسر وكل المنطقة، ونوجه نداء للعودة فوراً لاحترام اتفاق وقف إطلاق النار وإطلاق سراح كل المحتجزين من قبَل حماس فى غزة، ويجب استئناف المفاوضات دون تأخير».
مذكرة تفاهم لإنشاء 100 مدرسة فرانكفونية.. و«ماكرون»: مصر أول دولة وثقت فى طائرات الرافال ونسعى لتعزيز التعاون فى الصحة والتعليم.. والوكالة الفرنسية للتنمية أول شريك مالى للقاهرة