«الوطن» تحيي الذكرى الـ101 لميلاده.. الطاهر مكي راهب الأدب الأندلسي

«الوطن» تحيي الذكرى الـ101 لميلاده.. الطاهر مكي راهب الأدب الأندلسي

«الوطن» تحيي الذكرى الـ101 لميلاده.. الطاهر مكي راهب الأدب الأندلسي

وثائق خاصة تُنشر لأول مرة.. تاريخ مصر بخط يد ابن الصعيد

فى الذكرى الـ101 لميلاد الدكتور الطاهر أحمد مكى (1924 - 2017)، نستذكر عالِماً جليلاً أثرى الأدب العربى بإسهاماته العميقة فى الدراسات الأندلسية والأدب المقارن. وُلد فى 7 أبريل 1924 بقرية الغريرة فى الأقصر، حيث حفظ القرآن فى كُتّاب القرية، ثم تخرّج فى كلية دار العلوم عام 1952، وواصل دراساته العليا فى إسبانيا، حيث نال دكتوراه الدولة فى الأدب والفلسفة من جامعة مدريد المركزية عام 1961.

أسهم فى إثراء المكتبة العربية بالكثير من المؤلفات والتحقيقات والترجمات، من أبرز أعماله: «امرؤ القيس: حياته وشعره»، «دراسة فى مصادر الأدب»، كما حقّق كتاب «طوق الحمامة» لابن حزم الأندلسى، وترجم «الحضارة العربية فى إسبانيا» للمستشرق ليفى بروفنسال.

وثيقة نادرة تشهد على ميلاد جامعة جنوب الوادي.. ومقال يطالب فيه بتغيير اسمها

بعض الرجال يعبرون الحياة بصمت، وآخرون يتركون بصماتهم محفورة فى وجدان الزمن، ليس لأنهم حلموا فحسب، بل لأنهم امتلكوا الإصرار على تحويل الحلم إلى واقع، من بين هؤلاء كان الدكتور الطاهر مكى، الرجل الذى سبق زمانه، وأدرك أن العلم ليس رفاهية، بل حق يجب أن يصل إليه كل طالب معرفة، حتى فى أقصى جنوب الوطن.

فى السبعينيات، عندما كانت قنا مجرد محطة عبور للطلاب الحالمين بالتعليم الجامعى، وقف «مكى» شامخاً كصوت لا يهدأ، يكتب فى الصحف والمجلات، ويطرق أبواب المسئولين، مطالباً بإنشاء جامعة تحتضن أبناء الصعيد.

فى البداية لم يلقَ نداؤه سوى التجاهل، لكن إصراره حوَّل المستحيل إلى خطوة أولى، حين صارت ثلاث كليات فى قنا فرعاً تابعاً لجامعة أسيوط، لم يرضَ بذلك، ولم تهدأ روحه حتى تحقق الحلم الأكبر فى عام 1995، بولادة جامعة جنوب الوادى، ككيان مستقل يحمل هوية الصعيد وكرامته العلمية.

اليوم، كل قاعة فى هذه الجامعة، وكل طالب يعبر أروقتها، هو شاهد على رجل لم يكتفِ بأن يحلم، بل ناضل حتى صار الحلم واقعاً.

فى مقال له بعنوان «قنا.. من الغابة إلى الجامعة» بتاريخ 21 نوفمبر 1991 قال: «واليوم، وأنا أعود إلى قنا فى خريف العمر، أجد أن تلك الغابة أثبتت أن الصحراء ليست قاحلة كما نتصور، بل تنتظر فقط العقول المبدعة والإرادة الصلبة، حولها نشأت مزارع خاصة، تنتج الفواكه والخضراوات، لكن لا يزال هناك حلم أكبر: ماذا لو منحنا شباب قنا أراضى صغيرة ليحولوها إلى مزارع منتجة؟ ماذا لو امتد المشروع إلى مشارف الصحراء؟ وهل يمكن أن يكون هذا الامتداد نواة لجامعة جديدة، تُقام على هذه الأرض، تحمل الأمل للأجيال القادمة؟ ربما يكون هذا هو اللقاء المرتقب بين الغابة والجامعة، فالمقال القادم موعدنا مع القصة والأمل.

وفى 28 نوفمبر تحدَّث تحت عنوان «جامعة قنا.. البداية والأمل» عن تطور الجامعات فى مصر، خاصة فى الصعيد، حيث بدأت الفكرة مع إنشاء فروع للجامعات فى الإسكندرية وأسيوط، لكن قنا واجهت صعوبات فى الحصول على جامعة مستقلة، مؤكداً أنه رغم الجهود المبذولة منذ السبعينيات ظلت الجامعة تابعة لأسيوط لفترة طويلة بسبب بُعد المسافة وضعف الدعم الإدارى، ومع مرور الوقت تحققت بعض الإصلاحات مثل تعيين نائب لرئيس الجامعة، مشيراً إلى أن هناك تطلعات مختلفة عبر إنشاء كليات جديدة ودمج المعاهد العليا لتعزيز دورها الأكاديمى.

فى مقال آخر بعنوان «جامعة طيبة.. لا جنوب الوادى» طالب بتغيير الاسم متسائلاً: هل يعبِّر اسم «جامعة جنوب الوادى» عن الهوية المصرية؟ ويرى أنه اسم عام وغير معبِّر عن خصوصية المنطقة التى تضم محافظات ذات عمق تاريخى وحضارى، مثل قنا، الأقصر، وأسوان، التى تزخر بتراث فرعونى فريد.

وثيقة

وثيقة أخرى.. خطاب مرسل من محافظ قنا إلى الطاهر مكي معنون بـ«سري»

ودعا لإعادة النظر فى الاسم، واقتراح أسماء أكثر ارتباطاً بالهوية المصرية، مثل جامعة طيبة، جامعة الكرنك، أو جامعة قنا، وهى أسماء مستوحاة من الحضارة المصرية القديمة، وتعكس الطابع التاريخى للمنطقة. وقال إن اختيار اسم مناسب للجامعة ليس مجرد مسألة شكلية، بل هو جزء من ترسيخ الهوية الثقافية، وإبراز مكانة هذه المحافظات كمراكز للحضارة المصرية عبر العصور.

كما أن الجامعات المصرية الكبرى، مثل جامعة القاهرة، وجامعة عين شمس، وجامعة الإسكندرية، تحمل أسماء تعبِّر عن عمقها الحضارى وتاريخها العريق، وهو ما يستدعى أن تحظى جامعة جنوب الوادى باسم يعكس أصالة المنطقة التى تخدمها.

ما طالب به الدكتور الطاهر أحمد مكى رحمه الله قبل عشرات السنين، تحقق مؤخراً بعد تغيير اسم الجامعة رسمياً فى نهاية فبراير الماضى، لتتحول من «جنوب الوادى» إلى جامعة قنا.

وفى خطاب رسمى من رئيس جامعة القاهرة يحمل رقم 3280 صادر بتاريخ 1/ 11/ 1984، جرى انتداب الأستاذ الدكتور الطاهر أحمد مكى وكيل كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، بالإشراف على قسم اللغة العربية بكلية الآداب بمركز التعليم الجامعى بقنا.

تلك الوثيقة النادرة تكشف عن تكليف رسمى من رئيس الجامعة آنذاك، مذيَّلة بتوقيع (دكتور عبدالرازق حسن)، مشيراً خلالها الراحل إلى مشروع الجامعة الوليدة اعتباراً من 1/ 10/ 1984، بعد موافقة عميد كلية دار العلوم.

وفى وثيقة أخرى (خطاب مرسل من محافظ قنا إلى الطاهر مكى معنون بـ«سرى»)، جاء فيه:

السيد الأستاذ الدكتور الطاهر أحمد مكى

تحية طيبة وبعد،

وصلتنى رسالتك الرقيقة صباح اليوم، فبارك الله لك وجزاك خيراً، أسعدنى ما تناولته مقالتك فى «الأهرام» الغراء، والتى جاءت معبرة عن رؤية سديدة تتوافق تماماً مع ما كنت أفكر فيه. طالعتُ طرحك بشأن جامعة الصعيد، وأود أن أوضح أننا لا نسعى لإنشاء جامعة جديدة أو تحميل الدولة أعباء إضافية، وإنما نهدف إلى توحيد الجهود وجمع شتات المؤسسات التعليمية لتكوين صرح أكاديمى قوى يخدم أعلى الوادى. أما حديثك عن إنشاء كلية لدار العلوم فى المحافظة فقد أثلج صدرى، فهلاً شمَّرت عن ساعديك، أنت والزملاء، لوضع اللبنات الأولى لهذا المشروع فى مسودة متكاملة تصلنى فى أقرب وقت، لنبدأ معاً السير نحو تحقيق هذا الهدف، حتى ألتقى بسطوركم، تقبلوا منى خالص التقدير، وكل عام وأنتم بخير.. وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.

المستشار/ عبدالرحيم نافع 23/2/1992.

صيحته في الانتخابات البرلمانية: من أجل مستقبل التعليم الجامعي

وكانت صيحته القوية ودعوته المخلصة من أجل التعليم الجامعى، خاصة للشباب، حين خاض الانتخابات البرلمانية مستقلاً فى قنا عام 1987، كانت الدائرة الانتخابية تمتد من أبوتشت حتى إسنا، دائرة شاسعة ومعقدة قبلياً وعرقياً، حيث يبلغ طولها نحو 200 كيلومتر، ورغم الحملة الانتخابية القوية، كاد أن يفوز على مرشح الحزب الوطنى، فى تلك اللحظة كانت رسالته للشباب واضحة وقوية: «إخوانى أبناء شباب قنا، من أجل مستقبل التعليم الجامعى واستكمال التخصصات فى جامعة قنا، لتخفيف عبء المال والاغتراب عن الأهالى».

وثائق خاصة تٌنشر من أوراق الطاهر مكى

ووسط أصداء الزمن البعيد، يظهر كنزٌ مخطوطٌ نادر، يحمل بين طياته صفحات لم تُطبع بعد، عن رجلٍ أضاء تاريخ الشرق ببطولاته وحكمته، ألا وهو صلاح الدين الأيوبى، تلك الشخصية التى تركت بصماتها فى وجدان كل من تعمّق فى سيرة الأمة، وقرّبته أفعاله من قلب تاريخنا المجيد، ما بين سطور هذا المخطوط يكمن سرٌ غامض، كأنما يعيدنا إلى أزمنةٍ خلت، ليُشهدنا على تفاصيل لا تقدر الكلمات وحدها على التعبير عنها، تفاصيل كتبها التاريخ بيد من نار، وأسطورة خُلدت فى صدور الأمم.

هذا المخطوط، الذى يحمل بين طياته إضاءات نادرة، ليس فقط عن بطلٍ من أبرز أبطال الأمة، بل هو أثرٌ فنى قلّ نظيره، بخط يد العلامة الراحل الدكتور الطاهر أحمد مكى رحمه الله، يكمن تاريخٌ غير مطبوع، يشكل ركناً جديداً فى فهم شخصيته العميقة.

«مكى» الذى لا تزال آثاره العلمية والفكرية تضىء دروب الأدب والنقد، يكتب لنا عن صلاح الدين من زاوية تتسم بالرصانة والتأمل، وبأسلوبه المميز الذى يعكس أفقاً رحباً فى فهم التاريخ، بدءاً من الغلاف الذى يحمل عنوان «صلاح الدين الأيوبى فى الآداب الأوروبية».

وثائق خاصة تنشر من أوراق الطاهر مكي

وثيقة

صفحاتٌ لا تزال مطوية بين أوراق التاريخ، تنتظر أن يُكشف عنها الستار ليعاد لها الحياة، وليعود من خلالها الحظ الذى يستحقه هذا البطل الأسطورى الذى خلده التاريخ.

عنوان مخطوط صلاح الدين

وثَّق بطولات صلاح الدين الأيوبي في كتاب غير مطبوع

إن هذا المخطوط ليس مجرد دراسة تاريخية، بل شهادة حية على فكرٍ عميقٍ وعشقٍ غير محدود للأمة وتاريخها، فكل كلمة فيه تصدر من قلب عالم فذ، مثل الدكتور الطاهر مكى، لتشع وتغنى الذاكرة التاريخية بكل معانى الفخر والعظمة.

يقول الراحل في صفحة تحمل رقم (1):

لكى نفهم الحروب الصليبية جيداً من الضرورى أن نعى سوابقها والأحداث التى كانت تلف أوروبا فى القرن العاشر الميلادى، علمانيون ورجال دين، كانت الفوضى والصراعات تعم كل البلاد الأوروبية، بين الأمراء والإقطاعيين ورجال الدين. وبين هذا الطوفان من الفتن والقلاقل والثورات، كانت الكنيسة تحاول إقامة ما أسمته «سلام الله»، وبمقتضاه يصبح رجال الدين من قسس ورهبان محصَّنين ولا يُعتدى عليهم، وامتدت هذه الحصانة إلى الرعية، والعلمانيين الذين هم فى خدمة الكنيسة، والتجار والرحالة. فى البدء حملوا أسماء الأمكنة التى من الممكن أن يدخلوها وهم يحلمون أسلحة، وفى مقدمتها الكنائس وما يحيط بها.

عنوان مخطوط صلاح الدين

وفى صفحة أخرى كتب:

نتأمل من وجهة النظر هذه شخصية البطل صلاح الدين الأيوبى كما تقدمه لنا الآداب الرومانية فى القرنين الثالث عشر والرابع عشر فى إسبانيا وفرنسا وإيطاليا، وكل واحد من هذه الشعوب الثلاثة استخدم الأخبار التى وصلته من سلطان مصر أو بابليون كما يُذكر فى كثير من الأحيان، يستخدم الرسام ألوان لوحته والأشكال المجازية التى تعرض فى خياله، وكل شعب ضغط فى هذه الحالة على الجوانب والقيم التى كانت محبَّبة أكثر لديه، وصمت أو رفض ما هو غير مناسب أو متفق مع وظيفة مقره الحيوى.

وتجىء الحياة دائماً نتيجة اللعب بين ما هو مطلوب وما هو مرفوض، وباصطلاح آخر اللعب بين ما هو ممكن وما هو ممكن بصعوبة لكل تغير دقيق فى حياة الإنسان وفى نفسها، فإن المادة الأدبية لموضوع صلاح الدين هى مادة الدمية فى مسرح العرائس عندما ينتهى العرض، وللشىء نفسه فإن تكوين وقائع جديدة لا يجعلنا نفهم المدى ولا معنى المعالجة الأدبية لصلاح الدين.

عنوان مخطوط صلاح الدين

وهكذا رحمه الله، كانت حياته نموذجاً للتفانى فى خدمة العلم والأدب، وكان له دور كبير فى إثراء الفكر العربى والإسلامى، نضاله المستمر من أجل رفعة العلم كان شاملاً، حيث سعى بكل جهد لتحسين واقع التعليم فى مصر، وخاصة فى محافظات الصعيد، لم يتوقف عن المطالبة بتوفير الفرص التعليمية لأبناء هذه المناطق، وكان من أبرز مطالباته إنشاء الجامعات فى الصعيد، ليحظى أبناء تلك الأراضى بفرص علمية متساوية مع باقى المناطق، سيظل إرثه العلمى والتربوى خالداً، وجهاده الفكرى منارة لأجيال قادمة.

«شمس الله تُشرق على إسبانيا».. إعادة إحياء مجد الأندلس فى الذاكرة الإنسانية

عندما يقدم العلامة الطاهر أحمد مكى كتابه «شمس الله تُشرق على إسبانيا.. دراسات فى الحضارة والفكر والأدب»، يشعر القارئ كأنه يستعيد ألق الحضارة الإسلامية فى الأندلس، الكتاب، الذى تم نشره فى 2024، يتضمن 31 دراسة تتناول أوجه الفكر والعلم فى الأندلس، وتحليل شخصيات وأحداث فريدة مثل «كسيلة: العربية المسلمة المقدسة لدى المسيحيين الإسبان»، و«ابن قزمان والتواصل الحضارى بين العرب وأوروبا عبر الأندلس».

طرح رؤية شاملة لتأثير الحضارة الأندلسية على الثقافة الأوروبية

يطرح «مكى» رؤية شاملة لتأثير الحضارة الأندلسية على الثقافة الأوروبية، ويكشف ما تم طمسه فى السرد التاريخى الغربى، ليُعيد إحياء مجد الأندلس الذى لا يزال حاضراًً فى الذاكرة الإنسانية.

فتح الأندلس: معجزة التاريخ وسرعة البرق

كان فتح الأندلس أحد أعظم الأحداث فى تاريخ الفتوحات الإسلامية، إذ لم يكن مجرد توسع عسكرى، بل كان تحولاً حضارياً سريعاً، فإسبانيا القوطية كانت مفككة، يعصف بها الفساد والانقسامات، وكان سقوطها أمام قوة الحضارة الإسلامية أمراً حتمياً، الفتح لم يكن سوى صدمة ثقافية لحضارة مزدهرة دخلت شبه الجزيرة الأيبيرية، ليُكتب التاريخ من جديد بمداد عربى.

سقوط غرناطة: خيانة الداخل قبل غزو الخارج

سقوط غرناطة لم يكن مجرد هزيمة عسكرية، بل كان نتيجة للخيانة الداخلية، حيث خان مستشارو ووزراء المدينة مقاومتها وسلموها دون قتال، فى يناير 1492، عندما سلم أبوعبدالله الصغير مفاتيح المدينة، كان يودع آخر ممالك الإسلام فى الأندلس، ومع مرور الزمن، أصبح سقوط غرناطة نقطة فارقة فى التاريخ الإسبانى، حيث طُويت صفحة عظيمة من التاريخ العربى الإسلامى، وظلت الذاكرة الثقافية لهذه الحقبة محط نقاش طويل.

وثيقة

إسبانيا بعد الأندلس: منارة خافتة

بعد سقوط الأندلس، انطفأ نور الحضارة الإسلامية، وانغمس التاريخ الإسبانى فى سرد مغلوط. لم يكن الاحتفال بسقوط غرناطة فى عام 1992 مجرد نصر، بل كان طمساً لتاريخ عريق، بينما كانت أوروبا تحتفل بتوسعها، كانت الحقيقة تكمن فى أن النهضة الأوروبية لم تبدأ بعد سقوط غرناطة، بل بدأت به.

طارق بن زياد والطريق الأبدى إلى الأندلس

عندما عبر طارق بن زياد مضيق جبل طارق فى 711م، لم يكن مجرد فاتح بل كان قائداً محورياً فى إعادة تشكيل التاريخ والجغرافيا، وقد ظل هذا الطريق، الذى سلكه لأول مرة، محفوراً فى الذاكرة الاستراتيجية، حتى تبعه الجنرال فرانكو فى 1936م، ففتح الأندلس لم يكن مجرد معركة عسكرية بل بداية تحول حضارى كبير.

قرطبة: تنوع لغوى وثقافى

كانت قرطبة فى الأندلس مدينة تسامح فكرى، حيث التقى الشرق بالغرب وتنوعت اللغات والثقافات، فكانت منارة علمية لليهود والمسلمين على حد سواء، شهدت هذه المدينة انتعاشاً ثقافياً، حيث نشطت حركة الترجمة من العربية إلى العبرية، ما منح الفكر العبرى إشراقة جديدة.

ابن حزم: الباحث عن الحقيقة

وُلد ابن حزم فى قرطبة فى زمن الأندلس المزدهر، ليصبح أحد أعلام الفقه والفكر، رغم الجدل حول أصوله، كان ابن حزم متمرداً فكرياً يسعى دوماً للبحث عن الحقيقة، ويعكس المزيج الأندلسى المميز بين عقول مختلفة، ما جعل من الأندلس عصراً من الازدهار الفكرى والتسامح.

ابن عربى: بين الزهد والتصوف

ابن عربى، الذى وُلِد فى مرسية فى 1164م، عاش رحلة روحية فريدة، حيث تنقل من حياة الرفاهية إلى الزهد والتصوف، كان «الشيخ الأكبر» فى التصوف، مُبتكراً فى الفكر الإسلامى، يتنقل بين عوالم العرفان، ويصوم روحه عن كل ما يعوقها عن الوصول إلى النور الإلهى.

ابن رشد: الفقيه الذى رأى فى النحو مفتاح الفكر

ابن رشد لم يكن فقط فيلسوفاً وطبيباً، بل كان أيضاً نحوياً بارعاً يرى فى النحو أداة لتنظيم الفكر وفتح أبواب المعرفة، فى فكره، كان النحو هو الهندسة التى تشكل الأساس لأى تفكير منطقى وصحيح.

غياب النور

بعد سقوط غرناطة، تحولت إسبانيا من منارة حضارية إلى هامش فى أوروبا، حيث جرى طمس ما شهدته من تقدم علمى وثقافى. هذا التاريخ، الذى غُيّب عمداً، ظل محفوراً فى الذاكرة، رغم محاولات طمس الحضارة التى تركها العرب فى أوروبا.


مواضيع متعلقة