«القاهرة» تحشد لعقد مؤتمر دولي لـ«تعافي قطاع غزة» في أبريل

«القاهرة» تحشد لعقد مؤتمر دولي لـ«تعافي قطاع غزة» في أبريل
تواصل مصر دعمها للقضية الفلسطينية على كافة الأصعدة، من خلال تقديم حلول ومقترحات من شأنها تحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة، إذ تشمل الرؤية المصرية العديد من النقاط، أهمها مقترح خطة إعادة أعمار غزة، دون تهجير الفلسطينيين من أراضيهم.
وجاء ضمن الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة أن مرحلة التعافى المبكر ستستغرق ستة أشهر، وتشمل إزالة الأنقاض وتركيب مساكن مؤقتة، بينما ستستغرق عملية إعادة الإعمار بالكامل نحو خمس سنوات، كما تتألف الخطة من 112 صفحة، تتضمن خرائط توضح آلية تطوير أراضى غزة، إلى جانب عشرات الصور الملونة التى تم إنشاؤها باستخدام الذكاء الاصطناعى، لتصوير مشروعات الإسكان والحدائق والمراكز المجتمعية، كما تشمل الخطة إنشاء ميناء تجارى، ومركز للتكنولوجيا، وفنادق على الشاطئ.
وتتكلف المرحلة الأولى من الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة 20 مليار دولار، بينما تصل تكلفة المرحلة الثانية إلى 30 مليار دولار، كما تنص الخطة على أن المرحلة الأولى، التى ستستغرق عامين، ستشهد بناء 200 ألف وحدة سكنية، فى حين أن المرحلة الثانية، التى تمتد لعامين ونصف، ستشمل إنشاء 200 ألف وحدة سكنية أخرى، إضافةً إلى مطار فى غزة، وبذلك تبلغ التكلفة الإجمالية لإعمار قطاع غزة وفق الخطة المصرية نحو 53 مليار دولار، ومن المقرر أن تعقد القاهرة مؤتمراً دولياً من أجل التنسيق لإعادة إعمار غزة فى أبريل المقبل.
وأكد د. بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية، ضرورة حشد جهود المجتمع الدولى للمؤتمر، الذى سوف تستضيفه مصر بالتعاون مع الأمم المتحدة لإعادة الإعمار فى غزة، لتقديم كافة أشكال الدعم بما يسهم فى استعادة الخدمات الأساسية، والشروع فى أنشطة التعافى المبكر وإعادة تأهيل البنية التحتية فى قطاع غزة.
وشدد وزير الخارجية على أهمية تكثيف دعم المجتمع الدولى والمنظمات الأممية للفلسطينيين فى غزة خلال المرحلة المقبلة بعد وقف إطلاق النار ودخول المساعدات للقطاع.
وقال الصحفى الفلسطينى ثائر أبوعطيوى، مدير مركز العرب للأبحاث والدراسات فى فلسطين، إن مصر هى الحاضنة الوطنية للقضية الفلسطينية والرافعة السياسية لتطلعات الشعب الفلسطينى، والداعم العربى الأساسى والرئيسى على كافة الأصعدة والمستويات، الأمر الذى يجعل من مصر قبلة الفلسطينيين جميعاً، التى تمتاز بالثقة غير المحدودة، منذ نشأة الثورة الفلسطينية إلى يومنا هذا، سواء من خلال قيادة مصر لجولات المصالحة، وتقديم الخطة المصرية لإعادة الإعمار، مشيراً إلى أن مصر دائماً فى خط الدفاع الأول فى حماية الشعب الفلسطينى وتعزيز قدراته وصموده، وهذا ما كان وما زال واضحاً منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، مؤكداً أن إعادة الإعمار هى السبيل للاستقرار فى المنطقة.
وتابع أبوعطيوى، فى تصريحات لـ«الوطن»، أن الموقف الرسمى والشعبى المصرى وطرح خطة إعادة إعمار طموحة كان له أثر نفسى إيجابى كبير فى نفوس الشعب الفلسطينى، وهذا من خلال مخرجات بيان قمة القاهرة، التى جاءت مؤكدة وعبر إجماع عربى موحد، على ضرورة الوقوف بجانب الشعب الفلسطينى وعدالة قضيته وحماية تطلعاته وتقديم يد العون والمساعدة على كافة الصعد والمستويات، بالإضافة إلى دعم الشق السياسى الفلسطينى فى ضرورة تحقيق أهدافه فى الحرية والاستقلال وإقامة دولته المستقلة، مشيراً إلى أن اعتماد الدول العربية بالإجماع للخطة المصرية للبناء والإعمار التى جاءت فى قمة القاهرة دليل ثابت وواضح على مصداقية مصر بالوقوف المتواصل مع الشعب الفلسطينى، إذ جاءت خطة الإعمار والبناء شاملة وكاملة ضمن معايير ومحددات مصرية عربية توافقية تلبى رغبات شعبنا، فى ظل حجم الدمار الكبير الذى لحق بسكان قطاع غزة على المستوى الإنسانى والعمرانى، حيث وضعت مصر خطة إعمار وبناء من أجل العمل على حالة إنقاذ عاجلة وسريعة لأكثر من مليون ونصف نازح ومشرد، تم تدمير منازلهم جراء قصف طائرات ودبابات الاحتلال.
وأشار «أبوعطيوى» إلى أن مصر كانت وما زالت تتمسك بحماية تطلعات وحقوق سكان قطاع غزة، عبر تفعيل دور مفاوضات صفقة التبادل التى تعثرت، والتى بسبب تعثرها تمت العودة لاستئناف الحرب مرة أخرى، الأمر الذى جعل مصر كعادتها تفتح نوافذ الأمل وآفاق العمل من جديد من أجل المضى قدماً بمفاوضات صفقة التبادل عبر تقديم مقترح جديد يعمل على إيجاد حلول بديلة وسريعة لإيقاف الحرب، عبر هدنة إنسانية مؤقتة تكون بوابة العبور لاستدامة الهدوء والاستقرار، وضمان مواصلة جهود المفاوضات المكثفة من أجل الوصول فى المحطة الأخيرة التفاوضية لإنهاء الحرب بشكل دائم ونهائى عن قطاع غزة، الأمر المهم والأكثر أهمية لمواصلة مصر مشروعها عبر خطتها للإعمار والبناء.
وأكد أن الخطة المصرية لعملية البناء والإعمار التى حظيت بموافقة ومباركة عربية، تعتبر فى ذات الوقت ومن خلال العمل على تنفيذها فى اليوم التالى للحرب حماية إنسانية وسياسية لسكان قطاع غزة من المخططات الإسرائيلية التى تهدف إلى محو القطاع من على الخارطة الإنسانية والسياسية، من خلال التهجير والترحيل عبر تحقيق أكبر نسبة دمار كامل تجعل من سكان غزة عنوانهم اليأس وغير قادرين على استمرار العيش بها، من أجل حماية الشعب الفلسطينى وتطلعاته وتحقيق رغباته وطموحاته الإنسانية والسياسية، إذ لا بد هنا على كافة الدول العربية جميعاً تقديم الدعم والمؤازرة الكاملة والمتواصلة لجمهورية مصر العربية وعلى كافة الصعد والمستويات، من أجل ضمان النجاح والاستمرار للوصول لواقع فلسطينى فى قطاع غزة أفضل، وهذا من خلال دعم جهود مصر فى مفاوضات صفقة التبادل من أجل إيقاف الحرب والبدء الفورى والمباشر فى عملية البناء والإعمار.
وأشار إلى أن استئناف الحرب الإسرائيلية مجدداً على قطاع غزة والتعنت الإسرائيلى الواضح برفضه أى حلول تفاوضية واستمراره فى مواصلة الحرب والعدوان بالتأكيد يقوض جهود مصر ويحاول إفشالها من أجل وضع العراقيل والمعوقات أمامها، لإيقاف التقدم فى مسيرة التفاوض الحالية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فلسطينياً، ولهذا لا بد من تلاحم عربى يدعم مصر ويعطيها الأمل فى مواصلة جهودها، وهذا من خلال اجتماع عربى تحت مظلة جامعة الدول العربية لوزراء الخارجية العرب، عنوانه الأساسى والرئيسى دعم جهود مصر لمواجهة التحديات وتحقيق الإنجازات من أجل تحقيق أمل سكان قطاع غزة فى وقف الحرب وإعادة الإعمار والبناء، وهذا من خلال مشروع عربى يناقش ويطرح بشكل مفصل وتكاملى كافة تفاصيل الخطة للبناء والإعمار ورصد الموازنة المقررة لها، من أجل أن تتقدم مصر فى سير مفاوضات صفقة التبادل، وتعمل على إنجاز خطة الإعمار والبناء لقطاع غزة خلال مدة زمنية محدودة، تجعل سكان القطاع يعودون للحياة من جديد بعد الموت على المستوى الإنسانى والعمرانى.
من جانبه قال صالح الطراونة، الكاتب والباحث الأردنى، إن صعوبات كبيرة تواجه الدول العربية التى تسعى إلى تعزيز الموقف الفلسطينى، فى ظل التحديات المستمرة التى يفرضها الاحتلال الإسرائيلى خاصة بعد عودة الحرب مجدداً إلى قطاع غزة، وذلك خلال العديد من المبادرات والخطط، أبرزها الخطة المصرية المدعومة عربياً لإغاثة وإعادة إعمار قطاع غزة، التى على الرغم من الدعم العربى الكبير لها، تظل القدرة على تنفيذ هذه الخطة مرهونة بالعديد من العوامل الداخلية والخارجية التى قد تؤثر على تحقيق أهدافها.
وأكد الطراونة أن الخطة المصرية المدعومة عربياً تمثل خطوة مهمة لتعزيز الموقف الفلسطينى، خاصة فى مواجهة تحديات الاحتلال الإسرائيلى وسياسات التهجير التى سعت إدارة ترامب إلى دعمها، بجانب أنها تهدف أيضاً إلى تثبيت ما تم الاتفاق عليه مسبقاً مع الجانب الإسرائيلى، وتمهيد الطريق لبدء عملية إعادة إعمار ما دمره الاحتلال فى قطاع غزة، علاوة على أنها سوف تسهم فى تحسين الأوضاع المعيشية التى تفاقمت جراء الحرب الإسرائيلية الأخيرة، التى استمرت نحو عام ونصف.
وأشار الطراونة إلى أن السؤال الأهم فى الوقت الحالى هو ماذا بعد عودة هذه الحرب مجدداً؟ وبالتالى آن للقادة العرب سرعة التحرك نحو أوروبا، وهو ما سعى له السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى وأكده فى أكثر من مناسبة بأهمية تبنى الخطة العربية لإعادة الأعمار، وما بادر به الملك عبدالله الثانى الذى سوف يقوم بزيارة إلى ألمانيا ودول أوروبية أخرى للحصول على الدعم الذى يسمح بوقف آلة الحرب الإسرائيلية الدائرة الآن فى قطاع غزة، مؤكداً أن الخطة المصرية إذا نُفذت بدقة وبالتعاون مع الأطراف المعنية، قد تمثل نقلة نوعية تسهم فى تحسين الواقع الفلسطينى وتعزيز صمود الشعب فى مواجهة الاحتلال، ويتطلب نجاح الخطة حواراً جاداً وتوافقاً إقليمياً ودولياً لتوفير فرص مستقبل أكثر استقراراً وأقل عرضة للاضطرابات.
وأوضح أن تنفيذ خطة إعادة الإعمار مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالوصول إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، معولين على جهود الوسطاء للدفع نحو وقف الحرب، إذ إن «محاولات الترويج للخطة ستستمر رغم الضربات الإسرائيلية، ورغم عدم وجود إشارات واضحة من تل أبيب وواشنطن لدعم إعادة الإعمار»، وهو ما شدد عليه السيد الرئيس السيسى الأسبوع الماضى وأمير الكويت على «ضرورة اضطلاع المجتمع الدولى بمسئولياته للدفع تجاه الوقف الفورى لإطلاق النار، وتنفيذ حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية على خطوط 4 يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، بما يعد الضمان الوحيد للتوصل للسلام الدائم بالشرق الأوسط».