علي جمعة: الله خارج الزمان والمكان ولا يسأل عما يفعل

علي جمعة: الله خارج الزمان والمكان ولا يسأل عما يفعل

علي جمعة: الله خارج الزمان والمكان ولا يسأل عما يفعل

أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن القضاء والقدر من المفاهيم الأساسية التي يجب على المسلم إدراكها جيدا، لفهم طبيعة الحياة وأحداثها، مشيرا إلى أن الإنسان مأمورٌ بأخذ الأسباب، لكن النتيجة دائمًا بيد الله سبحانه وتعالى، وهذا لا يتعارض مع الإيمان بالقضاء والقدر، بل يعززه.

الله سبحانه وتعالى هو الخالق

وأوضح عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، خلال حلقة بودكاست «مع نور الدين»، المذاع على قناة الناس، اليوم الأحد: «هذه الدنيا ليست ملكا لنا، وهذه هي حقيقة القضاء والقدر؛ أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق، وأن هذا الكون بأسره من سمائه وأرضه وزروعه وإنسانه وحيوانه، إنما هو من خلق الله سبحانه وتعالى، قال الله تعالى: (هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه)، والحقيقة أنهم لم يخلقوا شيئًا، فالخالق الحقيقي هو الله، وهذا الكون ملكٌ لله، فعال لما يريد، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، فهذه حقيقة القضاء والقدر، أن الله خالق كل شيء».

وأضاف: «هذا لا يعني أن الإنسان يصعب عليه تصوره، لكنه يرى نفسه غير قادر على الخلق والإيجاد، بل حتى على رعاية ما يصنعه، فهو لا يستطيع أن يرعى الشيء الذي صنعه بيديه حتى النهاية، بل يحتاج إلى غيره من إخوانه ليعاونوه في الرعاية والعناية، فالله هو المحيي والمميت، وهو على كل شيء قدير».

وتابع الدكتور علي جمعة: «حتى نفهم شيئًا من القضاء والقدر ونفهم الفرق بينهما، ينبغي علينا أن نتصور أن هذا الكون ككرةٍ داخلها زمان: سنين تمر، وأيام، وشهور، ودوران أفلاك، فكلما دار الفلك حول الفلك، نحسب سنة، فيقال: سنة الأرض 365 يوما، وسنة المشتري كذا، وسنة المريخ كذا، وهكذا، فالزمن هو الفترة بين متغيرين، وهذه هي حقيقة الزمان، وهو موجود عندنا فقط، وكذلك المكان، فنحن نوجد في مكان، والغرفة التي نحن فيها مكان، ونحن فيها مكينون، فهناك ظرف ومظروف: الظرف هو الشيء الخارجي، والمظروف هو ما بداخله، كالورقة التي نضعها داخل الظرف، فمثلًا: الكوب ظرف، والماء داخله مظروف، وكل ما حولنا كذلك، فيه زمان ومكان».

الرب رب والعبد عبد وهناك فرق بين الخالق والمخلوق

وأوضح مفتي الديار المصرية الأسبق، أن «الله خارج هذه الكرة، ولله المثل الأعلى، فهو خارج الزمان والمكان، ولذلك يسمونه في الفلسفة الإله المفارق، أي ليس داخل هذه الكرة، وليس حالًّا فيها، وليس جزءًا منها، ولا هي جزءٌ منه، فالرب رب، والعبد عبد، وهناك فرق بين الخالق والمخلوق، تصوَّر الآن أن الله ليس حوله زمان! صعب، أليس كذلك؟، الصعوبة تأتي من أننا داخل الزمان، فكيف نجرده لهذا التجريد العالي حتى ننفي ما نحن فيه؟، هذا يتطلب أن نتخيل انتفاء الزمان والمكان».

وأردف: «لقد ضربنا مثلًا سابقًا بورقة البَفْرَة، التي لو طُويت 48 مرة، لوصلت من هنا إلى القمر! لكن من الصعب تصور ذلك، لأن كلما حاولنا تخيُّلها، بدت صغيرة، ومع ذلك، الرياضيات تثبت أنها تصل إلى القمر، ونحن نصدق الرياضيات، لأنها لا تكذب، إذًا، يمكننا أن نصدق أن الله خارج الزمان، وهذه مسألة أساسية جدًا، ولذلك كانت آية الكرسي من أعظم آيات القرآن: "اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ"، أي أنه لا ينام ولا يحتاج إلى النوم، لأنه ليس في زمن، وله ملك السموات والأرض.

الله خارج الزمان والمكان

وشدد «جمعة» على أن «الله خارج الزمان والمكان، وليس كائنًا محدودًا مثلنا، لأن التشخيص يجري عليه التغير، والله منزه عن ذلك، فهذه الأمور 4 صفات للمخلوقات: الزمان، والمكان، والتشخيص، والتحولات، والله بخلاف ذلك، فهل يمكن التصديق بهذا؟، نعم، يمكن التصديق به، لكن، هل يمكن تصوره؟ يصعب… يصعب جدا!، ولهذا، يعاني كثير من الناس من عدم فهم القضاء والقدر، لأنهم يخلطون بين التصور والتصديق».