جرائم «CIA» غلفت القضية بالغموض.. 3 سيناريوهات في الوثائق السرية لاغتيال «أكثر الرؤساء شعبية»

جرائم «CIA» غلفت القضية بالغموض.. 3 سيناريوهات في الوثائق السرية لاغتيال «أكثر الرؤساء شعبية»
أثار القرار التنفيذى الذى وقّعه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالإفراج عن 80 ألف وثيقة من تحقيقات اغتيال الرئيس الأمريكى الأسبق جون إف كينيدى، حالة من الجدل، وسلطت الضوء بشكل كبير على مصادر وأساليب وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، بعد سنوات من الحجب، أدت إلى انتشار نظريات المؤامرة حول اغتياله.
«أسوشيتد برس»: الوثائق الأولية لم تُبرز أى معلومات تعارض استنتاج أن «أوزوالد» كان الجانى الوحيد
وكشفت الوثائق بعضاً مما يتعلق بتورط وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) فى الاغتيال، فقد كانت الوثائق المنشورة بشأنها هى الأكثر إثارة، فى ظل عدم تقديم الوثائق حقائق مبهرة تخالف ما نُشر سابقاً، وهو ما برّره «ديفيد ج. غارو»، المؤرخ الذى لديه خبرة عميقة فى ملفات الاستخبارات، بأن السرية لم تكن وراء اغتيال كينيدى، بل قائمة الأفعال السيئة التى ترتكبها الوكالة الاستخباراتية، والتى كشفتها الوثائق، ومنها على سبيل المثال، أن الوثائق تتطرق إلى ملخص لتقرير سرى من وكالة الاستخبارات المركزية عام 1975، يتناول حالات قد تكون فيها الوكالة قد تجاوزت ولايتها، ولكن هناك إشارات إلى رؤساء المحطات، والاقتحامات فى الخارج، والمراقبة غير القانونية، وعمليات حساسة للغاية، وفقاً لـ«نيويورك تايمز».
«غارو»: سرية الأوراق لم تكن بسبب الاغتيال ولكن نتيجة قائمة الأفعال السيئة لوكالة الاستخبارات المركزية
وسلطت الوثائق الضوء على مصادر وأساليب وكالة الاستخبارات المركزية، وهو ما أثار الشكوك حول أن السرية حول تحقيقات الاغتيال لم تكن حول عملية الاغتيال نفسها، بل لحماية المصادر وأحياناً الممارسات المشبوهة لعمليات الاستخبارات الأمريكية، وبدلاً من كشف حقيقة ما ادعاه «كينيدى» الابن، بأنه دليل قاطع على أن وكالة الاستخبارات المركزية كانت متورطة فى اغتيال الرئيس كينيدى، فإن الملفات مليئة بتفاصيل حول عملاء الوكالة ومخبريها، والعمليات السرية، وخطوط الميزانية.
ويبدو أن الأسرار كانت تكمن فى التفاصيل الصغيرة، وليس فى أى خبر كبير، فيما كشفت الوثائق القليل مما يمكن أن يتحدى الحقائق المعروفة حول اغتيالات كينيدى، وروبرت ف. كينيدى، والقس الدكتور مارتن لوثر كينغ الابن، وقد لا يكون هذا هو نهاية عملية نزع السرية.
وتضمّنت الوثائق مذكرة ساعدت لعقود فى تغذية التكهنات حول تورط وكالة المخابرات المركزية (CIA) بطريقة ما فى قتل الرئيس، والمعروفة بمذكرة شليسنغر، وهى وثيقة مكونة من 15 صفحة، ومؤرّخة فى 10 يونيو 1961، كتبها مساعد كينيدى آرثر شليسنغر جونيور. وحذرت المذكرة كينيدى من أن وكالة المخابرات المركزية كانت تتعدى على قدرته فى توجيه السياسة الخارجية.
«نيكونوف»: ملفات KGB أظهرت أن «أوزوالد» كان قناصاً سيئاً
وجود المذكرة لم يكن سراً، وتم نشرها فى وقت سابق، لكن مع محو أجزاء كبيرة من النص لأسباب أمنية، وتم الإفراج عن المذكرة بالكامل كجزء من آلاف الوثائق التى تم فك سرّ تصنيفها وأصدرتها إدارة المحفوظات والسجلات الوطنية، بناءً على أوامر من الرئيس دونالد ترامب، ومع اعتقاد أنه كان يتوقع العثور على دليل فى المذكرة على أن وكالة المخابرات المركزية تآمرت مع قاتل كينيدى، لى هارفى أوزوالد، لكن اتضح أن المعلومات التى أخفتها الحكومة تتعلق بتوظيفات وكالة المخابرات المركزية، بما فى ذلك العدد المحدّد للعاملين فى وكالة المخابرات المركزية الموجودين فى السفارة الأمريكية فى باريس، وكيف كانوا يسعون إلى احتكار الاتصال مع شخصيات سياسية فرنسية معينة، بالإضافة إلى عدد مصادر وكالة المخابرات المركزية فى دول مثل النمسا وشيلى.
وناقشت الوثائق الجدلية الأكثر ترجيحاً فى نظريات المؤامرة الموضوعة حول اغتيال كينيدى، وهو تورط جهاز الأمن السوفيتى فى الاغتيال، إذ جاء فى إحدى الوثائق المؤرخة فى 20 نوفمبر 1991 على أنها برقية من تقارير الاستخبارات الأمريكية عن لى هارفى أوزوالد، ووقته فى الاتحاد السوفيتى، وعلاقته العاصفة بزوجته السوفيتية وافتقاره الواضح إلى المهارة فى الرماية، إذ تقول الوثيقة إن مسئولاً فى الـKGB يدعى نيكونوف راجع ملفات من جهاز الأمن السوفيتى الـKGB، لتحديد ما إذا كان أوزوالد عميلاً لـKGB». واستشهدت الوثيقة بتقرير من أستاذ أمريكى يُدعى إى. بى. سميث، قال إنه تحدث فى موسكو عن أوزوالد مع مسئول الـKGB «سلافا» نيكـونوف، الذى قال إنه راجع خمسة ملفات سميكة عن القاتل لتحديد ما إذا كان عميلاً لـKGB، وكُتب: «الآن أصبح نيكونوف واثقاً من أن أوزوالد لم يكن فى أى وقت عميلاً خاضعاً لسيطرة الـKGB».
ومن خلال وصف «أوزوالد» فى الملفات، شكّ نيكونوف فى أن أى شخص يمكنه السيطرة على أوزوالد، لكنه أشار إلى أن الـKGB راقبته عن كثب وباستمرار أثناء وجوده فى الاتحاد السوفيتى.
وقال نيكونوف إن «أوزوالد» كانت لديه علاقة عاصفة مع زوجته السوفيتية، التى كانت تلومه بلا توقف وأظهرت ملفات الـKGB أيضاً أنه كان قناصاً سيئاً عندما حاول الرماية فى الاتحاد السوفيتى. وفى وثيقة أخرى، قال أحد ضباط الـCIA المجهولين، الذى كان مقيماً فى باريس، آنذاك، ويمتلك اسماً رمزياً توماس كاساسين، إن رأيه كان أن أوزوالد ربما كان عميلاً سرياً لـKGB، وكان رأيه هذا مبنياً على اشتياقه غير المعتاد إلى الاتحاد السوفيتى، وكان يبدو غير معتاد كيف سُمح له بالعيش فى الاتحاد السوفيتى والزواج من مواطنة سوفيتية.
وتابع «كاساسين»: «إنه من غير المعقول أن يكون أوزوالد عميلاً من عملاء الـCIA، كما جاء فى المذكرة، لأن طبيعة عمليات الـKGB تجعل من المعقول أن يكون أوزوالد عميلاً سوفيتياً مخفياً».
وفى وثيقة أخرى أرسلها رجل يدعى سيرجى كزورونوه، إلى السفير الأمريكى فى المملكة المتحدة، زعمت أن أجهزة الاستخبارات تم تحذيرها بشأن نوايا أوزوالد قبل شهرين من وقوع الاغتيال، وادّعى كزورونوه أنه تم سحبه جانباً أثناء فحص الهجرة فى مطار لندن لعدم امتلاكه تأشيرة قبل أن يتم استجوابه عن الاتحاد السوفيتى.
وأضاف فى رسالته: «سمعت أن أحد المنشقين الأمريكيين (لى هارفى أوزوالد) إلى روسيا عاد إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكان يُخطط لقتل الرئيس جون إف. كينيدى»، وحين سأله الضابط: «هل تعرف اسمه؟»، أجاب قائلاً: «اسمه يبدأ بحرف (O) وكان اسمه قد نُشر فى وقت ما فى صحيفة واشنطن بوست»، والغريب أن كزورونوه استمر فى الكتابة إلى السفارة وتحدث عن استخدام الـFBI للغاز المخدر «لتجميده وتعذيبه» بعد أن قدم هذه المعلومات، لكن لجنة «وارن» التى حققت فى هذه الفرضية لم تجد أى دليل يدعم أياً من هذه الادعاءات.
النظرية الثالثة كانت تورط كوبا والزعيم الكوبى فيدل كاسترو فى الاغتيال، وتضمّنت بعض الوثائق إشارات إلى نظريات مؤامرة مختلفة تقترح أن أوزوالد غادر الاتحاد السوفيتى عام 1962 بنية اغتيال الرئيس الشاب الشهير، وغطت وثائق من وزارة الدفاع من عام 1963 الحرب الباردة فى أوائل الستينات وتدخل الولايات المتحدة فى أمريكا اللاتينية، لمحاولة إحباط دعم الزعيم الكوبى فيدل كاسترو للقوى الشيوعية فى دول أخرى.
وأشارت الوثائق إلى أن كاسترو لن يذهب إلى حد استفزاز حرب مع الولايات المتحدة أو التصعيد إلى مستوى قد يعرض على الفور، وبشكل خطير، نظام كاسترو للخطر، وجاء فى الوثيقة أنه يبدو من الأرجح أن كاسترو قد يُكثّف دعمه للقوى التخريبية فى أمريكا اللاتينية.
وشملت الوثائق الجديدة التى تم الإفراج عنها جدولاً زمنياً لرحلة قام بها أوزوالد إلى المكسيك قبل شهرين فقط من تنفيذ مؤامرة الاغتيال، وسجّلت وكالة المخابرات المركزية (CIA) وصول أوزوالد إلى سفارة كوبا فى 26 سبتمبر 1963، بين الساعة 10 صباحاً و2 ظهراً، وذكرت المذكرة أنه كان يبدو بارداً جداً ووجهه قاسٍ، ولديه طريقة نافذة وماكرة فى النظر إليك.
وأكدت الوثيقة أن أوزوالد كان يحاول الحصول على تأشيرة عبور إلى كوبا، وهدفه النهائى هو العودة إلى روسيا، وعرض عضويته فى لجنة اللعب العادل فى كوبا والحزب الشيوعى الأمريكى، لكنه قيل له إنه يحتاج إلى مزيد من الوثائق قبل أن تتمكن السفارة من الموافقة على طلبه. وأظهرت مراجعة وكالة أسوشيتد برس، الأولية للوثائق أنه لم تبرز أى معلومات فى الوثائق التى تم فحصها، مما يعارض استنتاج أن القاتل لى هارفى أوزوالد كان الجانى الوحيد فى دالاس فى 22 نوفمبر 1963.