مدير المرصد السوري: وثقنا قتل 1470 شخصا في أحداث «الساحل» الأخيرة

مدير المرصد السوري: وثقنا قتل 1470 شخصا في أحداث «الساحل» الأخيرة
وسط إقليم مضطرب، تعيش سوريا أوضاعاً غير مستقرة، من أحداث العنف التى شهدها الساحل السورى مؤخراً، إلى الأزمة السياسية التى صنعها الإعلان الدستورى الأخير. ووصف رامى عبدالرحمن، مؤسس ومدير المرصد السورى لحقوق الإنسان، تلك الأوضاع بأنها «كارثية»، فى ظل ما وصفها بـ«قيادة اللون الواحد». وأضاف «عبدالرحمن»، فى حوار لـ«الوطن»، أن ما حدث فى الساحل السورى هو «جريمة إبادة جماعية»، وليس أحداثاً فردية، كما أكد أن الإعلان الدستورى أشعل فتيل أزمة سياسية جديدة، لأنه غير توافقى حسب قوله، مشيراً إلى أن حلم السوريين الآن هو أن تكون سوريا لكل السوريين، وليست لصالح طائفة دينية أو عقائدية، وإلى نص الحوار.
■ فى البداية، كيف تصف المشهد السياسى والحقوقى فى سوريا اليوم؟
- من الواضح حتى الآن أن القيادة فى سوريا هى قيادة اللون الواحد، أو اللون الواحد المُطعم ببعض المقرّبين من هذا اللون، فالحوار الوطنى على سبيل المثال أقصى الكثيرين من المعارضة، بعضهم كانوا معارضون فى أيام بشار الأسد، ومع ذلك تم إقصاؤهم، وأقصى أيضاً الممثل الكردى. وبالتالى لا لجنة الحوار الوطنى ولا اللجنة الدستورية حققتا قدراً من التوافق بين السوريين، فما زالت هناك أزمة سياسية بسبب غياب التوافق وتمثيل شعب سوريا بكل أطيافه.
■ من منظور حقوق الإنسان، كيف تقيّمون الأوضاع فى سوريا حالياً؟ هل ثمة تحسّن حقوقى تشهده سوريا، أم أن الانتهاكات ما زالت مستمرة؟
- للأسف الوضع الحقوقى كارثى فى سوريا، نعانى من انتهاكات كبرى، والوضع الإنسانى كارثة، والبعض لا يريد أن يراه أو يتغاضى عنه أو يجد له المبررات، والوضع كارثى حتى من قبل جريمة إبادة العلويين الأخيرة فى الساحل السورى، فقد جرى إعدام أكثر من 500 شخص كعقوبات انتقامية تحت ذريعة الانتماء للنظام القديم، أو أى اتهامات أخرى، وعمليات إعدام خارج القانون، إضافة إلى اعتقالات موسّعة للمخالفين، وهذه ليست إجراءات عدالة انتقالية، بل هى محاولات انتقام من أبناء الطائفة العلوية، سوريا تشهد الآن محاولة إبادة جماعية للعلويين بدون أى قانون ولا محاكمات عادلة.
■ بخصوص ما حدث للعلويين فى الساحل السورى.. ما تفاصيل تلك الأحداث الأخيرة؟.. كيف نُفّذت، ومن نفذها؟
- ما حدث فى الساحل السورى هو هجمات من قِبل مجموعات مسلحة، هاجموا مجموعة من الحواجز والكمائن، ثم بدأت العملية بعد نفير عام للجهاد فى عدة مناطق بسوريا، ودخلت إلى الساحل السورى أعداد كبيرة من المسلحين استجابة لهذا النفير والدعوة إلى الجهاد، ووصل بعضهم إلى القرى التى قطنها أبناء الطائفة العلوية، ونفّذوا مذبحة بحق العلويين فى عملية إبادة جماعية، إحدى القرى فى ريف اللاذقية قُتل فيها 148 شخصاً، بين شباب ورجال ونساء، وعمليات إبادة على أساس طائفى.
■ ما إجمالى ضحايا الأحداث فى الساحل السورى حتى الآن؟
- وثّقنا منذ تلك المجازر فى أيام 7 و8 و9 مارس الحالى، وحتى اللحظة الحالية، سقوط أكثر من 1470 قتيلاً، هذا ما وثقناه، وتعرّضت لتهديدات بالقتل بسبب إعلان هذه الأرقام فى بيانات رسمية، وإضافة إلى هذا العدد هناك أيضاً آلاف آخرون مفقودون لا نعلم إذا ما كانوا قُتلوا أو تم احتجازهم. أما عدد القتلى من قوة الأمن الداخلى فى الساحل السورى فنحو 250، وعدد القتلى من المجموعات المسلحة قد يكون نفس العدد أو أقل بقليل.
■ ما تعقيبكم على بيان مجلس الأمن الذى انتقد تلك الجرائم فى الساحل السورى؟
- أرى أن بيان مجلس الأمن الدولى بشأن أحداث الساحل السورى بمثابة رسالة تحذيرية للسلطة الانتقالية الموجودة حالياً فى سوريا بأنه لن يتم غضّ الطرف عن ارتكاب المجازر بحق السوريين، لأن جريمة الإبادة التى حدثت فى الساحل السورى تتنافى مع القوانين الدولية وحقوق الإنسان.
■ ما ردّك على وصف تلك الأحداث بأنها «وقائع فردية»؟
- هذا وصف منافٍ للحقيقة، فالمجازر والإعدامات الميدانية التى حدثت فى طرطوس واللاذقية ليست أحداثاً فردية، ومن يقل ذلك يحاول طمس الحقيقة، هذه جريمة جماعية منظمة تمت تحت شعار الجهاد ضد كل من يخالف تلك المجموعات دينياً أو طائفياً أو عرقياً.
■ نعلم أن هناك بعض القوات الدولية لا تزال موجودة داخل سوريا.. ما موقفها؟
- بالفعل، هناك بعض القوات من جنسيات مختلفة، أهمها القوات الأمريكية، فهى الأقوى على الأراضى السورية حالياً، وتأتى بعدها القوات التركية، ثم القوات السورية. لكن كل تلك القوات لا تتدخّل فى أحداث العنف والقتل الأخيرة التى شهدتها سوريا. فالتوازنات الإقليمية والدولية تمنع أى تدخّل حالياً، وبالتالى سوريا تعيش مأساة كبرى حالياً، والعالم يغلق عينه.
■ كيف تقيّمون مسودة الإعلان الدستورى السورى التى جرى التوقيع عليها.. وأهمية تلك الخطوة فى رأيكم؟
- نُرحب بأن يكون هناك دستور توافقى يعبّر عن كل الشعب السورى، ولكن ليس هذا الدستور، لأن هذا الدستور لا يحقّق التوافق، وليس دستوراً حيادياً، ويكرّس قيادة اللون الواحد مع بعض الدوائر القريبة التى قد لا تكون متفقة بالكامل، وبالتالى نقول إنه يجب أن تكون الدولة حيادية فى الدستور تجاه العقائد والأطياف والأعراق لاعتبار الاختلاف الكبير، فكثير من الذين تحدثت معهم قالوا لنكن واقعيين، نحن قد لا نكون راضين عن الحكم الحالى، ولكننا لا نريد عودة أحد من العلويين ليحكم سوريا.
■ فى رأيك، هل يُشعل الإعلان الدستورى الجديد فتيل الأزمة وسط الاعتراضات عليه.. وما توقعكم لمستقبل هذه الخطوة؟
- بالفعل الإعلان الدستورى أشعل فتيل أزمة سياسية جديدة مع قوات سوريا الديمقراطية والدروز والعلويين والإسماعيليين والإيزيديين، فالإعلان الدستورى يقول بحرية الأديان السماوية، لكنهم يعتبرون العلويين والدروز كفاراً، وأيضاً لا يعتبرون الإسماعيليين والإيزيديين أصحاب دين سماوى، لدرجة أنه تم عزل أئمة المساجد الصوفية والأشاعرة، فبصريح العبارة الحكومة الحالية تستنهض التعصّب الطائفى، حتى لو روّجت عبر البروباجندا الإعلامية أن الأمور مستقرة فى سوريا، فهذا غير صحيح.