روايح الشهر الكريم | على مدار 11 عاماً.. مائدة «فرحة» تنشر السعادة بين أهالي الإسكندرية

روايح الشهر الكريم | على مدار 11 عاماً.. مائدة «فرحة» تنشر السعادة بين أهالي الإسكندرية

روايح الشهر الكريم | على مدار 11 عاماً.. مائدة «فرحة» تنشر السعادة بين أهالي الإسكندرية

على مدار 11 عاماً، يحرص أحمد عربان، وعدد من أصدقائه بمنطقة «رشدى» بالإسكندرية، على التجمع سنوياً خلال شهر رمضان، والتفرغ تماماً من أجل مهمة وضعوها على عاتقهم لإفطار الصائمين طوال الشهر الكريم، من خلال مائدة إفطار رمضانية، أطلقوا عليها اسم «فرحة»، تقوم أيضاً بتوزيع نحو 5000 وجبة يومياً على الأسر المستحقة فى جميع أنحاء الإسكندرية، بمساعدة عدد من المتطوعين من جميع الأعمار.

بدأت الفكرة بملاحظة الشاب، البالغ من العمر 33 عاماً، ومجموعة من أصدقائه، اختفاء عدد من موائد الرحمن فى الإسكندرية تدريجياً، ما دفعهم إلى التفكير فى تنظيم سلسلة موائد لإفطار الصائمين بالجهود الذاتية، بدأت بتوزيع 100 وجبة فى اليوم، وأصبحت حالياً توزع ما يقرب من 250 ألف وجبة على مدار شهر رمضان، وتحدث «أحمد» لـ«الوطن» قائلاً: «إحنا كلنا أصدقاء مع بعض، مفيش حد غريب بينا، كل مصاريف المائدة من تبرعاتنا الشخصية»، وأضاف أن عدد المتطوعين يصل فى بعض الأيام إلى 500 شخص، يشاركون فى شراء جميع المستلزمات، من خضار ولحوم وغيرهما، ويتم تجهيز الطعام والوجبات لإفطار الصائمين فى مائدة الرحمن، أو لتوزيعها على الصائمين فى أنحاء الإسكندرية، وقال: «الأكل كله بنسويه بإيدينا، كل اللى بيعرف يعمل حاجة بيعملها».

منذ الساعة 10 صباحاً، يبدأ «أحمد»، الذى عادةً ما يحصل على إجازة من عمله طوال شهر رمضان ليتفرغ لتجهيز الإفطار، فى الوجود داخل «الشادر» المجهز لتحضير الوجبات، برفقة ما يقرب من 500 متطوع، يعملون كـ«خلية نحل»، كل شخص منهم يعرف دوره جيداً، ما بين تنظيف الخضار وتقطيعه وتسوية اللحوم والأرز وتغليف الوجبات، وخلال الساعات الأخيرة قبل موعد أذان المغرب، يبدأ فريق التوزيع فى الانتشار بمختلف أنحاء الإسكندرية؛ لتوصيل الوجبات إلى مستحقيها: «بنجهز ما يقرب من 250 كيلو رز، و300 كيلو لحمة، وربع طن بطاطس، و200 كيلو بصل فى اليوم، بنعمل كل يوم صنف مختلف، مرة فراخ أو لحمة أو كباب حلة أو سجق بالبطاطس، بنوزع على 5 موائد إحنا مسئولين عنها بشكل كامل، فى كوم الدكة، وأبوقير، وعزبة سكينة، وأبيس، غير الوجبات التى يتم توزيعها على الناس فى بيوتهم».

لا يقتصر خير «فرحة» على أيام شهر رمضان فقط، بل يقوم الفريق بتوزيع 4000 «شنطة» تحتوى على مستلزمات رمضان فى عدد من قرى الصعيد، و1200 «شنطة» فى القرى الواقعة على طريق مصر إسكندرية الصحراوى، قبل شهر رمضان بأيام، كما يتم توزيع وجبات طعام على عدد من الأسر المستحقة على مدار يومين فى الأسبوع طوال العام، وأوضح «أحمد» سبب إطلاق اسم «فرحة» على المائدة: «من كام سنة كنا فى كوم أمبو بأسوان بنوزع شنط رمضان، الأهالى كانوا فرحانين جداً، وقبل ما نسافر فى طريق العودة للإسكندرية، فوجئنا بهم قاموا بتجميع الدقيق الذى حصلوا عليه من الشنط الرمضانية، وقاموا بتجهيز نوع من الكحك يطلقون عليه اسم فرحة، قالوا لنا زى ما دخلتم الفرحة على قلوبنا، عملنا لكم كحك فرحة، علشان تاخدوه وانتم ماشيين، من وقتها وإحنا اسمنا فرحة، علشان بنحاول نوصل الفرحة لغيرنا».

على مدار 24 ساعة، يجرى العمل على قدم وساق داخل مطبخ «فرحة»، حيث يوجد «أحمد» منذ الصباح برفقة الفريق، حتى ميعاد توزيع الوجبات قبل أذان المغرب، ليتجمعوا بعد انتهاء صلاة التراويح، لتحضير وجبات اليوم التالى، حتى ميعاد السحور: «مفيش حد مسئول ولا بيدير، كلنا مسئولين وزى بعض، الناس بتشوف صورنا وإحنا بنحضر الوجبات على السوشيال ميديا، بيبقوا عايزين يشاركوا معانا، أى حد حابب يشاركنا ييجى على طول على مكان المطبخ، ويشارك ويشوف بيعرف يعمل إيه ويعمله، إحنا عيلة وأصحاب وبينا ترابط كبير، وبيجيلنا كل الأعمار تشارك معانا، أطفال وشباب وكبار فى السن».

على مدار 6 سنوات، بدأ «محمد رؤوف» المشاركة فى مائدة «فرحة» خلال شهر رمضان، حيث يحرص على الوجود فى «الشادر» المخصص لتجهيز الوجبات يومياً، بعد انتهائه من العمل، خاصةً وأنه يقيم فى نفس المنطقة، وقال إنه يتم زيادة عدد الوجبات خلال العشر الأواخر من رمضان، لتصل إلى 8000 وجبة يومياً: «أغلبنا بيروح شغله وييجى على المائدة، وفيه ناس متفرغة تماماً، بنشعر بفرحة كبيرة واحنا بنشارك فى إعداد الوجبات لأشخاص مش فى إمكانيتهم توفير الطعام كل يوم لأسرتهم، عندنا دليل لكل منطقة، عارف مين الأسر المستحقة علشان تروح لهم الوجبات، غير فراشة المائدة فى الشارع، اللى بتستضيف عشرات الصائمين يومياً»، وأضاف الشاب الثلاثينى لـ«الوطن» قائلاً: «الجميل فى نظام المائدة إننا كلنا أصدقاء وإخوة، أى حد بيدخل يشارك فى العمل يعتبر فرداً أساسياً فيه، بنحاول على قد ما نقدر ننوع فى الوجبات والحلويات، خاصةً القطايف دى أساسى معانا فى المائدة بشكل يومى، أتمنى إننا نستمر لسنين كتير، وفرحة تفضل تدخل الفرحة على الأهالى فى رمضان فى كل مكان».

من خلال صورة على «السوشيال ميديا»، تعرفت نشوى محمود، على مائدة «فرحة»، وبدأت الانضمام إليها منذ 3 أعوام، شاركت خلالها فى تحضير الوجبات وتوزيعها على الأسر المستحقة فى منطقتها: «عجبنى جداً شكل لمة الناس فى الصور، عرفت العنوان بتاع المائدة، رُحت وشاركت معاهم على طول، تواصلت مع مؤسسى المائدة، وأبلغتهم بأن هناك بعض الأسر فى منطقتى ممكن نوزع عليهم وجبات إفطار كمان، والصراحة رحبوا جداً، باخد نحو 400 وجبة فى اليوم، أوزعها على المستحقين وأفرح الناس».

رغم المسئوليات الواقعة على «نشوى» بشكل يومى، بين رعاية أبنائها، ومتابعة عملها وشئون منزلها، فإنها ما زالت تحرص على المشاركة فى تحضيرات المائدة بشكل دائم، حيث تبدأ الاستعدادات قبل حلول شهر رمضان، من خلال إعداد ميزانية تقريبية لشراء الاحتياجات والمستلزمات، من لحوم وخضار وبقوليات، ويتم جمع التبرعات من أعضاء الفريق، حسب استطاعة كل شخص: «كل واحد بيدفع اللى يقدر عليه، بنشوف هنحتاج كميات قد إيه من الأرز والمكرونة وجميع مستلزمات الطعام، ونجمع من بعض، باحاول على قد ما أقدر أوفق بين كل مسئولياتى، علشان أشارك معاهم كل سنة، حتى لو يوم فى الأسبوع، بابقى فرحانة جداً لما باكون واقفة باقطع الخضار، وأساعد فى تجهيز الطعام للصائمين، ربنا ما يقطع لنا عادة، وتفضل فرحة طول العمر».


مواضيع متعلقة