روايع الشهر الكريم.. زينة ورسومات على البيوت والأرصفة هكذا احتفل أهالى حلوان بـ«رمضان»

روايع الشهر الكريم.. زينة ورسومات على البيوت والأرصفة هكذا احتفل أهالى حلوان بـ«رمضان»
منذ أن تضع قدمك في شارعهم البسيط تشعر ببهجة وروحانيات شهر رمضان، هذا الشهر الذي قرر مجموعة من الشباب الاحتفال به بشكل مختلف عن بقية الأعوام السابقة، ليس بوضع الزينة الملونة والأنوار فقط، وإنما بتلوين المنازل كل منزل بلون مختلف، وتصميم رسومات أيقونية خاصة بشهر رمضان «عم شكشك وبكار وفطوطة والمسحراتى»، وغيرها من الرسومات التي أبدع فيها أطفال وشباب شارع المؤيد وحارة الجباس في منطقة حلوان.
على مدار أسبوعين، تفرغ محمد جمال وأصدقاؤه في المنطقة لتجميل وتزيين شارعهم الذي نشأوا وترعرعوا فيه منذ الطفولة، مستغلين موهبتهم في الرسم والألوان في تجميل الشارع بشكل مختلف عن بقية الأعوام، بداية من تلوين الأرصفة إلى واجهات المنازل والمحال، وتعليق الزينة الملونة وكشافات الإضاءة: «كنت قاعد مع أخويا عشان نعلق زينة رمضان زي كل سنة، وقلنا ما نعمل حاجة مختلفة وعرّفنا صحابنا وجيرانا ورحبوا بالموضوع محدش اعترض، ده كمان كانوا متحمسين والكل كان بيشارك عشان نخلص قبل رمضان ونفرح كبير وصغير».
100 جنيه من كل شقة في الشارع كانت التكلفة التي حسبها الشاب صاحب الـ32 عاماً، لشراء الألوان وعلب البويات لدهان الشارع الرئيسى والداخلى، التكلفة التي لم يتردد أحد من الأهالي في دفعها لأجل تجميل محل سكنهم احتفالاً بمجىء الشهر الكريم: «بصراحة محدش اعترض على الفلوس خالص، كله قال طالما هنعمل حاجة كويسة وخير ما فيش مشكلة وكله كان متحمس، فيه ناس دفعت أكتر من 100 جنيه كمان لما لاقت الموضوع هيبقى تأثيره إيجابى والشارع بينضف وبقى شكله حلو».
بوجي وطمطم وبكار ورشيدة
«بوجى وطمطم وبكار ورشيدة والمسحراتى وبائع الكنافة» شخصيات رمضانية اختارها «محمد» رفقة الرسام الذي استعان به في تنفيذ الرسومات على واجهات المنازل، التجربة التي أظهرت الكثير من المواهب في المنطقة بين الأطفال والكبار، خاصة بالألوان والرسم: «الشغل كان كتير وكل الناس في الشارع شاركت في تجميل شارعهم، فيه اللى لون بالفرشة واللى اختار الألوان واللى عمل رسومات وكتب كلمات وآيات، اكتشفنا إن فيه ناس كتيرة ليها في الرسم ماكناش نعرفها ولا هما كانوا يعرفوا غير لما اضطرينا نشتغل ونجرب بإيدينا والحمد لله طلّعنا نتيجة كويسة جداً».
التفرغ التام لتزيين الشارع وتجميله قرار أخذه محسن جمال، الذي قدم على إجازة من عمله منذ بدايتهم العمل في الشارع، لسرعة الانتهاء من كافة المهام قبل حضور شهر رمضان، المهمة التي لم يوفق فيها الشاب صاحب الـ 28 عاماً، وجيرانه حيث استمر العمل في الشارع حتى الأسبوع الأول من شهر رمضان: «أنا كنت مفضى نفسى خالص فترة الزينة وأخدت إجازة من الشغل، بقية الناس اللى بتساعدنا كانوا بيخلصوا شغلهم وييجوا يشتغلوا معانا، كل واحد كان بيعمل حاجة وكل الناس كانت مبسوطة حتى كبار السن اللي كانوا بيعملوا لنا شاي ويجيبوا لنا ميه، نوع من المساعدة على قد ما يقدروا».
مراحل تزييين الشارع
أيام عدة كان يعمل فيها «محسن» على مدار الـ24 ساعة برفقة عدد محدود من أصدقائه وجيرانه في أيام الشتاء القارسة ليلاً، لانشغال البقية في أعمالهم والتزاماتهم الشخصية، لإتمام مهمتهم في الشارع الذي يمتد طوله إلى 300 متر، التي وعدوا بها أهاليهم في المنطقة بإنهائها في أفضل شكل: «في البداية كان عدد كبير بيساعدنا لكن مع التزامات الشغل مكملش غير 5 أشخاص، فكنا بنطبق في أيام لتانى يوم الصبح عشان نلحق نخلص، ماكناش بنحس بالزهق خالص، الفرحة كانت مالية قلوبنا والشارع لحد آخر يوم اشتغلنا فيه».
على 5 مراحل تمت عملية تزيين الشارع، حسب كلام محمد عبدالله، الذي يعمل في مجال المعمار، وساعد في تحديد أنواع الدهانات واستخدامها بشكل صحيح دون إهدار المواد، كان مجهوداً شاقاً على الرجل صاحب الـ41 عاماً، حيث كان يقسم وقته بين عمله صباحاً والمشاركة في تجميل الشارع مساءً، موزعاً أدواته في النقاشة على أبناء المنطقة للمشاركة في إنجاز دهانات المنازل المتبقية في الشارع: «في البداية إحنا بدأنا بأرصفة الشارع، فيه أرصفة كانت متغطية مش ظاهرة، حفرنا 2 متر عشان تظهر ويبقى فيه ملامح للشارع وبيّضنا كل الأرصفة وبعد كده اشتغلنا في البيوت، كل بيت ليه لون مختلف عن اللى جنبه، وبعد كده رسمنا الرسومات ولوناها، ونضفنا الشارع من القمامة اللى فيه، ومحدش بقى بيرمى حاجة في الشارع عشان يحافظ على جماله ونضافته».
40 جردل دهان لتزيين الحوائط
حوالى 40 جردل دهانات مختلفة الألوان استخدمها «عبدالله» في الرسومات وتجميل واجهات المنازل، التي اختلف شكلها عما كانت عليه من قبل، وأصبح الشارع محطاً لزيارات الشوارع المقابلة للحصول على صور تذكارية والاقتداء به في الأعوام القادمة: «كل سكان الشوارع اللى حوالينا منبهرين باللى عملناه، كلهم بييجوا يتفرجوا ويتصوروا عندنا، وبيفكروا يعملوا كده السنة اللى جاية في شوارعهم، ده غير إن الأطفال عندنا بتنزل تلعب في مكان شكله حلو ونضيف، كلهم شاركوا في تجميله».
تمنى «عبدالله» استمرار وتثبيت عادة تزيين الشارع وتجميله عند مجىء شهر رمضان من كل عام، مع جميع أجيال شارعهم، الذين لم يترددوا دوماً في فعل أى شىء إيجابى طوال أعوام عمرهم في هذه المنطقة: «إحنا الحمد لله الشارع عندنا متعاون جداً مع بعض، كلنا إخوات وحبايب متربيين مع بعض وإحنا صغيرين، أى حاجة بنخطط نعملها بنتجمع ونعملها، خاصة لو تخص شهر رمضان شهر الخير والفرحة، كنا مركزين جداً المرة دى إن الأطفال تشارك معانا عشان تتعلم وتعرف قيمة اللى بنعمله، ويكملوا بعدينا كمان ويفضلوا يحافظوا على جمال ونضافة المكان اللى عايشين فيه».