«السياحة»: الكشف عن مقبرة ملكية من عصر الانتقال الثاني في أبيدوس

«السياحة»: الكشف عن مقبرة ملكية من عصر الانتقال الثاني في أبيدوس
كشفت محافظة سوهاج النقاب عن المزيد من أسرارها الأثرية، حيث عثرت البعثة الأثرية «المصرية - الأمريكية» من جامعة بنسلفانيا على مقبرة ملكية من عصر الانتقال الثاني بجبانة «جبل أنوبيس» في أبيدوس، كما عثرت البعثة الأثرية المصرية من المجلس الأعلى للآثار على ورشة كاملة من العصر الروماني لصناعة الفخار بقرية بناويط.
وأكد شريف فتحي وزير السياحة والآثار، أنّ الإعلان عن هذين الكشفين الجديدين في سوهاج سيعملان ليس فقط على الترويج للتنوع السياحي الذي ينعم به المقصد السياحي المصري وتعريف العالم بصورة أكبر عن الحضارة المصرية العريقة، بل مساعدة الدارسين في أعمالهم البحثية، وإبراز أحد أدوار المجلس الأعلى للآثار كمؤسسة علمية.
وأشار إلى أنّ الاكتشاف يعكس ما توليه الوزارة من اهتمام للبعثات الأثرية الأجنبية والمصرية على حدٍ سواء بمختلف المواقع الأثرية على مستوى الجمهورية، في الكشف عن المزيد من خبايا وأسرار وتاريخ الحضارة المصرية القديمة.
تطور المقابر الملكية في جبانة «جبل أنوبيس»
ونوّه الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، بأهمية هذين الكشفين حيث يُقدم كشف المقبرة الملكية بأبيدوس أدلة علمية جديدة على تطور المقابر الملكية في جبانة «جبل أنوبيس»، والتي تعود إلى عصر «أسرة أبيدوس» التي تخص سلسلة من الملوك الذين حكموا في صعيد مصر بين 1700 - 1600 ق.م، كما أنه يضيف معلومات جديدة لملوك هذه الأسرة وفهم أعمق للتاريخ السياسي المعقد لعصر الانتقال الثاني في مصر.
ولفت إلى أنّ ورشة الفخار في بناويط كشفت عن أنّ هذه الورشة كانت واحدة من أكبر المصانع التي كانت تمد الإقليم التاسع بالفخار والزجاج، حيث يوجد بها مجموعة كبيرة من الأفران، والمخازن الواسعة لتخزين الأواني، ومجموعة من 32 أوستراكا بالخط الديموطيقي واللغة اليونانية توضح المعاملات التجارية في ذلك الوقت وطريقة دفع الضرائب.
وقال محمد عبدالبديع، رئيس قطاع الآثار المصرية بالمجلس الأعلى للآثار، إنّ الدراسات التي أجريت على المقبرة الملكية في أبيدوس تُشير إلى أنّها تنتمي إلى أحد الملوك السابقين للملك سنب كاي الذي تم اكتشاف مقبرته في أبيدوس بواسطة البعثة عام 2014، مؤكدًا أنّها أكبر بكثير من المقابر الأخرى المعروفة سابقًا والمنسوبة إلى «أسرة أبيدوس»، وأنّه لم يتم التعرف على اسم صاحب المقبرة حتى الآن.
مومياء لطفل في وضع النوم
وأضاف أن الدراسات والدلائل الأولية التي أجريت بموقع ورشة الفخار بقرية بناويط تشير إلى أنه تم استخدام هذا الموقع خلال العصر البيزنطيّ كما أعيد استخدامه كجبانة في القرن السابع الميلادي وربما امتدت الي القرن الرابع عشر الميلادي حيث عُثر بالموقع على مجموعة من الدفنات، والمقابر المشيدة بالطوب اللبن بها بعض الهياكل العظمية والمومياوات التي تمثل في الأرجح مقابر عائلية لرجال ونساء وغالبية هذه الدفنات من الأطفال، ولعل أبرز هذه الدفنات هي مومياء لطفل في وضع النوم وعلى رأسه طاقيه من النسيج الملون، ورأس جمجمة لسيدة في العقد الثالث من العمر، فضلا عن الكشف عن بعض من جذور من نبات القمح وبقايا من بذور نباتات قديمة منها نخيل الدوم والشعير وغيرها.
وأفاد جوزيف وجنر رئيس البعثة المصرية الأميركية العاملة بأبيدوس، أنه تم العثور على المقبرة الملكية على عمق يصل إلى نحو 7 أمتار تحت سطع الأرض، وتتكون من غرفة للدفن من الحجر الجيري، مغطاة بأقبية من الطوب اللبن يصل ارتفاعها في الأصل إلى نحو 5 أمتار، كما يوجد بها بقايا نقوش على جانبي المدخل المؤدي إلى غرفة الدفن للمعبودتين إيزيس ونفتيس، مع أشرطة كتابية صفراء كانت تحمل ذات يوم اسم الملك بالهيروغليفية، ويشبه أسلوب الزخارف والنصوص في طرازه تلك التي تم اكتشافها سابقا في مقبرة الملك "سنب كاي، مضيفا أن البعثة ستقوم خلال الفترة القادمة بمزيد من أعمال البحث والدراسة لتحديد تاريخ المقبرة على وجه الدقة.
وتعتبر جبانة جبل أنوبيس أحد أهم الجبانات في منطقة أبيدوس، فهي جبانه ملكية، والجبل عندها يتخذ شكل الهرم، لذا اختارها الملك سنوسرت الثالث (1874 - 1855 قبل الميلاد) لعمل مقبرته الضخمة أسفل تلك القمة الهرمية الطبيعية في سابقة هي الأولي من نوعها في الحضارة المصرية، كما اختارها عدد من ملوك الأسرة الثالثة عشر، ومن بعدهم ملوك أسرة أبيدوس، الذين شيدوا مقابرهم في باطن الصحراء قرب الجبل، ومن أشهرها مقبرة الملك سنب كاي، والتي تُعد أقدم مقبرة ملكية مزينة في مصر القديمة.