أصوات من بلدنا.. مصطفى إسماعيل زعيم مدرسة «التلاوة»

أصوات من بلدنا.. مصطفى إسماعيل زعيم مدرسة «التلاوة»
«مصدر إلهام لأبناء القرية فى حفظ القرآن الكريم»، بتلك الكلمات وصف أهل قرية «ميت غزال»، إحدى قرى مركز ومدينة السنطة بمحافظة الغربية، ومسقط رأس الشيخ مصطفى إسماعيل، قارئ القصر الملكى، وأحد أعظم قراء القرآن الكريم فى مصر والعالم الإسلامى، وأول قارئ يحصل على وسام الاستحقاق من رئيس الجمهورية.
قال المقرئ محمد أبوعميرة إن الشيخ مصطفى إسماعيل زعيم التلاوة المصرية، وهبه الله تعالى لمصر، وكان طيب القلب، وفتح الله تعالى له قلوب الناس فى مشارق الأرض ومغاربها، وكان يمتلك فن المقامات الصوتية. وبيّن «أبوعميرة» أنه تأثّر بالشيخ مصطفى إسماعيل منذ صغره، وكان قدوته فى حفظ القرآن الكريم وقراءته فى الحفلات والمناسبات، وكان حريصاً على تعلّم فن المقامات على يد الدكتور أحمد مصطفى كامل، وهو الصديق المقرّب للشيخ مصطفى إسماعيل، مضيفاً: «الناس فى المناسبات لما بتعرف إنى من قرية الشيخ مصطفى إسماعيل بيطلبوا منى القراءة بطريقة الشيخ مصطفى من حبهم الدائم له»، مشيراً إلى حرصه على زيارة قبر الشيخ مصطفى كل أسبوع، الملحق بمسجده فى القرية.
وأشار سعيد طه، حفيد الشيخ مصطفى إسماعيل، إلى أن القرية تشهد طقوساً خاصة من أجل سماع التسجيلات النادرة الخاصة بجده التى تبثها إذاعة القرآن الكريم للمرة الأولى، وذلك بعد أن تم إهداؤها نحو 20 تسجيلاً من التسجيلات النادرة: «فرحة المواطنين فى القرية لا توصف لما بيسمعوا التسجيلات الجديدة فى قرآن المغرب فى رمضان، ومساجد القرية بتشغّل مكبرات الصوت مبكراً، حتى يصل الصوت إلى جميع أنحاء القرية»، موضحاً أن جده عندما التحق بالكُتاب كان يُرتل القرآن بشكل طبيعى وبالفطرة دون تعلم، ويُرتله بطريقة جميلة ومميزة، وكان يؤذن وهو فى سن 8 سنوات، وكان صوته قوياً ونفسه طويلاً».
وكشف حفيد الشيخ مصطفى إسماعيل أن جده كان حريصاً على الإقامة فى القرية، وكانت وصيته دفنه فى قبره الملحق بمسجده فى القرية، وقبل الوفاة كان موجوداً فى القرية، وخرج من منزله متوجّهاً إلى دمياط للقراءة فى افتتاح جامع البحر فى حضور الرئيس الراحل محمد أنور السادات، الذى كانت تربطه علاقة وطيدة به، حتى إنه كان ضمن الوفد المرافق له خلال زيارته للقدس 1977. وأضاف «طه» أن مشاركته فى افتتاح مسجد البحر بدمياط كانت التلاوة الأخيرة، حيث عاد يومها إلى منزله بحى رشدى فى الإسكندرية، وهناك تعرّض لوعكة صحية نُقل على أثرها إلى المستشفى بالإسكندرية، وهو فى غيبوبة تامة، وظل بالمستشفى عدة أيام إلى أن توفى صباح يوم الثلاثاء 26 ديسمبر 1978، وأقيمت له جنازة رسمية يوم الخميس 28 ديسمبر 1978، ودُفن فى مسجده الملحق بداره فى قرية ميت غزال بالسنطة بمحافظة الغربية، لافتاً إلى أن الأسرة حريصة على زيارة قبره كل يوم جمعة، وأحفاده المقيمون خارج القرية والمحافظة حريصون على الوجود فى المنزل بالقرية يوماً على الأقل نهاية كل أسبوع.
وقال إبراهيم عبدالعظيم، أحد أبناء قرية ميت غزال، إن الشيخ مصطفى إسماعيل رغم مرور 46 عاماً على رحيله، إلا أنه ما زال حياً داخل كل بيت مصرى من خلال التلاوات القرآنية والإرث الذى تركه يتخطى نحو 1300 تلاوة ما زالت تبث من خلال إذاعة القرآن الكريم. وأشار «الصاوى» إلى أن الشيخ مصطفى إسماعيل هو معشوق البسطاء ومصدر إلهام للأسر فى القرية بصفة خاصة، وفى مختلف محافظات الجمهورية بصفة عامة فى تحفيظ أطفالهم القرآن الكريم. وتابع: «الشيخ مصطفى إسماعيل ابن ريفى، وبدأ تحقيق حلمه من كُتّاب الشيخ إدريس فاخر، أحد أكبر شيوخ القرية، وصاحب أكبر كتاب لتحفيظ القرآن الكريم فى القرية، واستطاع حفظ القرآن وعمره 12 عاماً، وهو ما شجّع أولياء الأمور فى القرية على تحفيظ أطفالهم القرآن الكريم من خلال كتاتيب القرية».
وبيّن أن القرية تضم الكثير من دور أو كتاتيب حفظ القرآن الكريم، وتستقبل الأطفال الصغار والطلاب فى المراحل التعليمية الابتدائية والإعدادية والثانوية، ودائماً ما يذهبون إليها لتعلم وحفظ القرآن الكريم من خلال كبار الشيوخ، وذلك عقب صلاة العصر، وبعد انتهاء اليوم الدراسى فى أيام الدراسة، بينما فى شهور الصيف تفتح الكتاتيب أبوابها قبل صلاة الظهر، وتستمر حتى أذان المغرب. وأضاف أحمد عبدالفتاح، موظف، أن الشيخ مصطفى إسماعيل ترك إرثاً كبيراً بين أهل القرية يتمثل فى الحماس والحرص على ذهاب أبنائهم إلى كتاتيب القرية لحفظ القرآن الكريم وهم فى سن صغيرة، أسوة بما حدث من أسرة الشيخ مصطفى إسماعيل، وحرصها على ذهابه إلى الشيخ إدريس فاخر، بهدف حفظه القرآن الكريم: «حرصت أسرة الشيخ مصطفى إسماعيل على حفظه القرآن الكريم فى سن صغيرة، لدرجة أنه كان يرافق شيخه إلى الأرض الزراعية ويساعده فى رعاية الماشية، وكان يُسمّع له القرآن فى الحقل حتى وصل إلى 30 ختمة».
وأكد محمود صالح، أحد أبناء القرية، أن الشيخ مصطفى إسماعيل فخر لكل أبناء قرية ميت غزال، وبعد شهرته ووصوله إلى العالمية كان حريصاً على الإقامة فى القرية مع أفراد أسرته وكان موجوداً بها حتى آخر يوم فى عمره، وتم دفنه فى مسجده الملحق بمنزله بمسقط رأسه، كما أن القرية ذاع صيتها بسبب الشيخ مصطفى إسماعيل، حتى إن أهالى المحافظة وصفوا قرية ميت غزال بأنها قرية الشيخ مصطفى إسماعيل، قارئ الرؤساء والملوك.