أحلام فتيات أفغانستان تتحطم على «صخرة» سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة

أحلام فتيات أفغانستان تتحطم على «صخرة» سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة

أحلام فتيات أفغانستان تتحطم على «صخرة» سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة

«شعور مؤلم بالفشل»، بهذه الكلمات عبرت العديد من الفتيات في أفغانستان عن خيبة أملهن، بسبب ما يعتبرنها «وعوداً أمريكية لم يتم الوفاء بها»، في أعقاب صدور قرار من إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بتعليق المساعدات الخارجية، الأمر الذي قد يؤدي إلى حرمان عشرات الآلاف من الفتيات من «فرصة أخيرة» لاستكمال تعليمهن، سواء من خلال الدراسة في الخارج، أو عبر شبكة «الإنترنت»، بعد قيام حركة «طالبان» بإغلاق المدارس الثانوية والجامعات المخصصة للنساء.

تعليق المساعدات يقضي على «الفرصة الأخيرة» لاستكمال برامج التعليم في الخارج أو عبر «الإنترنت».. و«خيبة أمل» كبيرة بين النساء الأفغانيات

وبينما سمحت المساعدات الأمريكية لآلاف الطالبات بمواصلة برامجهن الدراسية لاستكمال «حلم التعليم»، بعد انسحاب الجيش الأمريكى من أفغانستان فى عام 2021، وعودة حركة «طالبان» إلى واجهة المشهد السياسى مرة أخرى، أشارت صحيفة «واشنطن بوست» إلى أن العديد من هذه البرامج تم تعليقها إلى حد كبير، نتيجة الأمر التنفيذى الصادر عن إدارة ترامب، بعد ساعات من عودته إلى البيت الأبيض، بتعليق المساعدات الخارجية، إلا أن المتحدثة باسم البيت الأبيض، آنا كيلى، ردت على عدة انتقادات بشأن تعليق تمويل التعليم فى أفغانستان، بقولها: «النساء الأفغانيات يعانين بسبب قرار إدارة جو بايدن بالانسحاب الكارثى من أفغانستان، ما سمح لطالبان بالاستيلاء على السلطة وفرض سياسات العصور الوسطى».

واعتبرت الصحيفة الأمريكية أن قرار تعليق المساعدات الخارجية أصاب النساء فى أفغانستان بـ«خيبة أمل كبيرة»، ونقلت عن إحدى الفتيات، تبلغ من العمر 19 عاماً، قولها: «التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى»، فى إشارة إلى قرار الحكومة الأفغانية بإغلاق مدارس الفتيات قبل عدة سنوات، وأضافت: «الآن، يفعل الرئيس دونالد ترامب الأمر نفسه»، مشيرةً إلى أنها كانت تشعر بسعادة غامرة عندما التحقت بدورة تدريبية فى علوم الكمبيوتر، من خلال «الجامعة الأمريكية فى أفغانستان»، ولكن تم إلغاء الدورة فى اليوم التالى وتحدث عدد من الفتيات للصحيفة، بشرط عدم الكشف عن هويتهن، خوفاً من «بطش» حركة «طالبان»، التى تفرض حظراً على التعليم عبر «الإنترنت»، ضمن مجموعة من القيود التى تفرضها الحركة المتشددة على النساء فى أفغانستان، منها عدم النظر إلى غير أزواجهن أو أقاربهن، وعدم السفر لمسافات طويلة بدون مرافق من الرجال، وتعمل «شرطة الأخلاق» على تسيير دوريات بصفة مستمرة، تشمل الحدائق ومراكز التسوق، لفرض قواعد صارمة للفصل بين الجنسين، ما يثير مخاوف لدى الكثير من المنظمات الحقوقية من أن هذه الإجراءات تهدف إلى إبعاد النساء عن الحياة العامة.

واعتبرت «واشنطن بوست» أن هذا التغيير المفاجئ فى السياسات الأمريكية يثير القلق بالنسبة للكثير من الفتيات اللاتى بلغن سن الرشد خلال فترة الحرب الأمريكية ضد حركة «طالبان» فى أفغانستان، والتى استمرت لما يقرب من 20 عاماً، ولفتت إلى أن الفترة بين عامى 2005 و2019، شهدت تدفق استثمارات أمريكية فى قطاع التعليم بالدولة الواقعة فى وسط آسيا، بلغت حوالى 167 مليون دولار.

ورغم أن «الجامعة الأمريكية فى أفغانستان» كانت تعتبر الأكاديمية التعليمية الرائدة فى البلاد، فإنه بعد عودة «طالبان» للسلطة، تم نقل مقر الجامعة إلى العاصمة القطرية الدوحة، وما زالت تقدم أغلب برامجها التعليمية عن بعد، عبر شبكة الإنترنت، ومعظم الدارسين بها من النساء الأفغانيات، وبعد أيام من عودة الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض، أعلنت الجامعة، عبر موقعها الإلكترونى، تعليق الفصل الدراسى «ربيع 2025»، الأمر الذى أدى إلى حرمان أكثر من 700 طالبة من استكمال تعليمهن.

كما أدى قرار الرئيس الأمريكى إلى وقف المنح المخصصة للفتيات للالتحاق بالجامعة الآسيوية للنساء فى بنجلاديش، والتى كانت بمثابة أحد أفضل الخيارات المتاحة أمام الأفغانيات للدراسة فى الخارج، وقال كمال أحمد، مؤسس الجامعة، إنه «بعد الانسحاب الفوضوى للجيش الأمريكى، أدركنا حجم المعاناة التى تنتظر النساء فى أفغانستان»، مشيراً إلى أنه تم إطلاق برنامج مخصص للنساء الأفغانيات، وأضاف أنه منذ عام 2021، استقبلت الجامعة أكثر من 600 امرأة وفتاة من أفغانستان، وساعدتهن فى استكمال تعليمهن الجامعى، وكان من المتوقع وصول 330 طالبة أخرى من أفغانستان، خلال الأسابيع المقبلة، إلا أنه تم تعليق البرنامج، بعد قرار إدارة ترامب بوقف المساعدات الخارجية.

وبينما حظيت الجامعة الآسيوية للنساء بتكريم رفيع من جانب الولايات المتحدة، خلال الأسابيع الأخيرة لإدارة الرئيس السابق، جو بايدن، خلال احتفالية خاصة أقامتها وزارة الخارجية الأمريكية، فقد عبر «أحمد» عن شعوره بـ«الصدمة» بعد صدور قرار إدارة ترامب بتعليق الدعم لبرنامج تعليم الفتيات الأفغانيات، مشيراً إلى أن القرار جاء بعد نحو 10 أيام من الاحتفاء بالجامعة فى واشنطن، لدورها فى تعليم النساء فى أفغانستان، وأضاف أن النساء الأفغانيات، اللاتى حققن حلمهن باستكمال التعليم، من خلال الحصول على فرصة للدراسة، سواء عبر الإنترنت أو فى الخارج، أصبحن يتحدثن اللغة الإنجليزية بلكنة أمريكية لا تشوبها شائبة.

وناشد مؤسس الجامعة الآسيوية للنساء الجهات المانحة الأخرى، بما فيها ألمانيا وكندا، زيادة مساهماتها لاستكمال برنامج تعليم النساء الأفغانيات، إلا أنه تابع بقوله: «يبدو أنه لا أحد يمتلك الموارد الإضافية لسد الفراغ الذى تركه الأمريكيون»، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة كانت تسهم بأكثر من 20% من تكاليف الدراسة بالجامعة، كما أن السيدة الأمريكية الأولى السابقة، لورا بوش، تشغل عضوية مجلس أمناء الجامعة.

وتابعت «واشنطن بوست» تقريرها أنه حتى الدراسة فى الخارج كانت محفوفة بالمخاطر بالنسبة للفتيات الأفغانيات، وروت طالبة، تبلغ من العمر 21 عاماً، أنها عندما وصلت إلى مطار كابول للسفر إلى بنجلاديش للالتحاق بالجامعة، ظل عملاء «طالبان» يسألونها عن سبب مغادرتها البلاد، ما اضطرها إلى «الكذب»، وأجابت أنها فى طريقها لحضور حفل زفاف إحدى أقاربها، وتذكرت شعورها فى ذلك الوقت بقولها: «لقد كنت خائفة للغاية».


مواضيع متعلقة