روايح الشهر الكريم «كرنفال المطرية» للمحبة فى «عزبة حمادة»

روايح الشهر الكريم  «كرنفال المطرية» للمحبة فى «عزبة حمادة»

روايح الشهر الكريم «كرنفال المطرية» للمحبة فى «عزبة حمادة»

بمجرد أن تطأ قدماك منطقة المطرية، سترى وتسمع مظاهر البهجة والاحتفال باستقبال شهر رمضان، وتحديداً فى منطقة «عزبة حمادة»، حيث تمتلئ الشوارع الضيّقة بمظاهر الحياة والحب والمساندة، ويحرص الأهالى على الاجتماع، عاماً بعد عام، لتحويل شوارعهم إلى لوحات فنية بديعة، تعكس روح الشهر الكريم، مشاهد تجهيز زينة رمضان داخل العزبة ليست بالمشاهد الجديدة على أهالى المنطقة، لكنه تقليد يمتد لأكثر من عقد كامل، ليستكملوا مسيرة آبائهم، الذين بدأوا الاحتفال بقدوم شهر الصوم بمبادرات بسيطة من بعض شباب المنطقة، وسرعان ما تحولت إلى عادة سنوية يشارك فيها الجميع، وكأنهم عائلة واحدة ومنزل واحد، رجال ونساء وأطفال وحتى كبار السن، يتكاتفون فى رسم البهجة وتعليق الفوانيس والأنوار الملونة، وكأنها رسالة حب تجمعهم.

أبطال هذه اللحظات السعيدة من الأطفال، يتنقلون بين الحارات والشوارع، حاملين الفوانيس، ويتسابقون فى تعليق الزينة، ويشاركون فى جميع الفعاليات قدر استطاعتهم، وأعينهم تلمع بالفرح، كما أنهم يكبرون عاماً بعد عام، وهم يحملون الشغف نفسه، حتى يصبحوا فى يوم ما ضمن الشباب الذين يقودون هذه العادة الجميلة.

خلال جولة «الوطن» داخل «عزبة حمادة» بالمطرية، للوقوف على تجهيزات زينة رمضان، وحفل الإفطار الجماعى الذى يستعد الأهالى لتنظيمه هذا العام للسنة الـ13 على التوالى، تحدّث أهالى العزبة عن أبرز التجهيزات والطقوس التى يقومون بها منذ العام الأول، وبداية الفكرة، والإفطار والتجمع الذى يشهده الكثيرون، وسط توقّعات بأن يحضر حفل الإفطار الجماعى هذا العام 70 ألف شخص، حسبما أكد معاذ رضوان، 34 عاماً، أحد شباب العزبة، ومن القائمين على تنظيم حفل إفطار المطرية.

بدأ «معاذ» حديثه لـ«الوطن»، قائلاً: «إحنا بنكمل مسيرة آبائنا اللى بدأوها من 13 سنة، ولازم كل سنة نفتكر اللى غابوا عننا، ونعلق صورهم علشان نحس إنهم معانا، أمهاتهم بتفرح أن ابنها لسه وسطنا، واحنا فاكرينه، سواء سافر أو توفى»، مشيراً إلى أن أهالى المطرية اعتادوا تنظيم الإفطار الجماعى فى اليوم الـ15 من الشهر الكريم، ليتجمّع أهالى «عزبة حمادة» على مائدة واحدة، وكأنهم أسرة واحدة، حتى وصل الأمر فى السنوات الأخيرة إلى انضمام عدد من المشاهير والشخصيات العامة من الإعلاميين والوزراء والسفراء، ليشاركوهم الأجواء الفريدة والحالة المميزة.

وأضاف: «من صغرنا بنحب نعمل الخير، وبنتجمّع علشان نشارك بعض بيه، قبل رمضان كنا بنجيب خضار، ونبيعه للأهالى بأسعار أقل من الباعة، بالإضافة إلى المشاركة فى أعمال إنارة ودهانات الشوارع»، وأوضح أن الفكرة بدأت عام 2012، وكانت قبل حلول شهر رمضان، حيث بدأ الأهالى يتجمّعون على مائدة جماعية سنوياً، فى أحد أيام الجمعة بعد الصلاة، وانتقلت الفكرة إلى إقامة مائدة إفطار جماعى فى شهر رمضان سنوياً، بدأ الاستعداد لها بتوزيع المهمّات فى تحضير الطعام بين الجيران من السيدات وربّات البيوت، كما تم توزيع مهمات التنسيق وشراء الخامات على الشباب وبمشاركة الأطفال، وكانت كل سيدة تُعد الطبق المشهورة به، فالمحاشى لها قسم خاص، وكذلك اللحوم والخضراوات والمشروبات، وبعد العام الأول، زاد العدد من خارج العزبة بمشاركة أهالى المطرية والأصدقاء وأصدقاء الأصدقاء، حتى وصل العدد إلى عدة آلاف، وفى العام الماضى تجمّع على المائدة الرمضانية نحو 35 ألف شخص، وأقيمت المائدة فى 9 شوارع بالعزبة. وتابع «معاذ» أنه منذ 4 سنوات، فوجئ أهالى العزبة بحضور بعض المشاهير والشخصيات العامة حفل الإفطار الجماعى، من بينهم سفير كوريا الجنوبية السابق، هونج جين ووك، الذى شارك الأهالى على مائدة الإفطار، مشيراً إلى أن انتشار أخبار مشاركة السفير الكورى فى حفل الإفطار السنوى لأهالى المطرية، لفت انتباه عدد آخر من المشاهير، الذين يتوافدون على المنطقة فى كل عام، كما بدأ الكثير من قنوات التليفزيون ووسائل الإعلام تنقل فعاليات حفل الإفطار الجماعى على الهواء مباشرة.

ولفت الشاب إلى أن أهالى «عزبة حمادة» حصدوا جائزة «أفضل صورة» فى عام 2018، مع الإعلامية منى الشاذلى، مشيراً إلى أن الأمر يختلف هذا العام، حيث يتوقع الأهالى أن يصل عدد الحضور على مائدة الإفطار الجماعى هذا العام، إلى 100 ألف شخص، رغم أن القائمين على إعداد الحفل كانوا يخططون لجذب 70 ألف شخص، مما تطلب منهم اتخاذ إجراءات خاصة للسيطرة على التدافع، نتيجة كثرة الأعداد وضيق الشوارع، ويبذل شباب المنطقة جهوداً كبيرة فى كل مرة للسيطرة على الأمر، كما أشار «معاذ» إلى أن قسم شرطة المطرية يتولى تأمين المنطقة بالكامل، ويساعد أهالى العزبة فى تنظيم الإفطار السنوى، وأضاف أنه منذ 3 سنوات، يحرص الدكتور أشرف صبحى، وزير الشباب والرياضة، على استضافة أهالى المطرية سنوياً، ويقيم لهم حفل إفطار رمضانى، وفى العام الماضى، استضافهم الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، وكذلك السفيرة سها جندى، كما شهد العام الماضى أيضاً، حضور الدكتور أسامة الأزهرى، وزير الأوقاف حالياً ومستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية فى ذلك الوقت، مائدة الإفطار الجماعى فى المطرية، كما أنه وعد الأهالى بحضور حفل هذا العام، ويؤكد الأهالى أنه «سيفى بوعده».

وأضاف «معاذ» أن الفنان أحمد عز شارك فى حفل الإفطار الجماعى لأهالى المطرية، والإعلان الذى تم تصويره «واقعى من العزومة»، مشيراً إلى أن القائمين على الإفطار هم من شباب المنطقة، وكوادر فى الطبخ والتنظيم، لأن منهم من يمارس هذه المهن فى أماكن مرموقة، حتى الرسومات على الجدران، شارك فيها شباب المنطقة، وكانت فى البداية بشكل بدائى للغاية، وفى «رمضان 2025»، تم استحداث الزينة والرسومات، والزينة الجديدة عبارة عن أفرع من لمبات الإنارة التى تُزين «عزبة حمادة» بالكامل، بالإضافة إلى إقامة مسرح، لتقديم فقرات ترفيهية مختلفة.

وحسب أهالى المنطقة، فإن التجهيزات ليوم 15 رمضان تبدأ منذ ليلة السحور، عشرات الحلل والشوايات والبوتاجازات، لتجهيز الأكلات التى ستُزين المائدة وتوزيع المهمات على سيدات البيوت والشباب، «علشان الكمية كبيرة والأكل كتير، بقينا نعمل الأكل فى الشارع، وشيفات المنطقة بيتعاونوا علشان نكفّى الأعداد دى كلها»، بالإضافة إلى تجهيز اللوحات التى تخلد ذكرياتهم، منذ حفل الإفطار الأول، وصور الراحلين عنهم، حتى الأشخاص الذين سافروا، يتم التواصل معهم ودعوتهم للمشاركة فى «العزومة».

«أم محمد»، فى منتصف العقد السادس من عمرها، أكدت أنها تشارك فى حفل الإفطار الرمضانى منذ السنة الأولى، وأهالى «عزبة حمادة» جميعهم عائلة واحدة، وأنها تعتبر جميع الشباب المشاركين والمؤسسين من أبنائها. وأضافت أنه مهما زادت الأعداد، سيظل أهالى العزبة عائلة واحدة، و«العزومة دليل على محبتهم ودعمهم القوى لبعضهم، لأنها تقربهم من بعض كل عام أكثر». وتابعت بقولها: «أنا مش بادخل بيتى غير على النوم، وبالذات فى شهر رمضان، من كتر الفرحة والأجواء الحلوة اللى إحنا فيها، ودورى فى العزومة تحضير الأكل، والموضوع بدأ بإعداد كباب الحلة، وده بيكون أشهر طبق على المائدة، وكمان بنوزّع الأكل والكميات على باقى الستات اللى بتشارك فى العزومة».


مواضيع متعلقة