المراهنات الإلكترونية وأوهام الثراء المزعوم خطر يهدد الفرد والمجتمع

المراهنات الإلكترونية وأوهام الثراء المزعوم خطر يهدد الفرد والمجتمع
ظهر في الآونة الأخيرة عدد من الجرائم والظواهر المستحدثة على المجتمع المصري التي تتطلب مواجهة فكرية وتوعوية لا تقل أهمية عن مواجهتها أمنياً، وفي مقدمتها ظاهرة المراهنات الإلكترونية.
المراهنات الإلكترونية تستقطب الشباب
بدأت ظاهرة المراهنات الإلكترونية تستقطب عددا من الشباب والمراهقين في مصر مؤخرا، تحت ستار الربح السريع في ظل سهولة الوصول إلى التطبيقات والمنصات والمواقع الإلكترونية التي تقدم هذه الخدمات، وكذلك تنوعها ما بين المراهنات الرياضية على مباريات كرة القدم، إلى ألعاب الحظ الافتراضية، لتجذب فئات عمرية متنوعة، بما في ذلك الأطفال والمراهقين الذين يجدون فيها مغامرة تبدأ بمبالغ زهيدة وتنتهي بخسائر فادحة.
مع وجود إعلانات مغرية تروج لأرباح خيالية، يقع الكثيرون في فخ الإدمان على تلك المراهنات، دون إدراك العواقب؛ حيث يتم النصب على الضحية في بداية الأمر بمكاسب متوالية، ثم استدراجه لزيادة أرباحه ومضاعفتها، ليصطدم الضحية فجأة ببدء منحنى الخسائر، فيحاول تعويض خسارته، لكن دون جدوى، فيكون أمامه إما طرق باب الجريمة للحصول على أموال للاستمرار في تلك المراهنات، أو التخلص من حياته، يأساً في تعويض خسارته، وهو ما شهده المجتمع فعليا في الحالتين خلال العديد من الوقائع التي أعلنت عنها وزارة الداخلية.
وأكد عدد من الدراسات العلمية التي أجريت مؤخرا حول ظاهرة المراهنات الإلكترونية، أنها تترك بصمات وآثار سلبية عميقة على الفرد، سواء على الجانب النفسي،؛ حيث يعاني المدمنون على هذه المراهنات من القلق والاكتئاب الحاد، خاصة عندما تتراكم الخسائر المالية، وهو ما يدفعهم إلى أفعال تخالف معتقداتهم الفكرية والقواعد الأخلاقية التي نشأوا عليها، وكذلك على الجانب الاقتصادي، نظرا لأنها تؤدي لاستنزاف مدخرات الأفراد، حيث يلجأ البعض إلى الاقتراض أو بيع ممتلكاتهم لتغطية الخسائر.
لا تقتصر الآثار السلبية للمراهنات الإلكترونية على الفرد وحده، بل تمتد لتهدد أمن واستقرار المجتمع؛ حيث يرى الخبراء أن انتشار هذه التطبيقات بين الأطفال والمراهقين يشكل خطرًا على قيم المجتمع؛ حيث يتم استبدال مفاهيم العمل الجاد والكسب الحلال بفكرة الربح السهل، مما يهدد بجيل يفتقر لقيم التعليم والعمل، كما تربط بعض الدراسات بين تزايد العنف الاجتماعي وإدمان المراهنات، لافتة إلى أن الحالات أظهرت فقدان المدمن القدرة على تحمل الخسائر، دفعه إلى سلوكيات عدوانية في محيطه.
القانون المصري يحظر القمار
ويحظر القانون المصري جريمة (القمار) بموجب القانون رقم 73 لسنة 1957، لكن المراهنات الإلكترونية تقع في منطقة رمادية، فبينما تعتبر مجرمة نظريًا، إلا أن ضبطها يواجه عقبات تقنية، بسبب استضافة معظم هذه المواقع خارج حدود الوطن، مما يجعل تتبعها وضبطها كاملة، أمراً صعبًا.
ومن جانبها، أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى تصنف المراهنات الإلكترونية كشكل من أشكال القمار المحرم شرعًا، مستندة إلى الآية القرآنية: «إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه».
وتبذل وزارة الداخلية المصرية جهودًا مكثفة لمكافحة هذه الظاهرة التي تهدد أمن واستقرار المجتمع؛ حيث نجحت الأجهزة الأمنية المعنية في شهر أكتوبر الماضي، بالتعاون مع هيئة الرقابة الإدارية، في ضبط تشكيل عصابي، تخصص في استقطاب الشباب للمراهنات غير المشروعة عبر مواقع تديرها شبكات خارجية، كما أعلنت الوزارة في فبراير الماضي، عن القبض على 13 متهمًا، منهم 3 أجانب، يديرون منصة FBC للاحتيال الإلكتروني، بعد تلقي شكاوى من 101 مواطن أفادوا بخسارة أموالهم بعد النصب عليهم من خلال تلك المنصة.