ترامب يخطط لصفقة تجارية كبرى مع الصين

ترامب يخطط لصفقة تجارية كبرى مع الصين

ترامب يخطط لصفقة تجارية كبرى مع الصين

يبدو أن الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، يحمل رؤية جديدة للحرب التجارية بين بلاده والصين، ويسعى إلى إبرام صفقة تجارية كبرى مع «بكين»، إذ نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تحليلات معمقة لخبراء ومسئولين أمريكيين سابقين وحاليين حول تلك الحرب وكيف ستسير، إذ تؤكد التحليلات أن «ترامب» ينظر حالياً فى إمكانية إتمام اتفاق مع الرئيس الصينى شى جين بينج، لكن توجد عقبات كبيرة أمام التوصل إلى هذا الاتفاق.

وذكرت الصحيفة الأمريكية أنه أثناء إدارة الرئيس السابق، جو بايدن، تحدث «ترامب»، خلال جلسة فى صالونه الفخم فى «مار إيه لاجو» بولاية فلوريدا، الذى استضاف فيه الرئيس الصينى فى وقت سابق، عن نتائج اتفاقية التجارة التى وقعها مع الصين فى عام 2020، واتهم من سماهم «الأشخاص البائسين فى البيت الأبيض»، فى إشارة إلى إدارة الرئيس السابق، بالفشل فى احترام الاتفاقية، كما تعهد بأنه فى حالة فوزه بالرئاسة مجدداً سوف يعمل على إبرام «صفقة القرن» مع الصين.

ومؤخراً، أعرب الرئيس الأمريكى عن اهتمامه بإبرام اتفاقية تشمل استثمارات كبيرة، والتزامات من جانب الصينيين بشراء المزيد من المنتجات الأمريكية، ورغم ذلك فإن الصين لم تلتزم بشراء سلع وخدمات من الولايات المتحدة بقيمة 200 مليار دولار إضافية، بموجب اتفاقية 2020، كما يرغب «ترامب» فى أن تغطى الاتفاقية الجديدة بعض المجالات الأخرى، مثل أمن الأسلحة النووية، وكشف عدد من مستشاريه عن أنه سيعمل مع الرئيس الصينى وجهاً لوجه لتسوية الصفقة المرتقبة.

وبحسب التقرير، فإن «ترامب»، الذى يتطلع إلى التفاوض مع الصين بشأن إنهاء الحرب التجارية، يهدد فى نفس الوقت بفرض المزيد من الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية، بل وأصدر أمراً تنفيذياً، مطلع فبراير الماضى، بفرض رسوم بنسبة 10% على جميع الواردات الصينية، فى إجراء وصفه بـ«الضربة الافتتاحية»، كما هدد بإلغاء «العلاقات التجارية الطبيعية الدائمة»، التى قدمتها الولايات المتحدة للصين قبل أكثر من 20 عاماً، ورغم أن الصين تعد واحدة من أكبر التهديدات للأمن القومى للولايات المتحدة، لكنها أيضاً شريك تجارى رئيسى وفاعل محورى فى مجموعة من القضايا، بما فى ذلك الأمن النووى والتكنولوجيا، والاستعداد لمواجهة أى وباء، ومن واقع حديث عدد من الخبراء لـ«نيويورك تايمز»، فإن الميول المتقلبة للرئيس الأمريكى هى التى ستحدد ما إذا ستتمكن الولايات المتحدة من تحقيق علاقات أوثق مع الصين، أو الانزلاق معها إلى صراع.

وقال مايكل بيلسبرى، الخبير فى الشئون الصينية، الذى كان مستشاراً لـ«ترامب» أثناء تفاوضه مع الصين على الصفقة التجارية خلال ولايته الأولى، إن الرئيس أخبره، قبل بضعة أشهر، بأنه يريد عقد صفقة مع «جين بينج» تعود بالنفع على الجانبين، وأضاف أن النقاش الداخلى بين فريق إدارة «ترامب» قد بدأ بالفعل حول من سيتولى مسئولية المحادثات، وما هى عناصر اتفاقية التجارة لعام 2020 التى لم يتم الوفاء بها، وأفضل السبل لإعادة الصين إلى طاولة المفاوضات.

كما أكد ماثيو توربين، مسئول البيت الأبيض خلال إدارة «ترامب» الأولى، ويعمل حالياً فى معهد «هوفر» للأبحاث، أنه ليس من المستغرب أن «ترامب»، الذى أعلن عن نفسه للناخبين الأمريكيين كـ«صانع صفقات»، يسعى إلى ترتيب جديد مع الصين، وتابع بقوله: «من المؤكد أن التوصل إلى اتفاق أمر جيد، لكن «ترامب» لا يريد أن يفعل ما قد يعتبره صفقات سيئة»، فيما أوضح مستشارون ومحللون أن «واشنطن وبكين» ستضطران إلى التعامل مع العديد من العقبات؛ للتوصل إلى اتفاق، وأن إدارة «ترامب» لم تستقر بعد على ما تريده من الصين، إذ ناقش الجانبان مقترحات لإحضار «جين بينج» إلى الولايات المتحدة، أو ذهاب «ترامب» إلى «بكين»، لكن لم يتم التخطيط لزيارة رسمية بعد.

ونقلت «نيويورك تايمز»، عن مسئول أمريكى سابق، ومصدر آخر مطلع على المحادثات بين «واشنطن» و«بكين»، أن مسئولين، مثل هوارد لوتنيك، وزير التجارة فى إدارة «ترامب»، وسكوت بيسنت، وزير الخزانة، والملياردير إيلون ماسك، وزير الكفاءة الحكومية، يشجعون الرئيس «ترامب» على إنجاز صفقة مع الصين، باعتبار أنه فى وضع يسمح له بإبرام اتفاق مهم.

وخلال الفترة الماضية، اهتم الصينيون بشكل خاص باستكشاف الدور الذى يمكن أن يلعبه «ماسك»، الذى لديه مصالح تجارية واسعة النطاق فى الصين، من خلال شركته «تسلا»، وعقد هان تشنج، نائب الرئيس الصينى، الذى شارك فى مراسم تنصيب «ترامب»، نيابة عن الرئيس جين بينج، اجتماعاً مع «ماسك» فى يناير الماضى، وأكد مسئول سابق، مطلع على المفاوضات، أن «ماسك» أعرب عن ثقته فى إمكانية إبرام صفقة مع الصين، وأنه من المهم للولايات المتحدة إيجاد طرق للعمل مع الصين لتجنب التوترات المتزايدة، كما رجحت مصادر أخرى أن يقود كل من وزيرى التجارة والخزانة أى مفاوضات مستقبلية مع الصين، ويدرسان حالياً بعض المقترحات لإعادة التوازن التجارى بين الجانبين، ويشمل ذلك استثمارات صينية كبيرة فى الولايات المتحدة، وعمليات شراء كبيرة للمحاصيل الأمريكية والطائرات والسلع الأخرى، وربما التوصل إلى ترتيبات لمعالجة مشكلة فائض القدرة التصنيعية فى الصين.

توجهات إدارة ترامب

وبينما رفض كل من «لوتنيك وبيسنت وماسك»، وكذلك المتحدث باسم البيت الأبيض، الإفصاح عن توجهات إدارة «ترامب» لعقد صفقة تجارية مع الصين، أكد مصدر قريب من وزير الخزانة، طلب من «نيويورك تايمز» عدم كشف هويته، أن «بيسنت» يركز حالياً على إنفاذ التزامات الصين التجارية السابقة، وليس المطالب المستقبلية، مشيراً إلى أنه اقترح، خلال جلسة سابقة فى يناير، أن تقوم «بكين» بعمليات شراء تعويضية؛ للوفاء بهذه الالتزامات، وذلك بعدما أمر «ترامب» مستشاريه بمراجعة امتثال الصين للاتفاق، والبت فى فرض رسوم جمركية أو عقوبات أخرى بحلول أبريل 2025.

فى المقابل، يرى عدد من المراقبين أن الضعف الأخير فى الاقتصاد الصينى قد يجعل الرئيس جين بينج أكثر استعداداً لإبرام صفقة، ولكن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين أصبحت أكثر تحدياً بطرق قد تجعل التوصل إلى اتفاق جديد أكثر صعوبة، كما أن الضعف فى سوق العقارات أجبر «بكين» على الاعتماد بشكل أكبر على الصادرات، إذ تغمر الصين العالم بالسيارات والألواح الشمسية وغيرها من المنتجات، مما أدى إلى خروج مصانع فى بلدان أخرى من العمل.

حذر الصين من أمريكا

وعلى الجانب الصينى، ينظر المسئولون فى «بكين» إلى إدارة «ترامب» بحذر، وسط توقعات بأن تمر العلاقات مع «واشنطن» بمرحلة جديدة من التوتر، بعدما أمر الرئيس الأمريكى بفرض رسوم جمركية إضافية على المنتجات الصينية، إلا أنهم يعتقدون أن رغبة «ترامب» فى إعادة صياغة العلاقات التجارية مع الصين، قد تعيد الحديث عن صفقة تجارية محتملة إلى طاولة المفاوضات مرة أخرى.


مواضيع متعلقة