وزراء «فودة» وصفحات الفساد «السودة»!!

آمال عثمان

آمال عثمان

كاتب صحفي

أثناء وجودى فى حفل زفاف جمعنى، ومجموعة من الزملاء والأصدقاء الصحفيين قبل عدة أشهر، سألت الإعلامى وائل الإبراشى عن سر قوة ونفوذ المدعو محمد فودة، سمسار الفساد ومتعهد أصول فن الرشوة فى كل العصور، وعن الأسباب التى جعلت شخصاً مثله يعود أكثر قوة بعد خروجه من السجن فى قضية مخلة بالشرف، ويقفز إلى قمة المجتمع ويتحرك بمنتهى الأريحية كأحد كبار الشخصيات، وينتزع لقب إعلامى وكاتب، وكيف ينجح هذا الأخطبوط فى مد أذرعه للإيقاع بشخصيات سياسية وإعلامية ومسئولين فى الحكومة، ويخدع الوزراء ورجال الأعمال، رغم تاريخه الأسود الذى لا يخفى على أحد فى المحروسة!!

رمقنى الإعلامى الصديق بنظرة لها معنى وعلى وجهة ابتسامة ذات مغزى، وأجاب قائلاً: لأنه يقدم خدمات خاصة لا يستطيع أحد غيره أن يقوم بمثلها!! لذلك لم يكن خبر القبض على «فودة» فى قضية الفساد الكبرى بوزارة الزراعة يمثل لى أدنى مفاجأة، فقد كنت على يقين بأنه سيعود من حيث أتى لا مناص!! لكن المفاجأة الغريبة حقاً هى قدرة هذا الفتى الفاسد على خداع عدد من الوزراء فى الحكومة، وإخضاعهم لتهديداته وابتزازه ونفاقه ومجاملاته!!

ولأن أرض الكنانة فيها من العجائب والغرائب ما يفوق حكايات ألف ليلة وليلة ومغامرات لص بغداد، وجدنا المدعو فودة يقيم فى جناح فاخر بفندق يطل على النيل على حساب اثنين من كبار رجال الأعمال!! وشاهدنا فضائية تنقل له مؤتمراً جماهيرياً على الهواء مباشرة من زفتى مسقط رأسه بصفته مرشحاً للبرلمان وأحد رموز العمل السياسى!! ورأينا وزير الصحة يرافقه أثناء افتتاح مستشفى زفتى العام التى يرأس مجلس أمنائها!! ووجدنا وزير الأوقاف يمنحه موافقة بتجديد وتطوير مساجد زفتى، ووزير البترول يعطيه موافقة أخرى بتوصيل الغاز الطبيعى للمدينة، وإقامة محطة غاز هناك، بعد أن قدم «الفتى فوده الهمام» وعداً لأصحاب مصانع الطوب بتحويلها إلى الغاز الطبيعى!!

ولكن السؤال الذى يحيرنى كثيراً.. ألم تصل إلى مسامع هؤلاء السادة الوزراء أخبار قضية فودة الشهيرة التى أدين فيها وحكم عليه بالحبس خمس سنوات، وتم تغريمه وزوجته الأولى حوالى 6 ملايين جنيه؟! ألم يقرأوا فى الصحف عن دوره المعروف فى تسهيل الاستيلاء على الأراضى الخاضعة للآثار؟! ألم يعلموا أن لديه صحيفة سوابق لا تؤهله ليكون كاتباً كبيراً صاحب مقال فى جريدة، ولا تشرف للانتماء لأى مهنة؟! وأين كانت الأجهزة الرقابية والجهات الأمنية من تحركات سمسار الفساد داخل الوزارات الحكومية؟!

لقد روى وزير سابق فى الحكومة المقالة أو المستقيلة.. كيف حاول المدعو فودة ابتزازه، وعرض خدماته للعمل كمستشار إعلامى فى ظل حملة كان قد تعرض لها الوزير، وحكى لى مع مجموعة من الأصدقاء عن المكالمة التى تلقاها من «فودة» وكان فى حالة ثورة وغضب، لأن أحد المطاعم الشهيرة فى الساحل الشمالى رفضت دخوله وزوجته السابقة غادة عبدالرازق لعدم وجود أماكن خالية، وبعد وصلة تطاول وسباب فى المطعم والعاملين به، طالب الوزير بإصدار قرار بإغلاق المطعم!! فرد الوزير ساخراً: ليس لدى مانع ولكن بشرط أن يكون هناك مخالفة تدينه!!هل أدركتم يا سادة إلى أى مدى وصل نفوذ السيد فودة فى مصر المحروسة؟! وكيف صار يظن أنه الحاكم بأمر الله فى مصائر خلق الله؟!

ولكن العيب فى وزراء آخر زمن الذين ترتعد فرائصهم من هجمات أقلام الأقزام وتهديدات اللئام وسماسرة المصالح، وكأن على رؤوسهم بطحة، والخطأ فى هؤلاء المسئولين الذين أطاحوا بهيبة الحكومة، ويتفاخرون ليل نهار بأنهم «خدام الشعب»!! إن مصر تحتاج لوزراء يخدمون الوطن ويطبقون القانون ويحفظون هيبة الدولة، ولا يخشون فى الحق ملامة، وليس «خدماً» يتحركون تحت إمرة كل من هب ودب وينافقون أصحاب الأقلام والمال!!