صيادو القصير: محتجزون فى سجون «الزول»

صيادو القصير: محتجزون فى سجون «الزول»
- أحمد حجاج
- أحمد سعد
- أربعة صيادين
- أزمة سياسية
- أهالى الصيادين
- أيام زمان
- إهمال حكومى
- الأمن الاقتصادى
- الأمن السودانى
- البحر الأحمر
- أحمد حجاج
- أحمد سعد
- أربعة صيادين
- أزمة سياسية
- أهالى الصيادين
- أيام زمان
- إهمال حكومى
- الأمن الاقتصادى
- الأمن السودانى
- البحر الأحمر
- أحمد حجاج
- أحمد سعد
- أربعة صيادين
- أزمة سياسية
- أهالى الصيادين
- أيام زمان
- إهمال حكومى
- الأمن الاقتصادى
- الأمن السودانى
- البحر الأحمر
- أحمد حجاج
- أحمد سعد
- أربعة صيادين
- أزمة سياسية
- أهالى الصيادين
- أيام زمان
- إهمال حكومى
- الأمن الاقتصادى
- الأمن السودانى
- البحر الأحمر
صخرة بيضاء ضخمة تستقر وسط مياه البحر الأحمر، قبالة السواحل السودانية، كُتب عليها «الحدود المصرية» وإلى جانبها مركب شحن غارق، ومن حوله استقرت أربعة قوارب صيد صغيرة بمنطقة «أبوصيرة» على بعد 42 كيلو من شواطئ حلايب، ترمى شباكها وتنتظر ما يجود به البحر من أسماك، هناك حيث اعتاد الصيادون المصريون أن يمارسوا مهنتهم بعدما خرجوا تاركين وراءهم نساءهم وأطفالهم من أجل البحث عن لقمة عيش لم يجدوها على سواحل مدينة «القصير»، حيث ولدوا وعاشوا، فقرروا أن يبحروا بالأيام والشهور، على أمل العودة بالخير، غير أنهم خرجوا تلك المرة بلا عودة، بعدما داهمتهم زوارق خفر السواحل السودانية وقبضت على 13 صياداً مصرياً منهم، كانوا يستقلون أربعة قوارب صيد.
{long_qoute_1}
صبيحة يوم 9 أغسطس الماضى لم يتوقع الريس «عبدالرحمن محمود» ورفاقه من الصيادين أن يخترق حرس الحدود السودانى المياه الإقليمية المصرية ويقبض عليهم بداخلها، خاصة أنهم خاصموا زيارة المياه السودانية منذ أزمة النزاع «المصرى - السودانى» على منطقة «حلايب وشلاتين»، مكتفين بالصيد على حدودها المعروفة، هكذا يروى «عبدالقادر حمزة»، الذى فقد ثمانية من عائلته كانوا يعملون على متن القوارب المحتجزة، ويقول إنها ليست المرة الأولى التى يُقبض فيها على صيادين مصريين على الحدود المصرية السودانية، ولكن تلك المرة طال احتجازهم بشكل مثير منذ ما يقرب من شهر كامل.
انقطع الاتصال بين «حمزة» وشقيقه ومن تم احتجازهم معه لمدة طويلة داخل مبنى الأمن الاقتصادى بميناء بورسودان، ما جعل الشكوك تساورهم حول ما يحدث لذويهم هناك، صار لديهم اعتقاد جازم بأن ذويهم سوف يكونون ضحايا عملية مساومة بين الحكومتين السودانية والمصرية مقابل الإفراج عن السودانيين المحتجزين فى السجون المصرية: «فيه 15 سودانى مقبوض عليهم فى جبل عتاقة كانوا بينقبوا عن الدهب.. محدش عارف يمكن عايزين يساوموا عليهم».
بملامح عابسة وصوت متجهم، ولحية صغيرة يستقر «محمد عواجة» على أريكة داخل منزل ابن عمه «شحاتة عواجة»، المطل على ساحل البحر الأحمر بمدينة القصير، بحسب «محمد» فإن «شحاتة» المحتجز مع غيره من الصيادين فى سجون السودان لم يدخل المياه الإقليمية السودانية، ولكن قُبض عليه داخل الحدود المصرية، يعلو صوته متسائلاً: «هى حلايب بتاعتنا ولا مش بتاعتنا؟ ما هما لازم يفهمونا.. هو كان بيصطاد على امتداد سواحل حلايب داخل البحر».
لم يكن الصيد مهنة «شحاتة» الأصلية، كان يعمل بالسياحة منذ تخرجه فى الجامعة، ولكن ما أصاب القطاع السياحى بسبب الأحداث والثورة دفعه للبحث عن مهنة أخرى: «الدنيا واقفة فى السياحة ومكنش عنده حل تانى وإلا يقعد فى البيت»، ولم يجد الشاب سوى العمل بالصيد، تلك المهنة التى يعمل بها أهل مدينته الساحلية: «دى تالت رحلة ليه، وما بقالوش سنة ونص شغال فيها».
ويشير «عواجة» إلى الصخرة التى تستقر على الحدود «المصرية - السودانية» والتى يعرفون بها المياه الإقليمية المصرية من السودانية: «من ساعة ما وعينا على الدنيا وحدودنا تنتهى عند الصخرة دى»، ويؤكد أن الصيادين المصريين لا يعبرون تلك الصخرة ولم يدخلوا الحدود السودانية من قديم الأزل، خاصة من بعد الأزمة حول أحقية مصر فى منطقة حلايب.
«الصياد غلبان.. يقعد متغرب عن بيته بالشهر عشان يقدر يجيب أكل لعياله»، يقول «عواجة» الذى يعمل مدرساً بإحدى مدارس مدينة القصير، مشيراً إلى أن القرى السياحية ترفض توظيف أهالى القصير: «شايفينا كسلانين ومش بتوع شغل.. إشاعة طلعوها علينا من زمان وملازمانا ومش راضية تسيبنا إحنا وعيالنا»، ولذلك فلا يوجد واحد منهم يقتات لقمة عيشه فى تلك المدينة الفقيرة سوى الصياد، خاصة بعد إغلاق مناجم الفوسفات والذهب الموجودة بأراضيهم، بخلاف ما تمر به السياحة من أزمة عقب ثورة يناير.
{left_qoute_1}
البحث عن أنواع مختلفة من الأسماك، يزيد سعرها عن تلك التى تعيش قبالة سواحلهم، هو السبب الذى يستخدمه «عواجة» لتبرير رحيلهم بمراكب الصيد فى القصير للبحث عن مرسى آخر بعيداً عن منازلهم بأكثر من 500 كيلومتر جنوباً، حيث يصطادون قبالة السواحل السودانية، من خلال ميناء صيد «برمات»، الذى يخرجون من خلاله نحو الحدود المصرية السودانية للصيد فى رحلة تمتد نحو عشرة أيام لا تزيد.
يسرد الرجل قصة القبض على ابن عمه ورفاقه من الصيادين الثلاثة عشر، ويقول ممتعضاً إن الزوارق السودانية خرجت عليهم واحتجزتهم ونقلتهم إلى منطقة تسمى «أبوسيف» داخل السودان بالقرب من الحدود وظلوا فيها خمسة أيام، وخلال تلك الفترة كان على تواصل مع ابن عمه: «كلمنى وقالى إنهم محتجزين داخل مسجد»، ولكن ما لبثت الاتصالات أن انقطعت قبل أكثر من 12 يوماً، وكان آخر ما قاله له ابن عمه إنهم سينقلونهم إلى «بورسودان» وهى أحد الموانى السودانية القريبة من الحدود المصرية، وظلوا محتجزين هناك دون خضوعهم لأى تحقيق آخر.
متشحة بالسواد تجلس «فاطمة محمد» زوجة «محمد عبدالرحمن» صامتة متجهمة بعدما غاب عنها زوجها شهراً كاملاً، ولكن ما يعصر قلبها هو القبض عليه خلال رحلة الصيد، تخرج عن صمتها، وبصوت متحشرج مهددة: «إحنا مش هنسكت.. رجالة أو حريم مش هنسكت.. هنعمل أى حاجة عشان نطلع رجالتنا»، وتقول إن زوجها خرج للصيد خلال الشهر الماضى، وظل على اتصال بها حتى بعد القبض عليه، ولكن قبل أسبوع من الآن انقطعت الاتصالات به.
«إحنا ناس بتوع صيد ملناش فى أى مشاكل»، تقول «فاطمة» نافية نشوب أى احتكاكات قبل تلك الواقعة بين زوجها والصيادين والأمن السودانى، مؤكدة أن تلك هى المشكلة الأولى التى يقع فيها زوجها خلال رحلة الصيد التى يبدأها من مرسى «أبرمنت»: «هو بيطلع بالشهر عشان يجيب فلوس إيجار الشقة وأكلنا وشربنا وبس.. البحر ماعدش زى زمان ومشاكل الصيد كتير لكن توصل لحد إنهم يقبضوا عليه ويخفوه عنا فى بلاد غريبة كده كتير وصعب علينا».
تعدل «فاطمة» من وضع طفلها التى تحمله على كتفها، وهو ينخرط فى بكاء مستمر: «سايب ابنه عيان عشان يعرف يجيب له تمن العلاج.. ودلوقتى لا لاقية حد يلف بيه معايا على الدكتور ولا عارفة هجيب تمن علاجه منين من ساعة ما أبوه اتقبض عليه هناك وربنا يتولانا».
لم يكن زوج «فاطمة» يعمل صياداً منذ صغره كبقية زملائه ولكن كان يعمل فى السياحة على باخرة سياحية، ولكنه امتهن الصيد منذ عام ونصف العام بعد ما أصاب السياحة من تدهور عقب ثورة 25 يناير: «السياحة ما بتأكلش عيش.. وما كانش فيه قدامه حل تانى وآدى حالة بلدنا كده».
ليس كل ما فقدته «فاطمة» هو زوجها ولكن أيضاً شقيقها صاحب مركب الصيد، الذى يعمل على متنه زوجها أيضاً وهو محتجز معه: «الواحدة مش عارفة تحزن على جوزها ولا أخوها.. ضربتين فى الراس توجع».
تنوى السيدة الثلاثينية الخروج فى مظاهرة أمام مجلس مدينة القصير: «ليه الناس مش بتحس بالنار اللى جوانا»، فهى تحاول وزوجات المحتجزين فعل أى شىء يعيد لهن أزواجهن: «النار اللى جوانا لو خرجناها هتحرق البلد كلها»، خاصة ما تجده من إهمال حكومى: «عايزة أشوف جوزى وأطمن عليه».
لم تكل السيدة من الاتصال بوزارة الخارجية والتى كان ردها دائماً: «إحنا على علم بالموضوع وبنتابعه.. والموضوع مجرد إجراءات»، وتقول إن الموضوع أكبر من مجرد إجراءات، وكل ما تطلبه تدخل الحكومة لإخراج زوجها: «عايزين يحسوا بينا شوية».
على مقربة من جلسة السيدة يستقر «سيد محمد» شقيقها، الذى يحتجز من عائلته سبعة صيادين دفعة واحدة: «جوز أختى اللى قاعدة ديه وأخويا وابن أخويا وابن أخويا التانى وجوز أختى التانية وابن أختى»، ويقول إن شقيقه والستة كانوا يعملون على ثلاثة مراكب.
الرجل صاحب الوجه الأسمر يعمل قبطاناً لمركب سياحى يتنقل ما بين النوبة والسودان، يقول إن عملية الاحتجاز التى طالت عن المدة المعروفة دائماً حركت بداخلهم الشكوك أن ذويهم ضحايا أزمة سياسية بين «القاهرة والخرطوم»، ولا يعرفون مداها، وأن هناك حديثاً سمعه من بعض السودانيين الذين يعرفهم بحكم عمله الدائم هناك يشير إلى أن القبض على أفراد عائلته تم للمساومة عليهم مع بعض السودانيين المقبوض عليهم فى القاهرة: «بس هما ذنبهم إيه يقعوا فى الحكاية دى؟».
يعمل «جمال» شقيقه فى الصيد منذ 40 عاماً: «دى شغلانتهم»، ويؤكد أن تلك هى المرة الأولى التى يتعرض فيها شقيقه لمشكلة فى حياته: «الصياد أى مكان فيه سمك مش ممكن يسيبه.. حتى لو بيخاطر، ده أكل عيشه»، مشيراً إلى أن على كاهله مسئوليات: «بنته على وش جواز غير عياله كلهم فى المدارس مش هيقعد فى البيت لازم يخرج ويتغرب عشان أكل عيشه ورزق عياله».
بجسده النحيل ونظارته الطبية وشعره الفضى، يجلس «مصطفى حسين» ترتعش يداه توتراً من فرط الخوف على شقيقه «محمد حسين» ورفيق عمله فى الصيد ابن عمه «عبدالرحمن محمود»، ويقول بعصبية مفرطة إنهم «أيام زمان كنا نصطاد جوه السودان نفسها ولا حد كان بيقربلنا».
{left_qoute_2}
الرجل المحتجز شقيقه وابن عمه مع بقية الصيادين يتذكر وقتما كانوا معاً يصطادون داخل المياه السودانية، بمركب صيد كبير، قبل بيعه وشراء مركب صغير «فلوكة» بعد انقطاع عملية الصيد داخل المياه السودانية بعد أزمة حلايب بين مصر والسودان بخلاف اقتصار تصاريح الصيد على مدد قصيرة لا تتعدى العشرة الأيام.
يقول «مصطفى» إن عمل شقيقه السبعينى ومن معه من الصيادين قائم على صيد «السنارة» وقواربهم ليست بالكبيرة، ولكنها مجرد «فلوكة» لا تحمل سوى أربعة صيادين، ولا يمكن معاقبة بعض الصيادين لا يزيد حجم صيدهم للأسماك على بضعة كيلوجرامات يومياً: «ممكن يقعد اليوم كله وما يصطادش خمسة كيلو»، ويؤكد صعوبة وصولهم بتلك المراكب للصيد داخل الحدود السودانية: «لا المعدات اللى معاهم ولا مراكبهم تسمح لهم إنهم يدخلوا الحدود السودانية.. غير أن تصريح الصيد من السلطات المصرية لا يزيد على عشرة أيام بس مينفعش فى عشرة أيام يدخلوا السودان.. ده كان زمان لما كنا نقعد بالشهور».
لم يمنع الأمن السودانى يوماً صياداً مصرياً من الصيد على سواحله، بل كان تظل المراكب، حسب رواية «مصطفى»، بالشهور داخل المياه السودانية لصيد «البورى» خلال رحلة تمتد لثلاثة شهور بالمراكب الشراعية: «كان يقابلنا الضباط السودانيين على الحدود نديهم صحن الرز وجرة العسل.. ويدونا نص عزاله من اللى يصطادوه»، ولكن توقف الأمر تماماً من بعد أزمة حلايب: «خلاص بقى مابقوش بيسمحوا لنا بيه» ويستطرد: «كنا بنروح مناطق فى عمق السودان من بنجناب وبورسودان ومدن كتير».
يستنكر الرجل الذى يعمل فى الصيد منذ أن كان عمره تسع سنوات القبض على زملائه من قبَل الزوارق السودانية فى حين أن الكثير من مراكب الصيد السودانية تعمل فى المياه الإقليمية المصرية: «لا فكرنا نبلغ عنهم ولا نقولهم اطلعوا بره»، ويقول إن السودانيين الذين يسمونهم بـ«الدناكلة»، نسبة إلى مدينة دنجلة السودانية القريبة من الحدود المصرية، ويعملون فى كل شىء فى مصر سواء فى صيد الأسماك أو جمع الحصى والقواقع، بجانب من يعملون فى الجبال فى جمع الذهب ولا أحد يتعدى عليهم: «محدش بييجى ناحيتهم ولا بيمسه مننا».
أحمد حجاج، صاحب الـ28 عاماً، فقد والده «حجاج دسوقى»، ويقول إن والده خرج للصيد ولم يكن قلقاً من أى شىء، بالعكس كان لديه تفاؤل كبير: «كان حاسس إن ربنا هيكرمه كرم كبير فى السرحة دى»، واتصل الأب بنجله واطمأن عليه قبل الخروج للصيد من مرسى «أبرمنت»، عندما عاد من المرة الأولى، واتصل به مرة أخرى وخرج للمرة الثانية والتى قُبض عليه فيها، واستمر الاتصال به بعد نقله من البحر لأبوسيف وهى مدينة على حدود السودان ولكن انقطع الاتصال مع ترحيله إلى بورسودان.
لم يكن يتوقع الشاب، الذى يعمل سائقاً، أن تتطور أزمة والده ويتم ترحيله إلى بورسودان، وكان يقول له والده حين يهاتفه: «ماتخفش يا ولدى كلها كام يوم ويفرجوا عننا»، وهو نفسه كان مطمئناً للأمر ولكن مع نقلهم لبورسودان ساورتهم الشكوك والقلق وزاد الطين بلة استمرار احتجازه لمدة زادت على عشرة أيام حتى الآن.
بالقرب من محطة المياه التى يعمل بها يستقر «أحمد سعد» على أريكة خشبية يستريح بعدما انتهى من عمله اليومى فيها، الشاب الذى لم يمر الشهر على عرسه فقد والده «سعد عبدالقادر»، البحار الذى يعمل على مركب خاله، خرج للصيد بعدما انتهى عرس نجله، ودعه وودع العروس، وعاد لعمله الذى انقطع عنه ثلاثة أشهر خلال مرحلة التجهيز لفرح نجله: «سابنى عريس ومشى عشان يشوف أكل عيشه وفى الآخر ضاع مننا»، يصمت برهة ويعود يتمتم بالدعاء والتوسلات أملاً فى عودة والده الغائب.
يخرج والد «محمد» للصيد كل شهر: «حسب احتياجه للفلوس»، فلا يخرج الرجل السبعينى باستمرار: «حكم السن»، ولكن عرس نجله وحاجته للأموال كان سبباً كفيلاً للرحيل: «سافر يوم صباحيتى»، ولكن فرحته لم تكتمل بعدما داهمه خبر القبض على والده العجوز، ولكنه هاتفه خلال الأيام الأولى للقبض عليه مما أثلج صدره، ولكن انقطاع الاتصال أزعجه: «حاسس إن الموضوع أكبر من قصة الصيادين.. وبدل ما هما بيمسكوا الصيادين يمسكوا مهربين السلاح والذهب بين الحدود بينا وبينهم»، ويستطرد غاضباً: «عيب عليهم لما يسيبوا المهربين ويمسكوا شوية صيادين».
يقول الشاب العشرينى بصوته الحاد إن القبض على الصيادين ليس جديداً عليهم، ويحفظ إجراءات القبض والإفراج: «لما بيتقبض عليهم بينتقلوا لمنطقة أبوسيف وفيها بيتحقق معاهم وبيدخل محامين متخصصين فى النوع ده هناك فى السودان وكلها يوم ولا يومين وبيفرجوا عنهم بضمان واحد سودانى، ويتعمل لهم قضية وغرامة مادية يدفعوعا فى بورسودان ويرجعوا مصر». بدا الشعور بالقلق يتسلل إلى قلب «محمد» من بعد انقطاع الاتصال بوالده، وبدا الشعور الذى يسيطر عليه أن القضية كبيرة: «بحار بيصيد عشان يأكل ولاده»، وأكثر ما يقلقه هو سن والده: «راجل كبير ومش حمل بهدلة.. وكفاية عليه إنه لسه شغال فى البحر وهو فى السن دى». يجلس «عبدالباسط عطية»، نقيب الصيادين بالقصير، فى مطعم الأسماك الذى يمتلكه فى وسط المدينة، ولا يستقر على مقعده من فرط مهاتفته باستمرار، فى محاولته المستميتة للتوسط للإفراج عن الصيادين، وبين الحين والآخر يلتف حوله أهالى الصيادين أملاً فى الوصول لطريق لعودتهم، ولكن دون جدوى، والرجل لا يكف على طمأنته، ويقول لـ«الوطن» إن هناك محاولات للوساطة، وإن هناك انفراجة حقيقية فى الأزمة، مشيراً إلى اقتراب عودة الصيادين إلى بلدتهم وأن الأزمة فى طريقها للحل. لم توقف تطمينات شيخ الصيادين دموع الحاجة «سناء سليم» على زوجها وابنها الغائبين، لم تهدئ من روعها، بل كل دقيقة تمر عليها تزيد من حزنها وتعصر من قلبها: «ماسكينهم ليه هما عليهم إيه.. دول طالعين على أكل عيشهم.. ذنبهم إيه أطفالهم؟!»، لم تتوقف اتصالات السيدة بالمسئولين المصريين: «محدش سأل فينا ولا كأننا مصريين».
تجد السيدة الخمسينية أن الصياد من أكثر الفئات الغائب حقها: «محدش بيبص للصياد ولا بهدلته»، ويعلو صوتها كلما مر فى حديثها اسم زوجها أو نجلها، تغالب دموعها ولكنها لا تستطيع وتنهمر على وجهها تجففها، وتعاود الحديث: «ليه يسيبوهم يتبهدلوا البهدلة دى.. ده كلب اندبح الحكومة اتحركت.. دول بنى آدمين».
تعمد «سناء» بظهرها على حائط منزلها الذى فرغ من رجاله ولم يبق من الأسرة سواها وابنتها، وتمضى فى الحديث عن رحلة زوجها الأخيرة، وكيف خرج وهو «سعيد» بعد انقطاع دام أكثر من ثلاثة شهور عن العمل: «كل واحد وليه ظروف والمركب عشان تخرج لازم يكون فيه فلوس بنزين وفلوس أكل وشرب عشرة أيام فى البحر»، ولكنها كانت الرحلة الأخيرة: «لو كنت أعرف إنه هيخرج ومش هيرجع ماكنتش سبته يمشى».
- أحمد حجاج
- أحمد سعد
- أربعة صيادين
- أزمة سياسية
- أهالى الصيادين
- أيام زمان
- إهمال حكومى
- الأمن الاقتصادى
- الأمن السودانى
- البحر الأحمر
- أحمد حجاج
- أحمد سعد
- أربعة صيادين
- أزمة سياسية
- أهالى الصيادين
- أيام زمان
- إهمال حكومى
- الأمن الاقتصادى
- الأمن السودانى
- البحر الأحمر
- أحمد حجاج
- أحمد سعد
- أربعة صيادين
- أزمة سياسية
- أهالى الصيادين
- أيام زمان
- إهمال حكومى
- الأمن الاقتصادى
- الأمن السودانى
- البحر الأحمر
- أحمد حجاج
- أحمد سعد
- أربعة صيادين
- أزمة سياسية
- أهالى الصيادين
- أيام زمان
- إهمال حكومى
- الأمن الاقتصادى
- الأمن السودانى
- البحر الأحمر