"عابرون لا أكثر".. رحلة الموت هروبا من سوريا وتطلعا إلى أوروبا

كتب: أحمد محمد عبدالباسط وهيا حسن

"عابرون لا أكثر".. رحلة الموت هروبا من سوريا وتطلعا إلى أوروبا

"عابرون لا أكثر".. رحلة الموت هروبا من سوريا وتطلعا إلى أوروبا

طريق ترابي قصير يضم حفرا عميقة تعيق السير، ظلام دامس يعم الطريق في ليال غاب عنها القمر، يهرول الهاربون السوريون مسرعين بين الحدود التركية اليونانية بحذر شديد؛ تجنبًا لحدوث أي مشكلة والقبض عليهم ووضعهم داخل مخيمات اللاجئين بتركيا مرة أخرى، حالمين بالذهاب للدول الأوروبية عن طريق البر، الذي يعتبر هو أكثر الطرق أمنًا للهجرة بدلاً من المخاطر التي تنتظرهم في الطريق البحري.

يواجه السوريون لحظات مأساوية في البحر كل يوم، يصارعون الموج ويقفون أمام الموت بمنتهى البسالة، رجالاً ونساءً وأطفالا، تركوا ديارهم مشتتين ومجبرين بسبب الحرب والقصف والانقسام السياسي المتواجد في سوريا.

وأوضح أمير جمال الدين، 25 سنة، سوري الجنسية، أحد أعضاء حملة "عابرون لا أكثر"، أن الشباب انتظروا حلول الصيف وهدوء البحر حتى يطلقوا رحلاتهم إلى أوروبا، ويبحروا من أجل الوصول للحلم بعد يأس طال سنوات.

وزادت رحلات الهجرة غير الشرعية هذا العام عن السنوات الماضية، حيث إن الطرق بمصر وليبيا كانت أكثر أمنا من طريق تركيا البحري، التي يُطلق منها القوارب المطاطية، تحديدًا من مدينة "إزمير"، التي يوجد بها الميناء الرئيسي التركي في جزئها الآسيوي، ولم تقتصر رحلات الموت تلك على المواطنين السوريين، بل ضم جنسيات عديدة مثل الأفغان والشيشان والعراقيين والباكستانيين.

وكشف أمير أن تكلفة مثل هذه الرحلات ليست بسيطة، حيث أن أقل تكلفة للقارب المطاطي حوالي 1000 لـ 1200 دولار للشخص، مشيرًا إلى أن "المهرب بيشتري البلم بحوالي 3000 دولار، والمفروض الحد الأقصى للحمولة من 10 لـ 15 راكبا لمسافة لا تتعدى الـ 2 أو 3 كيلومترات بحرية، ولكن المهرب اللي غالبًا بيكون تركي الجنسية بيطمع، ويركب 25 شخصًا لمسافة طويلة جدًا في البحر".

وأضاف أن المهرب تنتهي مهمته بعد تجميع الهاربين ووضعهم مع عوائلهم من شيوخ ونساء وحوامل وأطفال ورُضع داخل قوارب الموت، ثم يتركهم دون حتى سائق للقارب حيث يتولى القيادة أحد الشباب الهاربين، الذي ليس لديه أي خبرة في مثل هذه الأمور.

وأشار أمير جمال الدين أن الحكومة التركية قادرة على منع ذلك الخطر الذي يتعرض له يومياً السوريون، لكنهم يتركون الأطفال والنساء للبحر والمخاطر، مستغنيين عنهم لكي تخف الأعباء والأحمال عن الدولة التركية التى صار يسكنها مليونا لاجئ سوري، وحتى يستجيب الاتحاد الأوروبي لمطالبهم بخصوص نظام الحصص للسوريين.

وبعد ظهور مجموعات شبابية كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة صفحة تحمل اسم "جروب الإنقاذ"، والذي كانت مهمته متابعة تلك الرحلات بالهواتف المحمولة ونظام الـ GPS ومساعدتهم إذا تعرضوا لأي خطر أو مشكلة في البحر، فقررت مجموعة أخرى من النشطاء السوريين إقامة صفحة "عابرون لا أكثر"، التي تهدف لوقف رحلات الهجرة غير الشرعية عبر البحر.

"لما شوفنا حالات غرق كتير بالفترة الأخيرة، والقتل بدم بارد وسكوت العالم كله عن حقنا، قررنا نضغط على الحكومة التركية واليونانية عن طريق حملتنا"، وأضاف "وصل عدد المتابعين للصفحة لأكثر من حوالي 8 آلاف سوري، وسوف تنطلق الحملة يوم 15 من هذا الشهر بمدينة أدرنة، وهى إحدى مدن تركيا في إقليم تراقيا، وتقع في أقصي الجهة الشمالية الغربية من الجزء الأوروبي للجمهورية التركية، بالقرب من حدود بلغاريا واليونان، وتبعد عن اليونان حوالى 7 كم، وذلك سيقلل الجهد والتكلفة على المهاجرين السوريين لأوروبا، بحيث تكون تكلفة الشخص حوالي 80 أو 90 دولارا، وأوضح أمير أن هذا الطريق أكثر أمنا من الطريق البحري، لكن الحكومة اليونانية وجارتها التركية منعت المرور من ذلك الطريق البري وصارت تعتقل الرجال وتأخذ العوائل مرة أخرى للمخيمات داخل تركيا.

اتفق الشباب السوري على التغطية الإعلامية لحملتهم، وعلى التنسيق مع منظمات إغاثة عالمية، ووعدهم الهلال الأحمر بتواجده معهم، وسوف يكتبون لافتات على نهج "أنقذونا من الغرق"، "أنقذونا من الموت"، "أوقفوا قوارب الموت"، وإن لم يستجيبوا لمطالبهم سيبقون في مدينة أدرنة يتظاهرون ويعتصمون بسلمية تامة، كل شخص يصرف على طعامه وشرابه دون تمويل من أحد، حتى تستجيب اليونان وتستقبلهم برياً كما تستقبل جثثهم بحريًا.


مواضيع متعلقة