اللاجئون السوريون.. "المعذَّبون في الأرض"

اللاجئون السوريون.. "المعذَّبون في الأرض"
"إلى الذين يحرقهم الشوق إلى العدل، وإلى الذين يؤرقهم الخوف من العدل، إلى الذين يجدون ما لا ينفقون، وإلى الذين لا يجدون ما ينفقون، إلى هؤلاء جميعًا يُساق هذا الحديث".. ربما كان لدى الدكتور طه حسين، عميد الأدب العربي، بعد بصيرة، فكلماته التي وصف بها حال الشعب المصري قبل ثورة 23 يوليو، عادت تلك الأيام مجددًا لتصف حال شعوب عربية دفعتها الانقسامات السياسية إلى التشتت في بلاد الله؛ بحثًا عن مأوى يلجأون إليه بعيدًا عن بلادهم، التي باتت عنوانًا للحرب والإرهاب.
تدفقات هائلة تخرج من بلاد الشام نحو رحلة جديدة في جحيم الموت والهلاك، موت اختياري هربًا من موت شبه إجباري، المكوث داخل الوطن يعني الموت في أي لحظة، والفرار منه أشبه بمواجهة الموت، في طريق الآلام والمخاطر إلى أوروبا.
الموت يتربص بهم في كل شبر على الطريق، جوعًا وتعبًا ومرضًا وإنهاكًا، ومختبئ لهم داخل شاحنات يتم غلقها عليهم وتركهم يواجهون مصيرهم، والموت في البحر حيث صار أوسع مقبرة لهم، أو الموت معزولين متروكين في العراء ينتظرون انتهاء اجتماعات القادة، وحسم خلافات توزيعهم، هذا يرفض استقبال أي عدد منهم، وذاك يريد حصة محدودة، وآخر يريد دعمًا ماليًا قبل السماح لبعضهم بدخول بلاده.