شوقي: البعض اعترض على الشطط العقابي في بعض أحكام قانون الإرهاب

كتب: محمد بركات

شوقي: البعض اعترض على الشطط العقابي في بعض أحكام قانون الإرهاب

شوقي: البعض اعترض على الشطط العقابي في بعض أحكام قانون الإرهاب

لا يتوقف الحديث عن قانون مكافحة الإرهاب، الذى أصدره الرئيس عبدالفتاح السيسى، حتى الآن، كما لن يتوقف لحين إعادة عرض القانون على مجلس النواب المقبل.. كثيرون تحدثوا عن إيجابياته وقدرته على السيطرة على الإرهاب، أو على الأقل تحجيمه، والبعض تحدث عن سلبيات أبرزها ما يتعلق بتقييد الحريات. «الوطن» التقت اللواء دكتور شوقى صلاح، الخبير الأمنى، عضو هيئة التدريس بكلية الشرطة، المتخصص فى دراسات الإرهاب ومكافحته، حيث شارك خلال رحلته السابقة بمجال العمل الأمنى بوزارة الداخلية فى مكافحة الإرهاب خلال فترة التسعينات، وذلك إبان عمله بمديرية أمن أسيوط، فضلاً عن إسهاماته على المستوى الأكاديمى، ومنها كتاب «الإرهاب وأزمات احتجاز الرهائن.. دراسة أمنية وقانونية مقارنة»، 2010، وكتاب «الشراكة المجتمعية فى مواجهة الجريمة الإرهابية»، 2014.

وأكد اللواء شوقى صلاح، فى حواره لـ«الوطن»، أن مصر فى أشد الحاجة لقانون جامع للتصدى للإرهاب، خاصة فى هذه الظروف الاستثنائية التى تواجه فيها مصر مؤامرة تستهدف المنطقة، واصفاً الإرهاب الذى تتعرض له مصر حالياً بأنه «تسونامى» من العنف، مشدداً على أن القانون الذى أصدره الرئيس عبدالفتاح السيسى، رقم 94 لسنة 2015 بشأن مكافحة الإرهاب، فى 54 مادة، ونشر فى الجريدة الرسمية 15 أغسطس الماضى، وتم النص على أن يتم تطبيقه فور نشره، هو محور أساسى ضمن استراتيجية شاملة لمواجهة الإرهاب.. وإلى نص الحوار:

■ بعد صدور القانون وجهت بعض الآراء سهام النقد لجانب من مواده.. هل لنا أن نتعرف على أبرز جوانب هذا النقد؟- اعترض البعض على الشطط العقابى الذى اتسم به جانب من أحكام القانون، ومثال هذا ما ذهبت إليه المادة 6 من القانون التى تنص على أنه «يعاقب على التحريض على ارتكاب أى جريمة إرهابية بذات العقوبة المقررة للجريمة التامة، وذلك سواء كان هذا التحريض موجهاً لشخص محدد أو جماعة معينة، أو كان تحريضاً عاماً علنياً أو غير علنى، وأياً كانت الوسيلة المستخدمة فيه، ولو لم يترتب على هذا التحريض أثر».

ويرى من انتقد هذه المادة أنه ليس من سلامة المنطق العقابى أن تعاقب على التحريض على جرم إرهابى لم يترتب عليه أثر؛ أى لم تقع بناء عليه الجريمة، بنفس العقاب الذى يترتب على التحريض المتبوع بأثر؛ أى تحققت بناء عليه الجريمة الإرهابية، فتضحى بهذا العقوبة غير عادلة بما يتوافر معه شبهة عدم الدستورية.

وهنا لزاماً علينا إيضاح فلسفة المشرع فى التشديد العقابى الذى ذهب إليه رغم أننا لا نتفق معه فيما ذهب إليه فالمشرع يرى أن التحريض لارتكاب جرم إرهابى هو الوقود الذى يغذى النشاط الإرهابى، فعلى سبيل المثال يعتلى أحد قادة الجماعات الإرهابية منبراً ويحرض أتباعه على ارتكاب جرائم قتل لعناصر أمنية أو تابعة للقوات المسلحة أو قضائية.. وبناء على هذا التحريض تتحرك عناصر التنظيم أو المحبون، أو المتعاطفون معه، لتنفيذ عمليات إرهابية، استناداً لهذه الفتوى أو التوجيه التحريضى.. لذا فإن المشرع أراد أن يضع عقوبة رادعة لهذا التحريض لردع رعاة الإرهاب.

■ إذا كان الأمر كما ذكرت، فلماذا ذهب المشرع إلى هذا التشديد العقابى غير المنطقى الذى تصبح معه العقوبة غير عادلة؟- كما سبق أن ذكرت فالمشرع أراد أن يحقق الردع الكافى ضد أعمال التحريض على ارتكاب جرم إرهابى، وأؤكد فى هذا الصدد، ومن منظور أمنى مجرد، أن الأمر بفرض عرضه على أى خبير أمنى، سواء ممن يعملون فى مجال الأمن الوطنى أو البحث الجنائى، فإن الغالبية العظمى منهم سيؤيدون وجود تباين فى العقاب بين التحريض على الجريمة المتبوع بأثر؛ أى ارتكبت بناء عليه الجريمة الإرهابية، وذلك التحريض غير المتبوع بأثر؛ أى الذى لم يترتب عليه الجرم الإرهابى بعد، فنزول العقاب فى الحالة الأخيرة ولو لدرجة واحدة لا يتقاطع مع الجهود الأمنية فى مواجهة الجرم الإرهابى، فجُـل اهتمام أجهزة الأمن إنما يتمحور حول البحث عن المعلومات الكافية لضبط التنظيمات الإرهابية أو خلاياها، أما أن يُعاقب المحرض على القتل العمد بغرض إرهابى فى حالة التحريض غير المتبوع بأثر بعقوبة السجن المؤبد بدلاً من الإعدام؛ فإن هذا لا يتعارض مع فعالية الجهود الأمنية فى مكافحة الإرهاب.. بل أؤكد ثانية أن الأجهزة الأمنية تتوق دائماً لقانون حسن السمعة، فالقوانين سيئة السمعة تلقى بظلال وخيمة على أنشطة المواجهة الأمنية للجريمة.

■ نفترض أنك عضو فى اللجنة المنوط بها إعداد مشروع قانون مكافحة الإرهاب.. فقل لنا كيف ستعالج مسألة التحريض غير المتبوع بأثر المشار إليها؟- نحن نحترم من ينتقد بحق أى قانون، ونُجل من يقدم لنا البديل الأفضل.

ولقد زايدت على المشرع فى شأن نمط محدد من أنماط التحريض على ارتكاب الجرم الإرهابى؛ ألا وهو التحريض المتمثل فى تكفير الأشخاص، حيث اقترحت توقيع عقوبة الإعدام على أى شخص يقوم بتكفير غيره، مستحلاً دمه وعرضه وماله، وذلك بمجرد وقوع التحريض ولو لم تقع الجريمة بعد، طالما كان القائم به قيادة روحية أو مرجعية لها تأثيرها الفاعل فى محيط أتباعه.. فهذا النمط التكفيرى التحريضى طالعنا مردوده الخطير على ارتكاب العديد من الجرائم الإرهابية، فبمجرد صدور الخطاب التكفيرى من قادة التنظيمات الإرهابية نرى نتائجه تتحقق من خلال أتباع التنظيم، أو المتعاطفين معه، وقد أشرنا لهذا الرأى فى كتابنا «الشراكة المجتمعية لمواجهة الجريمة الإرهابية» (صفحة 181).


مواضيع متعلقة