التماسيح تربية وبيع.. وصيدها على عينك يا تاجر

كتب: عبدالفتاح فرج وعبدالله مشالي

التماسيح تربية وبيع.. وصيدها على عينك يا تاجر

التماسيح تربية وبيع.. وصيدها على عينك يا تاجر

بحيرة صناعية مترامية الأطراف، تمتد شواطئها آلاف الكيلومترات، فى مصر والسودان، اشتهرت بانتشار التماسيح بها، وتردد أن هذه الزواحف الكبيرة، والكثيرة تأكل كميات كبيرة من الأسماك يومياً، ما يؤثر على إنتاجية الأسماك فى البحيرة، إلا أن بعض الأكاديميين نفوا ما يردده الصيادون، حول التهامها كميات كبيرة تقدر بالأطنان، وأن أعداد التماسيح فى الحدود الطبيعية، حيث تحافظ على التوازن البيولوجى داخل البحيرة، وأن ضررها مثل نفعها، وطالبوا أجهزة الدولة بالتصدى لمافيا صيد التماسيح للحفاظ عليها من الانقراض، بعد تناقص أعدادها فى الفترة الأخيرة، واتهموا الصيادين بإذاعة أخبار مغلوطة للسماح لهم بصيد التماسيح والتربح من عملية بيعها.يقول محمد ناصر، 55 سنة، مقيم فى قرية غرب سهيل بأسوان: «نفتح بيوتنا للسائحين الأجانب للتعرف على حياة النوبيين وتراثهم الكبير، وأنا أستقبل يومياً أفواجاً سياحية من جميع الجنسيات، يحضر هؤلاء إلى هنا لرؤية القرية والبيت النوبى الأصيل، ونحن نربى التماسيح فى البيوت، لأننا كنا نراها فى النيل قبل بناء السد العالى، وفى اعتقادنا أنها جزء لا يتجزأ من شكل الحياة النوبية القديمة المرتبط بالنيل، بيتى مطل على شاطئ النهر مباشرة وهو أول شىء أراه فى الصباح، لذلك يربى معظم سكان القرية التماسيح داخل بيوتهم، فمنهم من يربى 5 تماسيح مرة واحدة، ومنهم من يحنطه ويضعه على واجهة البيت والمطاعم، ولا علاقة لنا بتهريبها أو اصطيادها، لأننا بعيدون كل البعد عن البحيرة، وعندما طلب منى أحد الأشخاص توريد 50 تمساحاً له، قلت لا أستطيع إحضار كل تلك الكمية ولن أجازف بصيدها لأن القانون يجرم ذلك، ومع ذلك فإن عمليات الاصطياد والبيع قائمة من جانب البعض فى المنطقة».

{long_qoute_1}

وفيما أكد «ناصر»، أن التماسيح الكبيرة فى البحيرة تلتهم يومياً أكثر من 50 كيلو من الأسماك، قال إن التمساح الذى يربيه فى بيته، لا يطعمه إلا 3 مرات فى الأسبوع، وفى كل مرة يأكل كيلو سمك فقط، مضيفاً: «تربيته غالية ومكلفة».ويضيف أحد أبناء غرب سهيل، طلب عدم ذكر اسمه: «بحيرة ناصر محمية طبيعية، ممنوع الصيد فيها، والمهربون ومافيات التجارة فى التماسيح تقبل على اصطيادها بسبب ارتفاع أسعار جلودها ولحومها التى يتم استخراج بعض الأمصال منها، لأنها من ذوات الدم البارد، التى دخلت مؤخراً فى تصنيع الأدوية، كما يبيع التجار أيضاً العضو الذكرى للتمساح بالجرام بعد تجفيفه فى الشمس أو الفرن، وفيما يبيعه العطارون وبعض الأشخاص، بحجة أنه مفيد لعلاج الضعف الجنسى لدى الرجال، إلا أن بعض التجار يضيفون مواد أخرى على المنتج المجفف لزيادة الوزن وتحقيق أرباح كبيرة، كما يتجاوز سعر جلده أكثر من 200 جنيه للمتر، وهو جلد مميز جداً يصنع منه الأحذية والشنط، لكن لا يتناول أحد فى مصر لحومه التماسيح، لأنها تتغذى على الجيف والحيوانات النافقة».من جانبه، يقول الدكتور خالد أبوالفضل، مدرس بيولوجيا الأسماك فى جامعة أسوان: «لا يوجد فى مصر دراسات كافية عن التماسيح فى بحيرة ناصر، رغم أهمية هذا التخصص بالنسبة لمصر، وأعتقد أن التماسيح لا تأكل الكميات التى يذكرها الصيادون، وحسب دراسة سابقة فإن أكبر تمساح نيلى تم الإمساك به وجدوا فى معدته نحو 4 كيلو سمك فقط، ومعروف عنه أيضاً أنه كسول، ولا يأكل بشكل يومى، أما أعدادها فى البحيرة فتقدر بنحو 5 آلاف تمساح فقط، منها 1000 تمساح كبير، يبلغ طول الواحد منها 4 أو 5 أمتار، وإذا قسمنا هذا العدد على مساحة بحيرة ناصر الشاسعة فإنها نسبتها ستكون طبيعية جداً، وغير مضرة بالطبيعة أو الثروة السمكية، كما يتردد».كمال بخيت الضبع، نائب رئيس جمعية «الأسماك الأم» وشيخ صيادين ببحيرة ناصر، يقول إن المعاهدة الدولية لحماية الحيوانات النادرة تمنع مصر من صيد التماسيح، لذلك على الحكومة تقديم طلب لهذه الهيئة لصيد التماسيح الكبيرة التى تؤثر على إنتاج الأسماك بالبحيرة، مضيفاً: «لا توجد أرقام حقيقية عن التماسيح وأجهزة الدولة المختلفة لم تكلف خاطرها بعمل دراسات حقيقية عن أعدادها، وكمية الأسماك التى تأكلها كل يوم، ومن خلال خبرات الصيادين، فإن الخور الذى يوجد فيه 4 تماسيح كبيرة، إنتاجية الأسماك به قليلة وضعيفة، فضلاً عن تسببه فى قطع الشباك، لكن الباحثون يقولون إنها تحدث توازناً بيئياً فى البحيرة، والله أعلم».ويشير «بخيت» إلى أن أكثر الاماكن التى يوجد بها تماسيح منطقة «كروسكو والسنجارى» على ضفاف النوبة القديمة فى حميدو وبجوار منطقة أبوسمبل، كما أن هناك أكثر من واقعة هجوم للتماسيح على الصيادين أودت بحياة بعض الأشخاص منذ فترة، متابعاً: «أنا أراه بوضوح فى مياه البحيرة، لكن بصفة غير منتظمة لأنه يخرج إلى البر فى أوقات معينة وحسب طبيعة الجو، ويصطادها بعض الشبان للحصول على جلد بطنها وبيعه لأن ثمن المتر يزيد على 150 جنيهاً، أما جلد الظهر فهو غير مفيد على الإطلاق ولا يتم بيعه». «بخيت»، أشار إلى أنه كانت هناك وعود من وزير الزراعة السابق الدكتور ممدوح البلتاجى، قال فيها منذ 5 شهور إنه تم مخاطبة المعهد القومى لعلوم البحار، لدراسة أعداد التماسيح الفعلية فى بحيرة ناصر وتحديد الأعداد التى يمكن صيدها، بالتنسيق مع جهاز شئون البيئة، على أن تتولى وزارة البيئة صيد التماسيح المتوحشة التى تهدد الثروة السمكية، بالإضافة إلى وجود تنسيق واتفاق بين وزارتى الزراعة والبيئة على الصيد المقنن للتماسيح الكبيرة والمتوحشة بالبحيرة، بعد موافقة الهيئة الدولية لحماية الأحياء البحرية على تعديل الاتفاقية الدولية الخاصة بتماسيح نهر النيل والتى كانت تنص على منع صيد التماسيح للهدف التجارى، إلا أن شيئاً لم يتحقق على أرض الواقع، لعدم وجود إمكانيات ومعدات لدى هيئة الثروة السمكية التابعة لوزارة الزراعة تمكنها من إجراء الدراسات والأبحاث وصيد التماسيح.ويوضح «بخيت» أن الوزير السابق، أشار إلى إمكانية إنتاج 35 ألف طن سنوياً من الأسماك من بحيرة ناصر حسب تقدير هيئة المعونة اليابانية التى أعدت دراسة لتقدير حجم الصيد المستدام لبحيرة ناصر، من 35 إلى 40 ألف طن سنوياً، ورغم ذلك لو اصطاد أحد الصيادين التماسيح فسيطبق عليه القانون مثلما حدث فى أكثر من واقعة.


مواضيع متعلقة