«الديمقراطى الإسلامى»: «ميكس» أم «دونت ميكس»؟!

08/24/2015

أمينة خيرى

كاتب صحفي

الكلمة مشتقة من «Demos» اليونانية، وتعنى الشعب. وحسب أعتى ديمقراطيات العالم وأقواها، فإن الحكومة الديمقراطية هى تلك التى تُمارَس فيها السلطة والمسئوليات المدنية بواسطة كل المواطنين بصورة مباشرة أو عبر مندوبين عنهم يتم انتخابهم بحرية. وهى أيضاً مجموعة من المبادئ والممارسات التى تحمى حرية الإنسان. وتقوم على أساس حكم الأغلبية المقرون بحقوق الفرد والأقليات، والديمقراطية الحقيقية تحترم إرادة الأغلبية، لكنها فى الوقت نفسه تحمى الحقوق الأساسية للفرد والأقليات. والنظم الديمقراطية تدرك أن إحدى مهامها الأساسية هى حماية حقوق الإنسان الأساسية، مثل حرية التعبير وحرية المعتقد وحق المساواة أمام القانون وإتاحة الفرصة للتنظيم والمشاركة بصورة كاملة فى الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية للمجتمع. إلى هنا ينتهى وصف الديمقراطية، حسب أعتى ديمقراطيات العالم وأقواها وأكثرها بسطاً لسيطرتها ونشراً لمعتقداتها الديمقراطية عن الحرية. وهو كلام جميل وكلام معقول. لكن الجمال ينتقص، والعقل يُنتهك، حين تسمع فى عقر دار الديمقراطية جملاً تضع «إسلامى» (بمعنى من يعتنق فكر الإسلام السياسى) و«ديمقراطى» (على ما أظن بعنى الديمقراطية الجميل الذى سبق سرده) فى عبارة واحدة. فالصحيفة الأمريكية ذائعة الصيت عميقة التأثير مسموعة الآراء موثوقة الأخبار، التى تأتى ضمن أبرز وسائل الإعلام الأمريكية التى انتهجت نهج الهبد والرزع، والتوصيف الأحادى لما جرى فى مصر بعد يوم 30 يونيو 2013، باعتباره «انقلاباً عسكرياً على أول رئيس مدنى منتخب جاءت به الصناديق»، لديها من يمسكون بتلابيب «الإسلامى الديمقراطى».
جاء اللقاء بمقر الجريدة فى أمريكا معبأً بأجواء لن أقول سلبية أو عنجهية، لكن يمكن وصفها بـ«غير المريحة»، «البعيدة عن الزمالة». الصحفى المخضرم الذى قضى سنوات فى القاهرة يقول إنه ملم بأبعاد الأحداث فى مصر، وبالتالى فإن «النظام الديكتاتورى الجاثم على صدور المصريين» يمكن فهمه فى ضوء تاريخ مصر الحديث. وعلى الرغم من إشارة سريعة إلى فشل نظام «الإخوان» فى الحكم، إلا أنه كان «نظاماً ديمقراطياً منتخباً بالأغلبية، وتمت الإطاحة به عبر انقلاب عسكرى»، وأى خروج على سيناريو «الانقلاب العسكرى والإخوان الديمقراطيين» غير مسموع وغير مقبول فى عرف الصحفى المخضرم، فأحد أصدقائه الذين يفخر بصداقتهم هو الإيرانى «الإسلامى الديمقراطى» فلان الفلانى، وهو «أكثر ليبرالية وانفتاحاً وتقبلاً للآخر من كثير غيره من الليبراليين».
ولما سألته عن حكم امتزاج الديمقراطية بالأسلمة، أو بمعنى آخر كيف يمكن لمبادئ الديمقراطية التى تقوم على حرية التعبير والمعتقد والممارسة واحترام الآخر وعدم إقصائه وحماية حقوق الأقليات والضعفاء، والقيام بدور الحارس الذى يحُول دون تحَوُّل نظام الحكم إلى حكومة مركزية تمتلك كل السلطة، والحيلولة دون التحكم المركزى فى السلطة ونقلها إلى المستويات المحلية والإقليمية أن تنصهر مع «الإسلامى» (وليس الإسلام)، وهو النظام القائم على أن الإسلام يجب أن يقود الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ولا شىء سواه؟!
وإمعاناً فى التوضيح فإن سؤالى الاستفسارى كان «هل الديمقراطية التى تقبل الغير وتحمى حقوق الأغلبية والأقلية تتناغم وتتوافق وأصول الإسلام السياسى، حيث أقطابه وحدهم يملكون الحقيقة ومنهجهم فقط الصحيح الذى لا يقبل الخطأ لسبب بسيط، هو أنهم يتكلمون باسم الله؟ هل هما «ميكس» أم «دونت ميكس»؟» ومضى السؤال كغيره دون إجابة، لكن الحق يقال إننى حصلت على إجابة واحدة. فقد سألت: «هل يمكن تأسيس حزب سياسى يهودى أو بوذى أو بهائى فى الولايات المتحدة الأمريكية؟»، وجاءت الإجابة بعد لحظة تفكير: «يمكنك أن تجربى!».
تجربة الديمقراطية بالمعايير الأمريكية مسألة طال البحث فيها وتفنيدها من باب الإعجاب مرة، ومن شباك التنديد مرات. فمن منا لا يحلم بالديمقراطية؟ لكن هل الديمقراطية والإسلام السياسى «ميكس» أم «دونت ميكس»؟!