حوامل فى «عيادات النسا» لتحديد طريقة الوضع: اللى يقوله «الحكيم» يمشى!

كتب: رحاب لؤى

حوامل فى «عيادات النسا» لتحديد طريقة الوضع: اللى يقوله «الحكيم» يمشى!

حوامل فى «عيادات النسا» لتحديد طريقة الوضع: اللى يقوله «الحكيم» يمشى!

تقترب السيدة من شهرها التاسع، تذهب إلى طبيبها لتحديد موعد ولادتها، تفاصيل وأرقام يتم حسابها، وبعد الكشف والسونار والاطمئنان على الجنين وكمية المياه من حوله، تنتظر بلهفة معرفة موعد الوضع فتفرح وتنتظر اقتراب ذلك اليوم بفارغ الصبر، ثم يخبرها الطبيب بأن ولادتها ستكون بعملية جراحية «قيصرية» فيبدأ الشك يتسلل إلى قلبها من قلق وخوف، سيدات كثيرات حُرمن من الولادات الطبيعية فى مصر، وفقاً لتقرير المسح السكانى الصحى لمصر عام 2014 فإن هناك 52% من إجمالى الولادات فى مصر تتم بعمليات قيصرية، كما لوحظ ارتفاعها بصورة خاصة فى بعض المحافظات كبورسعيد ودمياط التى وصلت بهما النسب إلى 76%، تقرير انتقد حالات «شق البطن»، لكنه لم يذكر فى سياقه عدد الحالات التى عانت بدورها من الولادة الطبيعية والتى يجرى خلالها «شق العجان» -الشق الجراحى لتوسيع مخرج الولادة- بطرق غير احترافية تسببت للعديد من النساء فى معاناة لم تنته لشهور عقب الحمل، قلق إضافى أصبحت معظم الحوامل يحملنه فى صدورهن إضافة إلى مخاوفهن العديدة وسط حالة عامة من عدم الثقة فى الأطباء المعالجين ونصائحهم بأى من طريقتى الولادة.
غرز جراحية من نصيب جميع السيدات سواء كانت ولادتهن طبيعية أم قيصرية، وإن كانت الولادة القيصرية تحظى بسمعة سيئة إذا ما تمت خارج إطار الضرورة، يبقى السؤال الشهير لدى كثير من السيدات المقبلات على الإنجاب: «أسيب نفسى للطبيعى ولا أختار القيصرى؟»، ولكن ليست هناك حرية اختيار، فالأطباء يحسمون أمرهم ويرجحون لهن القيصرى كحل سريع وآمن بحسب توصياتهم.
فى يناير الماضى كانت رنا السعدنى، الشابة العشرينية، بشهرها التاسع، أخبرها طبيبها فى الشهور الأخيرة أن رأس وليدها تبلغ 10 سم، وأن أكبر حوض مساحته 9 سم فقط، لذا فالقيصرى هو الحل الأمثل لها، تشخيص لم يقنع الشابة التى أخذت فى طرح ما قاله الطبيب على زملائها وأقاربها: «بدأت أسأل هو الكلام بتاعه ده منطقى وصح ولا هو بيقول أى كلام عشان يولدنى قيصرى أنا فكرت أروح أعمل أشعة رباعية الأبعاد عشان أتأكد من كلامه عالأقل لو كلامه صح ماستناش الطلق والبهدلة وأروح أولد قيصرى وأخلص»، حيرة شديدة انتابت الشابة التى أصرت على الولادة الطبيعية، وسط حالة من عدم الثقة فى طبيبها وغيره من الأطباء الذين أصبحت تعرف عن أكثرهم تفضيلهم للقيصرى: «الدكتور حاول معايا يوم ولادتى إنى أولد طبيعى وفضلت يوم كامل آخد طلق صناعى ومسكنات وفى النهاية قالى إنى لازم أولد قيصرى.
هديل أبومدين، شابة فلسطينية تعيش بالقاهرة، سبق لها الولادة ببلدها الأم فلسطين لتوأم: «الطبيبة كانت مصرة تولدنى طبيعى وأكدت لى إن الظروف مهيأة لكن أنا فضلت «القيصرى» لأنى كنت خايفة عليهم، لما جيت مصر فكرت إنى أولد طبيعى فى تانى حمل ليا لكن أنا سامعة من وقت طويل إن معظم الولادات فى مصر قيصرية حتى لو كان الطبيعى ممكن».

{long_qoute_1}


سمعة سيئة لأحوال طب النساء فى مصر جعل الشابة التى تخشى من الترهلات ومضار «القيصرية» تبدأ فى القلق، فهى من ناحية لا ترى فى حملها الثانى ضرورة لجرح القيصرية وما يترتب عليه من تراكم للدهون بمنطقة البطن وترهلات، لكنها من ناحية أخرى تخشى المشكلات التى تسمعها باستمرار عن الولادات الطبيعية: «بشوف أطفال عندهم نقص فى الأكسجن وإعاقات ومشكلات بسبب صعوبة الولادة»، فى حملها الثانى الذى تعيشه بمصر الآن تتمنى الفلسطينية أن تلد بطريقة طبيعية: «بشوف صديقاتى اللى ولدوا طبيعى رجعوا لطبيعتهم بسرعة وفقدوا الوزن، وصحتهم أحسن، لكن أنا ورغم مرور فترة طويلة ما زال مكان العملية الأولى يؤلمنى لو شلت حاجة تقيلة أو عملت مجهود زيادة»، حاولت أن ترى إمكانية الطبيعى لكن طبيبها حسم الأمر: «هتولدى قيصرى»، على الرغم من سلامة وضعية الجنين، وعدم وجود مشكلات لكنها فضلت الانصياع لأوامر الطبيب: «مش مستعدة أعرض الجنين لمخاطر الولادة الطبيعية»
«أنقذوا نصف سيدات مصر من شق البطون»، استغاثة أطلقها الدكتور سمير بانوب، الخبير بمنظمة الصحة العالمية، عبر منشور على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» حظى بآلاف المشاركات، وحظى أيضاً بالنشر فى جريدة «الأهرام»، أعرب خلاله عن صدمته من نتيجة المسح السكانى الأخير: «نسبة الولادات القيصرية ارتفعت فى مصر عامة إلى 52% من الولادات عام 2014 كانت أعلاها ببورسعيد وأقلها فى سوهاج وهى 24%، وثلثا هذه العمليات يتم فى القطاع الخاص، بعد أن كانت النسبة 28% على مستوى الدولة عام 2008 مقارنة بنسبة 10% عام 2000، ظاهرة خطيرة أطلقت عليها منظمة الصحة العالمية وباء القيصرية الخطير، لأن المعدل المقبول عالمياً هو 15%».
«بانوب» اتهم فى منشوره الأطباء أنهم السبب فى تلك الظاهرة: «ربح الطبيب يزداد وجهده يقل لأن الولادة القيصرية تتم فى وقت أقل يحدده هو طبقاً لجدول عمله، والخطورة فى ذلك على الأم المضاعفات التى تتعرض لها أثناء التخدير وبعد العملية كالالتهابات الباطنية وتجلط الشرايين وفتق البطن بعد العملية أو انفجار الرحم خلال الحمل أو الولادة التالية».
الدكتور طايل عبدالرحيم، استشارى أمراض النساء والتوليد والعقم اتفق مع «بانوب» مؤكداً أن السبب الرئيسى فى تزايد نسب الولادة القيصرية هم من وصفهم بـ«أطباء بلا ضمير أو ذمة» قائلاً: «شغال نساء وتوليد من 27 سنة، ومن خبرتى أقدر أقول إن الأطباء هم السبب، بيختاروا القيصرى رغبة فى التكسب وبيستسهلوا أى حالة ممكن تولد طبيعى المفروض تولد طبيعى، أما لو الضغط عالى وممكن يحصل تسمم حمل، أو الجنين حجمه كبير أو جاى بالعرض، أو الحوض ضيق كلها حالات تستلزم الولادة القيصرية».
«عبدالرحيم» أكد أن الولادة الطبيعية تستعصى أيضاً لأسباب تقنية أحياناً: «حالة والدة قيصرى لازم تانى أو تالت ولادة تكون قيصرى برضو لأن مفيش الإمكانات التقنية ولا الأجهزة اللى تساعدها، أو تساعد الدكتور إنه يمر بولادتها الطبيعية على خير».. ويرى «عبدالرحيم» أن سبب عزوف كثير من السيدات عن الولادة الطبيعية هو الألم الذى اشتهرت به: «المسكنات الحديثة لم تعد تدع مجالاً للألم، وحتى لو وجد فالألم إرادة الله، وكما يقال فى الأمثال الشعبية «أسى الولادة منسى». يعترف طبيب النساء والتوليد أن بعض الأطباء يحيلون عملية الولادة الطبيعية إلى عذاب ليس قصداً منهم ولكن لسوء تصرفهم: «أى ست بتولد طبيعى لازم يتعملها شق العجان، فيه أطباء كتير بيرتكبوا أخطاء أثناء شق العجان فى الخياطة، وده غير نقص الخبرة والمعلومات عند السيدات فى التعامل مع الجرح والنتيجة معاناة لشهور بعد الولادة ممكن تكون أكبر من القيصرى لحساسية المكان، وتحذيرات من السيدات اللى عانت لغيرهن بالابتعاد عن «الطبيعى». 10% من الحالات التى تأتى لـ«عبدلرحيم» تختار القيصرية منذ بداية الحمل: «ستات مدّلعة بيخافوا ياخدوا حقنة، يقولولى قيصرى مش عاوزين نتوجع، بوافق لأنى لو ماوافقتش هيروحوا لدكتور غيرى يوافق».
أكد الدكتور حسام عبدالغفار المتحدث باسم وزارة الصحة أنه صدر قرار وزارى بتشكيل لجنة بعضوية أساتذة أمراض النساء والتوليد فى الجامعات واستشاريين فى وزارة الصحة لدراسة أسباب الظاهرة ووضع اقتراحات وحلول بحد أقصى ثلاثة شهور.


مواضيع متعلقة