أكاذيب تكشفها حقائق

تتعرض مصر دائماً إلى حملات كاذبة، تدحضها الحقائق الساطعة، وسلاح الأكاذيب يستخدمه أعداء الوطن، سواء في الخارج أو في الداخل، وبالتمحيص نرى أن وراء معظم الشائعات والأكاذيب أصابع دولة الاحتلال، التي سقطت كافة ادعاءاتها بالمظلومية والاضطهاد وشاهد العالم أجمع مدى ضراوة وحشيتها، وطبعاً ما يثير جنونها هو صمود قادتها النبلاء، إبان ثورة يوليو واسترجاع ذلك بثورة الثلاثين من يونيو، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي.

ولا شك أن الزعيم الخالد جمال عبدالناصر على رأس أعدائها، حيث تتمسك مصر بالمبادئ التى أرستها ثورة يوليو المجيدة.. فبعد أكثر من نصف قرن على رحيله، وصمه أنصار الدولة الصهيونية بأنه طرد اليهود المصريين من وطنهم إبان العدوان الثلاثي عام 1956.

وقد عشت في باريس 27 عاماً أعمل خلالها بإذاعة مونت كارلو الفرنسية، لم أترك فيها صغيرة أو كبيرة، كتبت عن الزعيم الخالد، وتضاعف حبى له عشرات المرات، خاصة أن البعض كتب أن الغرب قد باءت جهوده للعثور على نقيصة لناصر دون جدوى، وقد أعيت أعداءه السبل في العثور على حساب ولو بدولار واحد في أي بنك بالخارج.

ولذا، لفت نظري وأثار غضبى أن من يبحثون عن «التعاطف» مع دولة الاحتلال تحدثوا منذ أيام عن طرد ناصر لليهود المصريين!

وأول رد على هذه الأكذوبة المنحطة، هو كيف يوجد يهود مصريون الآن يعيشون بكامل المواطنة في المحروسة التى لم تفرق أبداً بين أبنائها.. فقد كنت في أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينات في مدرسة العائلة المقدسة الفرنسية، في مدينة حلوان، وقد أطلق اسم الملكة فريدة على معظم المواليد الإناث وقتها، ولذا كنا ثلاث تلميذات في نفس الفصل الدراسى نحمل اسم فريدة، واحدة مسلمة، وأخرى مسيحية، وفريدة يهودية.. كنا نلعب معاً ونتقاسم الحلوى، ونساعد من تحتاج منا لشرح أى درس لم تستوعبه.

وعندما وقع العدوان الثلاثى الذى اعتدت فيه إسرائيل بكامل الوحشية، مع بريطانيا وفرنسا، على المدنيين، وبعد هزيمتها في مواجهة الصمود الشعبى الأسطورى وشعار عبدالناصر: «لن نستسلم»، لقد فرض علينا القتال، ولكن لن يوجد من يفرض علينا الاستسلام، وذلك في الأزهر الشريف، كان من الطبيعى طرد الرعايا البريطانيين والفرنسيين من مصر.. وقد كان من بين هؤلاء الرعايا عدد من اليهود الذين يحملون الجنسية البريطانية أو الفرنسية للتمتع بعدم الخضوع إلا للمحاكم المختلطة.. فهل كان مطلوباً من «عبدالناصر» استثناء أصحاب الديانة اليهودية؟

قرأت تصريحاً مدوياً لشخصية إسرائيلية، للأسف لا أتذكر اسمها، نفت فيه نفياً قاطعاً هذه الأكذوبة، وأكبر دليل، كما أشرت، عدم مغادرة اليهود المصريين لوطنهم، ورئيسة الطائفة الأستاذة ماجدة هارون، ابنة الوطنى الشهير الراحل شحاتة هارون، خير دليل على ذلك.

أليس هذا كافياً لقطع ألسنة من يبحثون الآن وفي ظل أصعب مرحلة منذ إنشاء دولة طائفية عنصرية في الوطن العربى، عن «تبريرات» للدولة الصهيونية؟ إن أمثال هؤلاء أشد عداوة لمصر ممن يتباكون على تحديد ملكية الإقطاعيين، وصب جام غضبهم على من أنصف الفقراء من عمال وفلاحين.. الحمد لله أن أكاذيبهم تكشفها حقائق نعيشها الآن في ظل جمهورية الثلاثين من يونيو المجيدة، بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى أكد أن الإرادة المصرية لن تعلو عليها إرادة أخرى.