المرض المتوطن في جسد الإخوان

عماد فؤاد

عماد فؤاد

كاتب صحفي

صدق من قال إنّ «الغرض مرض»، فعندما كان للإنسان غرض ومقصد انطوت عليه نفسه، فلا تنتظر منه إنصافا أو مساندة، وسيقوم فقط بتلفيق البراهين والأدلة، لتتوافق مع هواه وغرضه، وإن وصل لدرجة التعامي عن الحق.

والغرض الفاسد، الذي تحول إلى مرض متوطن في نفوس قيادات وأعضاء جماعة الإخوان الإرهابية، ومن يشايعهم من بعض المحسوبين على قوى المعارضة -داخل مصر وخارجها- دفعهم للتشكيك في صحة الموقف شديد الصلابة والوضوح، للرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي أكد فيه رفض مصر لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتهجير أهالي غزة، والتصدي لأي أطروحات من شأنها تصفية القضية الفلسطينية، وتهديد الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط.

سعى المغرضون (المرضى) لاختراق جدار الاصطفاف الوطني خلف «السيسي»، وزعزعة ثقة المصريين في أنفسهم، وأطلقت الجماعة الإرهابية عبر منصاتها الإعلامية، ووسائل التواصل الاجتماعي، رسائل تحذيرية تُطالب فيها الشعب المصري بـ«مراجعة موقف السيسي» من خطة ترامب.

وقالت «الإرهابية»، عبر بيان نشرته على موقع «إخوان ويب»، إن «التصلب في الرفض سيُعرّض مصر لعقوبات تُفاقم الأزمة الاقتصادية»، في محاولة يائسة لزرع الفزع، والنيل من شرعية النظام، وتصويره كـ«متهور» يُعرّض استقرار البلاد للخطر.

وعلى النغمة نفسها خرجت أصوات معارضة أخرى، تُطالب بـ«المرونة الدبلوماسية» و«تفادي المواجهة مع واشنطن»، وأنّ «مصر لا تستطيع تحمّل خسارة الدعم الأمريكي في ظل الوضع الاقتصادي الصعب».

وكشف «ترامب» ظهر «المرجفين»، بعد تراجعه فى تصريح لقناة «فوكس نيوز» الأمريكية، وقوله «إن خطته بشأن غزة جيدة لكن لن يفرضها».

مصر بقيادة السيسي اتخذت الموقف الصحيح بما يتفق مع مكانتها كدولة محورية كبرى في محيط إقليمي مضطرب، واتساقا مع دورها التاريخي المساند للشعب الفلسطيني، والداعم لحقه في إعلان دولته المستقلة.

والسيسي لم «يتهور»، ولم يُعرّض مصر للخطر، ولكنه يدرك تمام الإدراك أن مثل هذه الأفكار والخطط، كتلك التي طرحها الرئيس الأمريكي، لا تستطيع تجاوز الوقائع الجيوسياسية، أو القفز بهذا النهج الأحادي، فى التعامل مع قضية صعبة ومعقّدة كالقضية الفلسطينية.

أعرف أنّ التاريخ كعلم، لا يعترف بحرف الشرط والدعاء والتمني «لو»، ولكن الموقف المعلن من الجماعة الإرهابية، واتهامها للرئيس السيسي بـ«التهور»، بعد تصديه لخطة رئيس الدولة العظمى في عالم اليوم، يلزمنا بطرح السؤال: ماذا لو كانت تلك الجماعة تحكم مصر حتى اليوم؟، وقياسا بمعارضتها لموقف السيسي «المشرّف»، يمكننا تخيل موقفها.

لو كانت الجماعة في السلطة حاليا، لرحّبت بخطة «ترامب»، وأسرعت بتوطين أهالي غزة فى سيناء، واستقبالهم كأشقاء لإنقاذهم من الظروف الصعبة، التي يعيشونها في القطاع والمناطق الفلسطينية الأخرى، بعيدا عن الحروب والدمار المستمر.

الإخوان لن يكون أمامهم سوى رد الجميل لولي النعم الأمريكي، الذي تآمر معهم لاقتناص حكم مصر، وسيُكثّفون مفاوضاتهم للوصول إلى حل نهائي للقضية الفلسطينية، بتصفيتها، وليس بتحرير الأراضي، التي يحتلها «الصديق الوفي»، وسيبقى الخلاف فقط على ثمن الصفقة.