في حضرة «الخالدين»
- البابا تواضروس الثاني
- الكنيسة القبطية
- خط بارليف
- فتح الطريق
- قناة السويس
- ٦ أكتوبر
- أبطال مصر
- أرثوذكس
- البابا تواضروس الثاني
- الكنيسة القبطية
- خط بارليف
- فتح الطريق
- قناة السويس
- ٦ أكتوبر
- أبطال مصر
- أرثوذكس
فى فضاءات مجمع اللغة العربية، أو ما يُلقَّب بـ«مجمع الخالدين»، تَطُلُّ هيبةُ المكانِ وَوَقَارُهُ كشاهدَينِ على عظمةِ المَهمة، لكنَّ هاتينِ الصِّفتَينِ -رغم جلالتهما- نسَجتا حاجزاً خفياً بينَ المجمعِ وَالجمهورِ العام.
هذه الملاحظةُ طرَحْتُها (بتحفُّظ) خلالَ ندوةٍ ثقافيةٍ نظَّمها المجمعُ بعنوان «واقعُ اللغةِ العربيةِ فى الصحافةِ المصرية»، فَما كانَ من الدكتور عبدالحميد مدكور، الأمينِ العام للمجمع، إلا أن بادَرَنى برِفْقٍ قائلاً: «نَعِى أنَّ البعضَ يَصِفُوننا بـ«أهل الكهف»، ويَظنُّ آخرون أنَّ انعزالَنَا مُتعمَّد، لذا قرَّرنا كسرَ هذا الحاجزِ بِفعالياتٍ تُقرِّبُنا من المجتمع، وَهَذهِ الندوةُ بِدايَتُنا».بسَمْوِّ الأسلوبِ وَعُمقِ الرؤيةِ، رَفَعَ الدكتورُ مدكورُ الحرجَ عنِّى، مُؤكِّداً حرصَ المجمعِ على استقبالِ آراءِ ممثلى الصحفِ القوميةِ والحزبيةِ والخاصة، لاستجلاءِ تأثيرِ الصحافةِ فى تشكيلِ بيئةٍ لغويةٍ سليمة، قادرةٍ على دعمِ العربيةِ لتواكبَ تحدياتِ العصر، وهوَ الهدفُ الذى انطلقَ المجمعُ لتحقيقهِ منذُ تأسيسِه عامَ 1932.
وتشرَّفتُ بتمثيلِ جريدةِ «الأهالى»، لسان حال حزب التجمع، نيابةً عن الكاتبةِ الكبيرةِ أمينة النقاش، رئيسةِ مجلسِ إدارةِ الجريدة، التى حالتْ ظروفٌ طارئةٌ دون مشاركتِها، كما سعِدتُ برفقةِ الكاتبَينِ الكبيرَين: ماجد منير، رئيسِ تحريرِ جريدةِ الأهرام، وعمادِ الدين حسين، رئيسِ تحريرِ جريدةِ الشروق.
أشارَ الدكتور محمود الناقة، عضوُ المجمعِ ومدير الندوة، إلى أنَّ «الخالدين» ليسوا أسرى أبراجٍ عاجية، بل همْ على صلةٍ وثيقةٍ بقضايا المجتمعِ وحواراتِه الدائرة. كما نبَّه إلى دورِ الصحافةِ المحورىِّ فى نشرِ العربيةِ بينَ جماهيرَ مُتعددةِ المشاربِ والثقافات.
فى عصرنا الذى نعيشه تتفاقم أزمات اللغة العربية وتزداد تشابكاً وتعقيداً، على مستوياتها المتعددة، سواء الكتابية، أو القرائية، أو البحثية، أو العلمية، أو الاصطلاحية، وحتى مستوى استخدامها فى الحياة اليومية.
وتبرز أزمة اللغة العربية فى أوضح صورها، فيما يخصّ حضورها المتهافت، والضئيل كماً والفقير كيفاً، وروحاً ووهجاً وقيمة، على الشبكة العنكبوتية «الإنترنت».هنا يبرزُ المجمعُ حارساً أميناً للغةِ من التشويهِ والانزياحِ نحوَ اللهجاتِ أو اللغاتِ الأجنبية، خاصّةً الإنجليزية، حاملاً مشعلَ التجديدِ بِتوازنٍ دقيقٍ بينَ الأصالةِ والحداثة، كى لا تعصف بها رياحُ التغريب.
ولا ينحسرُ تأثيرُ المجمعِ داخلَ مصرَ، بل يمتدُّ عبرَ اتحادِ المجامعِ اللغويةِ العربية، حيث يُعد مرجعيةً فى تقنينِ المصطلحاتِ العلميةِ والأدبية. وتتجلّى مكانتُه الأكاديميةُ فى إصداراتِه الرصينةِ كـ«المعجمِ الكبير» الذى يَرصدُ تطوُّرَ المفرداتِ عبرَ العصور، ومجلَّتِه المحكَّمةِ التى تستقطبُ باحثينَ عرباً فى مؤتمراتٍ سنويةٍ تناقشُ قضايا كالتعريبِ ومواجهةِ العامية.
على هامشِ الندوة، تبيَّنَ أنَّ المجمعَ قدَّمَ منذُ 2017 مشروعَ قانونٍ لحمايةِ اللغةِ العربية، لا يزالُ حبيسَ الأدراج، ولو أنصفت الحكومة بإحالة المشروع للبرلمان، لَكانَ خطوةً جريئةً فى تعزيزِ الهويةِ ودعمِ القوةِ الناعمةِ المصرية.
فى الختام، أثمنُ مبادرة المجمع بتبنّى اقتراحِى بتوقيعِ بروتوكولاتِ تعاونٍ مع نقابةِ الصحفيينَ والهيئةِ الوطنيةِ للصحافةِ والمجلسِ الأعلى لتنظيمِ الإعلام؛ لإنقاذِ ما يمكنُ إنقاذُه، وَحَتى لا تتحوَّلَ عناوينُ الصحفِ وَالإعلامِ إلى رموزٍ أعجميةٍ بِحروفٍ عربية!.