مقابر الأرقام جريمة إسرائيلية ضد الإنسانية
- الجولة الثانية
- بطولة كأس العالم
- دور المجموعات
- شوبير
- الجولة الثانية
- بطولة كأس العالم
- دور المجموعات
- شوبير
تتفنن إسرائيل في ابتكار طرق وحشية لتعذيب الفلسطينيين ومعاملتهم بوحشية وقتلهم بالجملة. وحتى بعد موتهم تدفن جثامينهم في مقابر دون أي علامات سواء أسماء أو بيانات عنهم، بل تحرص على دفنهم بوضع أرقام على قبورهم حتى لا يتم التعرف عليهم ويندثر كل ما يتعلق بهم، في إطار خطتها لمحو أي أثر لفلسطيني كما فعلت ربيبتها أمريكا مع الهنود الحمر.
لطالما مثّلت الحروب نزيفًا مستمرًا للبشرية، لكن بعض الانتهاكات تتجاوز مجرد القتال لتصل إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، ومن بين تلك الجرائم ما تقوم به إسرائيل من احتجاز جثامين الفلسطينيين في ما يُعرف بمقابر الأرقام. هذه الممارسة ليست جديدة، لكنها تسلط الضوء على استهتار إسرائيل بحياة الفلسطينيين حتى بعد موتهم، في الوقت الذي تذرف فيه الدموع على قتلاها.
مقابر الأرقام هي مقابر سرية تحتجز فيها إسرائيل جثامين الفلسطينيين الذين تقتلهم قواتها، حيث يتم دفنهم في قبور غير معلّمة بأسمائهم، بل تُرقّم فقط، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية التي تنظم حقوق الموتى والأسرى. هذه السياسة تهدف إلى طمس هوية الشهداء، وحرمان عائلاتهم من حق دفنهم بكرامة، وهي جريمة ترتقي إلى مستوى العقاب الجماعي.
ظهرت مقابر الأرقام مع احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية عام 1948، لكنها تصاعدت بشكل ملحوظ بعد نكسة 1967، حيث بدأت إسرائيل في احتجاز جثث المقاومين الفلسطينيين والعرب. وقد استخدمت هذه المقابر كوسيلة ابتزاز سياسي، حيث تحتفظ بجثامين الشهداء لمقايضتها في عمليات تبادل الأسرى أو لممارسة الضغط على الفصائل الفلسطينية.
ممارسة احتجاز جثث القتلى ليست حصرية على إسرائيل، فقد شهدت حروب أخرى انتهاكات مشابهة، مثل ما حدث خلال الحرب العالمية الثانية، حينما قامت بعض الأطراف بإخفاء جثث الأسرى أو استخدامها كأداة ضغط. إلا أن ما يميز إسرائيل هو أنها تمارس هذا السلوك الممنهج منذ عقود كجزء من سياساتها الرسمية.
يعد احتجاز جثامين الموتى وعدم تسليمها لذويهم انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، وخاصة اتفاقيات جنيف، التي تنص على ضرورة احترام الموتى وتسليم جثامينهم لعائلاتهم. كما يُصنَّف هذا الفعل ضمن جرائم الحرب وفقًا للمحكمة الجنائية الدولية.
مع ذلك، لم تواجه إسرائيل أي محاسبة فعلية على هذه الجرائم، بسبب الحماية السياسية التي توفرها لها بعض القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة. وفي حين صدرت بعض الإدانات الحقوقية، لم تُتخذ أي خطوات ملموسة لفرض عقوبات أو مقاضاة المسؤولين عن هذه الممارسات.
المجتمع الدولي يتعامل بازدواجية واضحة مع هذه القضية، ففي حين يدين جرائم مماثلة في دول أخرى، يلتزم الصمت عندما يتعلق الأمر بإسرائيل. المؤسسات الحقوقية مثل الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية أصدرت تقارير تدين هذه الممارسات، لكن هذه الإدانات بقيت بلا أثر بسبب غياب الإرادة السياسية لاتخاذ إجراءات حقيقية.
التحرك الوحيد الفعّال جاء من خلال حملات حقوقية فلسطينية ودولية، تسعى إلى رفع قضايا أمام المحاكم الأوروبية والدولية لمحاكمة المسؤولين الإسرائيليين عن هذه الجرائم.
يُعد دفن الضحايا دون هوية أو بيانات جريمة ضد الإنسانية، وهي سياسة وحشية تتجاوز مجرد انتهاك حقوق الإنسان إلى إهانة كرامة الموتى وعائلاتهم. فحتى في أشد الحروب دموية، حافظت بعض الأطراف على احترام جثث القتلى، لكن إسرائيل تتعامل مع الشهداء الفلسطينيين كأرقام مجردة، في محاولة لطمس وجودهم حتى بعد الموت.
مقابر الأرقام ليست مجرد مقابر، بل هي دليل آخر على استهتار إسرائيل بالقوانين الدولية وحقوق الإنسان، وسط صمت عالمي يرسخ سياسة الإفلات من العقاب. إن مواجهة هذه الجريمة تتطلب تحركًا جادًا من قبل المنظمات الحقوقية والمحاكم الدولية، والضغط على الحكومات لاتخاذ مواقف حازمة. فاحترام الموتى هو مبدأ إنساني عالمي، والتغاضي عن هذه الجريمة يجعل الإنسانية جمعاء شريكة في هذا الانتهاك.