الصراع تحت الأضواء
واحدة من أهم صفحات الصراع العربي الإسرائيلي فُتحت يوم السبت الماضي في غزة لدى تبادل المحتجزين بين حماس ودولة الاحتلال الصهيوني، حيث شاهد العالم أجمع أنّ المحتجزين الثلاثة، هم أمريكي وأرجنتيني وروسي.. ثلاث جنسيات مختلفة ولا يجمع بينهم سوى الديانة اليهودية.. وانتماؤهم إلى العقيدة اليهودية هو الذي دفع بهم إلى دخول جيش الاحتلال وهو ما لم يراعِه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبدلا من إقناعهم بالعودة إلى بلادهم، فإنه يسعى بكل السبل، المشروعة وغير المشروعة، إلى إخلاء الوطن الفلسطيني من أبنائه وتزويد المرتزقة من مختلف أنحاء العالم بأشد الأسلحة فتكا وتدميرا للإسراع بتهجير الفلسطينيين قسرا وبوحشية غلَّفتها الولايات المتحدة الأمريكية بشعارات كاذبة، مثل الديمقراطية، وحقوق الإنسان واحترام القوانين والشرائع الدولية المتصلة بحق الشعوب في استقلال أوطانهم والدفاع عنها ضد أي معتدٍ.
وقد جاهر الرئيس الأمريكي بعزمه على إخلاء فلسطين من مواطنيها واستغلال أرضها بين الاستيطان اليهودي والاستغلال الأمريكي بالاستيلاء على شاطئ غزة وإقامة مشروعات سياحية أمريكية على ضفافه.. وقد كفتنا تصريحات واشنطن وتل أبيب عناء أن نشرح للناس مدى عدوانيتهما وازدرائهما لأبسط حقوق الإنسان التي لم تتعرض لمثل هذا العدوان بشن حرب إبادة وحشية ضد شعب أعزل وقتل وإصابة عشرات الآلاف من أبنائه، وهدم معظم مساكنه، وقد خرس مَن كانوا يشيدون، باحترام واشنطن لحقوق الإنسان بما فيها حقه في البقاء الآمن داخل وطنه وعدم التعرض لأي نوع من العدوان، وكانوا يتطاولون على مَن يجرؤ ويحاول توعية الجماهير بخبايا النوايا الأمريكية ضد الشعب العربي على مر التاريخ، وما زال كثيرون منا يتذكرون مأساة غزو العراق بفرية كاذبة بادعاء حيازة بلاد الرافدين لأسلحة نووية، وتم قتل وإصابة ملايين العراقيين وتدمير المصانع وكذلك حل الجيش وقتل الزعماء.
ثم بعد بضع سنوات يعترفون بلا أدنى خجل أنّ العراق لم يكن حائزا على أسلحة نووية وأنهم أخطأوا، لكن طبعا دون تعويض واحد على عشرة مما ألحقوا به من خسائر، ونعاصر الآن وقاحة ينفرد بها هؤلاء بالإعلان عن طلب أمريكا من كل من مصر والأردن استقبال الأشقاء الفلسطينيين، لإخلاء غزة والضفة منهم وتسهيل مهمة أعداء الأمة العربية بأسرها، وهالهم مواجهة موقف شديد الصلابة برفض الرغبة الأمريكية التي لا مثيل لها في التاريخ، فحتى القوى التي تحتل بلدا لا تطلب تهجير أبنائه منه، ولكن هذا الجانب لا يدركه مَن اغتصبوا الأراضي بادعاءات دينية، مثلما فعل المحتجزون الإسرائيليون الثلاثة الذين تفرق بينهم قارات ولا يجمعهم سوى العقيدة الدينية وهو ما أنشأته بريطانيا وسارت على دربه الولايات المتحدة، بشعار فرق تسد، بتشكيل «جماعة الإخوان الإرهابية» لتقسيم الأوطان حسب الدين، وبتنا نقبل بشعار الدولة الإسلامية لمواجهة الدولة اليهودية.
وأتمنى أن نكف نهائيا عن تشويه صراعنا مع العدو بصبغة الدين، فهل مثلا العدوان الصهيوني المتكرر ضد القدس انحصر على الفلسطينيين المسلمين ومقدساتهم الدينية، أم أنه لم يفرق بين مسلم فلسطيني ومسيحي فلسطيني، لانتمائهما معا للوطن الفلسطيني، كما شهد التاريخ وفي واجهته المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، نحن مهد الرسالات السماوية ولا يعقل أن يأتي «خواجات» من مختلف أنحاء العالم يحاولون طردنا وتشريدنا بدعاوى صهيونية، فقد عشنا قرونا طويلة معا في سلام: اليهودي والمسيحي والمسلم.