حدّثت الإنجليز عن «ترامب»
- الدكتور مصطفى مدبولى
- العاصمة الإدارية الجديدة
- المجتمعات العمرانية
- الموقع الإلكترونى
- الوحدات السكنية
- رئيس مجلس الوزراء
- الدكتور مصطفى مدبولى
- العاصمة الإدارية الجديدة
- المجتمعات العمرانية
- الموقع الإلكترونى
- الوحدات السكنية
- رئيس مجلس الوزراء
قبل يومين، ألقيت محاضرة فى عدد من الدبلوماسيين الإنجليز حول «سياسة ترامب حيال العرب» ضمن برنامج ينظمه «معهد القاهرة الدولى»، كنت قد حاضرت فيهم أيضاً قبل عامين، وطلبوا من د. هدى أديب، مديرة المعهد، أن أحدثهم فى هذا الموضوع الذى يفرض نفسه علينا الآن.
إنهم دبلوماسيون موزعون للعمل فى مقر وزارة الخارجية الإنجليزية بلندن، وسفارة إنجلترا بالولايات المتحدة، وسفاراتها بعواصم عربية وإسلامية، بعضهم خدم بلده فى أكثر من عاصمة عربية على مدار السنوات الفائتة.
استعرضت تاريخ علاقة أمريكا بالعالم العربى والإسلامى التى مرت بثمانى مراحل، ثم محددات السياسة الأمريكية حيالنا ومنها: أمن إسرائيل، وضمان تدفق النفط، وبيع السلاح لنا وإقامة قواعد عسكرية على أرضنا، والنظر إلينا كسوق استهلاكية كبرى، وضمان وجود أنظمة حكم تدور فى الفلك الأمريكى، ومواجهة إيران.تحدثت أيضاً عن سياسة «ترامب» التى تقوم على تصورات خاطئة مثل: المال مقابل الحراسة، والتهديد بوقف المعونات، والعمل على توسيع مساحة إسرائيل، ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية، والسيطرة على الجماعات السياسية الإسلامية، وتوظيف ورقة الأقليات، وإهمال إرادة الشعوب.
تناولت خسائر الغرب كله، وليس أمريكا فقط، من سياسة «ترامب»، ومنها: صناعة عقبات أمام تسويق النموذج السياسى الغربى الذى يقوم على الديمقراطية، وتعميق كراهية أمريكا ومعها كل حلفائها فى أوروبا ما قد يتطور إلى مهاجمة مصالح هذه البلاد أو تنفيذ مقاطعة اقتصادية لها، ودفع العالم العربى للبحث عن بدائل فى النظام الدولى، ومنها الصين وروسيا، وإعطاء حجية أكبر للمقاومة المسلحة إثر رفض إسرائيل لمسار السلام وإصرارها على عدم قيام دولة للفلسطينيين، وفتح الباب أمام تعزيز نفوذ التنظيمات السياسية الإسلامية الراديكالية المناهضة للغرب حيث سيجد خطابها قبولاً، وتجد خططها أنصاراً، بل ما هو أكبر من هذا، حيث يعيد «ترامب» برفضه الامتثال للقانون الدولى، ولو من الناحية الظاهرية، إلى إعادة العالم إلى الغابة.
فى ختام المحاضرة، سألنى أحد الدبلوماسيين عن نصائحى، فقلت له: يجب أن تأخذ إنجلترا مسافة بعيداً عن «ترامب»، ويسمع لكم العالم صوتاً فى المساعى الرامية لإيجاد حل عادل وشامل لقضية فلسطين، خاصة أنكم سبب المشكلة من الأساس، وأن تعودوا إلى الاتحاد الأوروبى، وأن تدركوا أن كثيرين يفهمون أنكم بخبرتكم الاستعمارية وأرشيفكم العامر بالمعلومات تمثلون مرجعية فى كثير من الأحيان للسياسة الأمريكية حيال العالم، وعليكم ألا تضعوا هذا فى خدمة تاجر مقامر مثل «ترامب»، عليكم أيضاً أن تفعلوا كل ما ينجيكم من الكراهية التى تلاحق «ترامب»، وستجلب ضرراً بالغاً لأمريكا، وعليكم ألا تمتثلوا لسرديات إسرائيل، وللصور النمطية المغلوطة عن العرب.
كان من الطبيعى أن يتطرق النقاش إلى أفكار من قبيل «نظرية التبعية» و«المركزية الأوروبية» و«صدام الحضارات»، وفى الأولى استعنت بتصور صاحبها الراحل الكبير د. سمير أمين، العالم المصرى الذى كان أستاذاً بالسوربون، وفى الثانية هناك الذين نقدوها من بين أهلنا، وفى مطلعهم د. حسن حنفى، الذى وصل إلى حد كتابته «مقدمة فى علم الاستغراب» رداً على الاستشراق، الذى عد إدوارد سعيد كثيراً من مقولاته مجرد «إنشاء» أو اختلاق لصور نمطية، وفى الثالثة أظهرت كيف أنها صنعت فى معامل المخابرات الأمريكية، وصاغها صمويل هنتنجتون، وثبت خطأ مقولاتها، وخطر توجهها وعنصريته.
فى الختام أقول إنها تجربة لطيفة ومفيدة، كررتها مرات، ولن أتأخر عن القيام بها فى المستقبل، من منطلق واجبى ككاتب عليه أن يشرح ما يعتقد به، ويدافع عن انحيازات أهله وأشواقهم، كلما وجد إلى ذلك سبيلاً، سواء فى المقالات والكتب أو اللقاءات المباشرة، وفى كل هذا أقف على أرضنا هنا، وأقول ما أومن به وأمضى.