نعم.. بالوعي نحميها
فى عالم يتغير بسرعة، حيث التكنولوجيا تتقدم والأفكار تتنوع، وتبرز أهمية الوعى كسلاح فعال لحماية مجتمعنا وأبنائنا، هذا ما شددت عليه السيدة انتصار السيسى فى الندوة التى تشرفت بحضورها تحت عنوان «معاً بالوعى نحميها» بتنظيم من المجلس القومى للمرأة، والتى كانت بمثابة نداء للجميع: آباء وأمهات ومعلمين وشباب، ليكونوا جزءاً من حركة وعى تهدف إلى حماية مصر من التحديات التى تواجهها.
هذا الوعى ليس مجرد معرفة، بل هو فهم عميق للذات، وللعالم من حولنا، وقدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، بين البناء والهدم، هو صوت خفى يهمس فى أذنك عندما تقف فى مفترق طرق يجعلك تعرف أنك على حق، هو ما يجعل الإنسان يفكر قبل أن يتكلم، يختار قبل أن يندم، ويعمل قبل أن يتراجع، فبناء الوعى ليس مجرد شعار، بل هو رحلة صعبة تبدأ من داخل كل بيت، وتمتد لكل مؤسسة فى المجتمع.
نبدأ الحكاية من الأب والأم اللذين يغرسان فى أطفالهما القيم الصحيحة، يتعلمون ويعلمون أن الصدق والالتزام والاحترام، صفات يكتسبها الأبناء من خلال القدوة، ولعلنا نعلم أن أبناءنا يتعلمون من أفعالنا أكثر من كلماتنا، قد نساعدهم على التفكير الصحيح، وعلى أن يتخذوا قرارهم بأنفسهم بعد دراسة المعطيات ومعرفة المطلوب، نعلمهم تاريخ وطنهم وتراثهم نجعلهم يفخرون بانتمائهم. فعندما يعرف الطفل قصة كفاح أجداده، يصبح أكثر التزاماً بحماية وطنه، فالتربية بالوعى هى استثمار فى المستقبل، تبنى جيلاً قادراً على مواجهة التحديات.
وفى زحام الحياة نجد أنفسنا أمام قرارات يومية تحدد مصيرنا ومصير من نحب، وعندما نمتلك الوعى نصبح قادرين على اتخاذ القرارات بشكل أفضل، نحمى أنفسنا وأُسرنا من المخاطر، فالوعى بالتعليم يمنح القوة لتحقيق طموحاتنا، والوعى بالصحة يحفظ العائلات من الألم، والوعى بالقيم المجتمعية يصنع أمة متكاتفة، أما الوعى الاقتصادى فهو الدافع نحو ثقافة العمل الجاد، والادخار والاستثمار فى المستقبل.
فى هذا الإطار يأتى دور برامج الحماية المجتمعية كجزء أساسى من استراتيجية بناء الوعى وتمكين الأفراد من حياة أكثر استقراراً، فمن خلال مبادرات مثل (تكافل وكرامة) التى تدعم الأسر الأكثر احتياجاً، وبرامج التأمين الصحى الشامل التى تضمن الرعاية الطبية للجميع، ودعم المشروعات الصغيرة وريادة الأعمال التى تعزز الوعى الاقتصادى، تؤكد الدولة أن الوعى ليس مجرد إدراك فردى، بل منظومة متكاملة تعززها السياسات الرشيدة، والاستفادة من هذه البرامج، وفهم دورها فى تحسين جودة الحياة، هو جزء من مسئوليتنا فى بناء مجتمع أكثر وعياً وتماسكاً.
علينا أن ندرك أن الوعى ليس حالة طارئة نلجأ إليها وقت الأزمات، بل هو نهج حياة يجب أن يزرع فى عقول جيل المستقبل ليكون حصناً لهم يحميهم من التضليل والخطر.
ولضمان نجاح جهود نشر الوعى، نحتاج إلى استراتيجية متكاملة تقوم على: التعليم والتثقيف المستمر، عبر تطوير المناهج الدراسية، وإدخال برامج تعليمية تساعد على التفكير النقدى، والتعامل مع التكنولوجيا بشكل أكثر، وأن يكون التعليم أكثر من مجرد تلقين، بل تجربة تزرع فى الطلاب القدرة على البحث والتحليل، ليصبحوا أكثر وعياً فى التعامل مع المعلومات. علينا إنتاج المزيد من المحتوى المؤثر على وسائل الإعلام التقليدية والرقمية، ليرفع من وعى المواطنين بالقضايا الأساسية، محتوى راقٍ يعزز الخبر والمعلومة ويكشف زيف الشائعات.
ندوة «معاً بالوعى نحميها» كانت تذكيراً لنا جميعاً بأن نكون جميعاً جنوداً فى معركة الوعى، نحمل راية الفكر المستنير، ونحارب كل أشكال الجهل والتضليل، فلنعمل معاً، كلٌّ فى موقعه، على نشر ثقافة الوعى، لأن الطريق إلى المستقبل يبدأ بخطوة، وأول خطوة نحو أى تغيير حقيقى هى أن نُدرك.