«سلام» نتنياهو سيجلب «اللاسلام» لإسرائيل

بلال الدوي

بلال الدوي

كاتب صحفي

كتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تويتة -باللغة الإنجليزية- قبيل الصعود إلى طائرته التي تغادر إلى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قال فيها نصا «أنا أول زعيم أجنبي يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض منذ تنصيبه، وهذا دليل على قوة التحالف الإسرائيلي الأمريكي ودليل على قوة صداقتنا الشخصية، القرارات التي اتخذناها في الحرب غيّرت بالفعل وجه الشرق الأوسط، قراراتنا وشجاعة جنودنا أعادت رسم الخريطة، لكننى أعتقد أن العمل بشكل وثيق مع الرئيس ترامب يُمكننا من المزيد من إعادة رسمها وعلى نحو أفضل، أعتقد أننا قادرون على تعزيز الأمن، وتوسيع دائرة السلام، وتحقيق حقبة رائعة من السلام باستخدام القوة».

من حق نتنياهو كتابة ما يشاء، فهذا رأيه وهو حُر فيه، لكنه ليس من حقه أن يفرض السلام بالقوة، وعليه أن يعرِف أنّ السلام لا يُفرَض، بل يتحقق بالحق، يُمارس السلام بالعدل، ينتشر السلام بإعطاء الحقوق لأصحابها لا بسلب الحقوق من أصحابها، السلام أمل الأمم لكي تعيش في هدوء وأمان واستقرار، السلام هدف استراتيجي لكل شعوب الأرض، السلام سهل تحقيقه لو كانت النيات سليمة وخالصة وصادقة، السلام صعب جدا تحقيقه باستخدام القوة، فالبطش سيطيح بالسلام ولن يفرضه أبدا، القوة ستجعل السلام أُلعوبة في يد من يمتلك السلاح والقوة والعنترية وهذا خطر داهم عليه قبل المحيطين به أو المتعاركين معه، السلام معاييره معروفة وطُرقه مُمهدة لكن كل مَن قُدِّر له السير فيها عليه أن يحمل مشاعل الحق والعدل والأمانة في تعاملاته، السلام له أغصان زيتون لا بد من حَملها لا حرقها.

سيلتقي نتنياهو بترامب في الرابع من الشهر الحالي، أي بعد ساعات معدودة، ظنّي أنّ نتنياهو سعيد بما قال إنّه حققه منذ أحداث 7 أكتوبر 2023 لكنه -من وجهه نظري- في حقيقة الأمر لم يُحقق شيئا يُذكَر، فطالما لم يُحقق الأمن لشعبه فهو لم يُحقق شيئا يُذكر، طالما يتحدث عن السلام باستخدام القوة فهو لم يُحقق شيئا يُذكر، طالما لم يُحقق إنجازا واحدا يُفيد شعبه فهو لم يُحقق شيئا يُذكر، طالما أنّه يشعر بالانتصار فهو لم ينتصر، وبالفعل هو لم ينتصر، فهدم المنازل والمستشفيات والمدارس والمساجد ليس انتصارا، القصف بالطائرات والقتل والتدمير والصواريخ الحارقة ليس انتصارا، الانتصار في الحرب لا يتحقق إلا بتحقيق الأهداف التي من أجلها دخل الحرب وهي لم تتحقق بل لم يُحقق أيا منها على الإطلاق، فالرهائن الإسرائيليون عادوا بالموافقة على الهدنة والتوقيع عليها وتنفيذ بنودها -بندا بندا- وتثبيتها لإتمام مراحلها الثلاث ونتيجة لجهود الوسطاء الثلاثة -مصر وقطر وأمريكا- على مدار شهور ماضية.

على نتنياهو أن يعلم بأنّ سلام الأقوياء غير سلام استخدام القوة، السلام الذي يُستخدم فيه البطش لن يستمر طويلا، والسلام القائم على العدل هو الذي يستمر طويلا ويدوم أطول فترة مُمكنة ويُحقق أهدافه، السلام لن يأتي بقوة السلاح بقدر ما يأتي بقوة الحُجة وبإعادة الحقوق لأصحابها وعدم ظُلمهم.. على إسرائيل أن تُدرِك بأن سلامها وأمنها سيتحقق بسهولة لو أعطوا الفلسطينيين حقوقهم ولو توقفوا عن الاستيلاء على أراضى فلسطين وبناء مستوطنات عليها ولو اعترفوا بحق العودة للفلسطينيين وبدولة فلسطينية مُستقلة على أراضى ما قبل 5 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وبالاعتراف بقرارات الشرعية الدولية وإنهاء الاحتلال.. غير ذلك أوهام لن تتحقق، غير ذلك طموحات غير قابلة للتنفيذ ستجلب اللاسلام لإسرائيل.