تجسس وتآمر وإساءة لمصر.. سياسة شركة قناة السويس قبل التأميم

تجسس وتآمر وإساءة لمصر.. سياسة شركة قناة السويس قبل التأميم
بعدما تحقق حلم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في تأميم قناة السويس، مع فريقه الذي قاده المهندسين عبدالحميد أبوبكر ومحمود يونس ومحمد عزت عادل، وسير خطة إعداد وتنفيذ التأميم كما خطط لها بخطوات ثابتة وناجحة، وتكوين مجلس إدارة للشركة من المصريين، سعوا لوضع سياسة للشركة بعد تأميمها في إدارة القناة، حيث كانت تقوم السياسة القديمة على تفضيل الأجانب والتجسس على الحكومة، وإدارة صورية لمصر.
في مذكرات أبوبكر بكتاب "قناة السويس والأيام التي هزت الدنيا"، أوضح ملامح سياسة الشركة في إدارة قناة السويس، التي سعوا في تغييرها، وإحلال العنصر المصري فيها بدلًا من ذلك الأجنبي الذي كان يهيمن عليها وعلى إدارتها، وذلك على النحو التالي:
1- كانت شركة القناة دولة داخل دولة، كل علاقاتها بالحكومة المصرية أن تتجسس عليها، وتجمع المعلومات لحساب أجهزة المخابرات لدول الغرب، وكانت الشركة تعمد الإساءة لمصر والكيد لها وتعويق نهضتها في كل الميادين، وكانت تتآمر مع أعداء مصر، ولذا بعد تنفيذ خطة التأميم وضع فريق التأميم يديه على ملفات الشركة السرية في مكاتبها بالقاهرة، التي أفاضت بمعلومات مثيرة وأدلة دامغة تدين الشركة بارتكاب كل هذه الجرائم في حق مصر.
2- يتكون تنظيم الشركة من أربعة أقسام بمصر، وثلاث إدارات بالخارج، وتتكون الأقسام الموجودة في مصر من:
ـ الوكالة العليا بالقاهرة "وظيفتها الاتصال بالجهات الحكومية المصرية والعلاقات العامة".
ـ أقسام الملاحة والأشغال.
ـ القسم الإداري والمالي.
أما الإدارات الخارجية فهي الإدارة العامة بباريس ووكالتا لندن ونيويورك.
3- اتضح أن الإدارة العامة بباريس لها جميع السلطات التي تقوم بوضع وتنفيذ السياسيات الفنية والإدارية والمالية والمشتريات، فكان لا يمكن تعيين أو نقل او ترقية أو عمل أي شيء في الأقسام المالية والحسابات إلا بد الرجوع لباريس التي لها الرأي الأخير، حتى المشتريات كانت تقوم بها إدارة باريس وكذا الأبحاث والتجارب والمشروعات.
تحولت إدارات الشركة في مصر بهذه الصورة إلى مجرد أقسام تنفيذية لتعليمات باريس، ولا تستطيع أن تدير او تصرف، وجميع المستندات والملفات والأوراق الهامة موجودة في باريس فقط، الأمر الذي تسبب في لا مركزية محلية في العمال الفنية والإدارية والمالية مما يتعارض مع الأسس الفنية.
أدى هذا الوضع إلى نقص التنظيم وعدم كفايته في تمكين الإدارة الحكومية المستقبلية عام 1968، بعد انتهاء امتياز الشركة الأجنبية من إدارة المرفق أو تشغيله.
4- أعمال الصيانة والعمال البحرية الخاصة بتموين السفن والرباط وخلافه، كان يقوم بها مقاولون، رغم إن إمكانات الشركة تكفل القيام بتلك الأعمال.
5- أعمال التطهير وإنشاء صيانة جوانب القناة يقوم بها مقاولون، باستخدام معدات الشركة كالكراكات لاستهلاكها.
6- الموظفون: كان عددهم في مصر 805 موظف، 58% منهم من الأجانب، و14% من الجانب المتمصرين، و28% من المصريين، وفي قسمي الملاحة والأشغال كانت نسبة الأجانب 72% والمتمصرين 8% والمصريين 20%، وكانت اغلبية وظائف المصريين ذات نشاط ثانوي لا أهمية لها في إدارة المرفق مستقبلا.
بعد اتفاقية 1949 التي وقعها ممدوح رياض وزير التجارة آنذاك، مع الشركة المؤممة التي تضمن للمصريين بعض الحقوق، والتي تلزم الشركة بزيادة نسبة المصريين بالشركة، لجأت الشركة إلى إنشاء وظائف كتابية وإدارية لتكملة النسبة العددية للموظفين المصريين، دون توجيه أحد منهم للعمل بالأقسام الفنية الهامة التي تشرف فعليا على عمليات إدارة المرفقـ ولذا أنشأت الشركة لهذا الغرض الصوري 53 وظيفة لا يجد موظفيها المصريين فعليا عملا يشغل نصف وقتهم، كما اوضح أبو بكر في كتابه، إلا أن الغرض منها كان إحلال المصريين محل الأجانب في الوظائف الهامة.
وأكد عبدالحميد أبوبكر، أن الشركة كانت تسعى دائمًا في مفاوضاتها مع الحكومة المصرية، إلى كسب أكبر نسبة من الوظائف للأجانب يعينون بمعرفتها، على الرغم من وجود مواصفات معينة للوظائف، وتكون الأفضلية للمصريين.
7- العمال: كان عدد العمال حوالي 4200 عامل، 6% منهم حاصلون على شهادة فنية متوسطة، و14% حاصلون على شهادات غير فنية كالابتدائية، و80% منهم بدون مؤهل، وكانت الشركة تلجأ لتعيين رؤساء العمال والملاحظين من الأجانب.