الشعب المصري ينتفض لرفض التهجير

بلال الدوي

بلال الدوي

كاتب صحفي

يُنصِف التاريخ «مصر» دائماً، يسرد «التاريخ» تفاصيل دقيقة عن تحديات كبرى واجهت شعبها، ويحكي «التاريخ» صفحات مُطولة عن بطولات الشعب العظيم الذي لا يقبل بالضغوط ولا يوافق على الصمت ولا يرضى بغير الحق، فشعب «مصر» الأبي يرفض التفريط في كرامته ويرفض الجور على حقوقه ويرفض الإملاءات ويرفض التدخلات الخارجية.

إنه شعب من نوع خاص، شعب تعوّد على الصمود، في المِحن تخرج طاقاته الكامنة، وقت الأزمات يظهر ما بداخله من إرث تاريخي للدفاع عن وطنه، في أوقات الشدة يكون في مقدمة الصفوف ليسبق الجميع ليدافع عن أرضه وسيادته، تاريخ هذا الشعب كله نضال في نضال وتضحيات في تضحيات وانتصارات محققة للدفاع عن بقائه وكيانه.. إرادة الشعب المصري لا يعلوها إرادة إلا إرادة الله، عزيمة المصريين هي الأقوى في مواجهة كل الغزاة الذين جاءوا إليها محتلين طامعين، لكنهم خرجوا بائسين يائسين وهُم يجرون خيبات لم يكونوا يتوقعونها.

ما إن يخرج المصريون مُنتصرين على تحدٍّ حتى يأتي إليهم تحدٍّ جديد، لا يأتي التحدي الجديد إلا حينما يتم تحطيم التحدي القديم وتدميره والانتصار عليه، فلا يوجد وقت يحتفل فيه المصريون بانتصارهم حتى يأتي التحدي الجديد قادماً أقوى من التحدي القديم، تحديات مهولة تُطل علينا باستمرار، والنتيجة: أصبحت «مصر» مُحطِّمة التحديات جمعاء.

بعد نجاح (ثورة 30 يونيو 2013) العظيمة أرادوا كسر إرادة الشعب المصري، وفي لحظات ظهرت تنظيمات إرهابية وأعلنوا عن تهديد أمن واستقرار الوطن، لم يختبئ أحد من المصريين ليقول: سنتعايش مع التنظيمات الإرهابية وسنُسلم بالأمر وسنفشل في مواجهتهم وسنرضى بأن تكون «مصر» حاضنة للإرهابيين.. لا.. لم يُقل المصريون ذلك، بل وحَّدوا كلمتهم ورصُّوا صفوفهم وكان شعارهم (إلا مصر) سندافع عنها للنهاية، تمت المواجهة مع التنظيمات الإرهابية ونجح الشعب في مجابهة الأشرار المسلحين الممولين المدفوعين من الخارج، نجح أبناء الشعب المصري في الجيش والشرطة في التصدي للتنظيمات الإرهابية.. تم إحباط مخطط الإرهاب، خرجت «مصر» منتصرة انتصاراً ساحقاً ماحقاً من هذا التحدي البغيض، تبع ذلك أزمات اقتصادية عالمية نتيجة الصراعات الإقليمية السياسية التي كان لها تبعات على الاقتصاد العالمي، تبع ذلك أزمة كورونا ثم نشبت المواجهات الروسية الأوكرانية ثم الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة وتم توسيع دائرة الصراع في لبنان وسوريا واليمن.. كل هذه التحديات تباعاً لم تنل من إرادة المصريين الذين يريدون الحفاظ على وطنهم مهما كانت الضغوط ومهما تم تحديث المخططات القديمة والأطماع القديمة لتكون مخططات جديدة وتحديات جديدة.

«مصر» مُتماسكة داخلياً، أيادي شعبها مُتلاصقة، صفوفهم مُوحدة، قيادتهم وطنية مُخلصة وتنال ثقة الشعب وتأييده بلا حدود، ولذلك فإن الرفض الشعبي لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم يتوافق مع الموقف الرسمي، إذن التهجير مرفوض جُملة وتفصيلاً، لن تتحمل «مصر» مسئولية حل أي قضية على حساب الأمن القومي المصري.

الشعب المصري انتفض لرفض التهجير، حشود المصريين أمام معبر رفح شاهدة على إرادة الشعب الرافضة للتهجير والتي تدعو لعودة الحق الفلسطيني في دولة فلسطينية مُستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود ما قبل (5 يونيو 1967)، الشعب المصري يطالب بحل الدولتين، الشعب المصري له ميراث مُشرّف في الدفاع عن القضية الفلسطينية، وسيستمر هذا المسار للنهاية.