قوات المظلات المصرية: رمز الوطنية والتفوق العسكري

مصطفى عمار

مصطفى عمار

كاتب صحفي

شرفت بحضور الزيارة التى نظمتها قيادة قوات الدفاع الشعبى والعسكرى وإدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة لقيادة قوات المظلات المصرية، والتى ضمت عدداً كبيراً من الكتَّاب الصحفيين والإعلاميين وطلاب الجامعات، لنرى عن قرب تدريبات قوات المظلات المصرية، ومدى الجاهزية والاستعداد لرجال قوات المظلات للدفاع عن مقدرات الوطن فى أى وقت، وتحت أى ظرف.

وصحبنا فى الزيارة اللواء أركان حرب أحمد زكى أحمد، قائد قوات المظلات، الذى رحب بالحضور، وشرح لنا طبيعة الدور الذى يقوم به رجال قوات المظلات منذ تأسيسها مطلع الخمسينات، ومدى التطور الذى حدث خلال كل هذه السنوات، لتصل إلى ما هى عليه الآن، من تطور وكفاءة يضعانها فى مكانة متقدمة بين قوات المظلات على مستوى العالم.

وتعتبر قوات المظلات المصرية من أبرز القوات القتالية داخل القوات المسلحة المصرية، بما تمتلكه من تاريخ عريق، وإمكانات قتالية استثنائية، وتدريب متقدم يضعها فى مصاف أفضل الوحدات الخاصة على مستوى العالم، ويتجلى دورها فى تنفيذ المهام الخاصة، والدور الوطنى الذى تؤديه فى حماية الأمن القومى المصرى.. تُعتبر هذه القوات نموذجاً يعكس قوة وإصرار الجيش المصرى.

وبدأت قوات المظلات المصرية مسيرتها منذ عقود طويلة، تزامناً مع تطورات استراتيجية شهدتها القوات المسلحة المصرية. لعبت هذه القوات أدواراً محورية فى تاريخ مصر الحديث، حيث شاركت فى معارك مصيرية أثرت على مستقبل الأمة، من العدوان الثلاثى عام 1956 إلى انتصارات أكتوبر 1973، حيث كان لأفراد المظلات دور بارز فى تنفيذ مهام هجومية مباغتة، ضربت مراكز العدو الحيوية، ومهدت الطريق أمام القوات الرئيسية لتحقيق الانتصار.

من أبرز المحطات فى تاريخ هذه القوات دورها فى حرب أكتوبر 1973، حيث تمكن أفرادها من تنفيذ عمليات إنزال خلف خطوط العدو، وقطع طرق الإمداد، والسيطرة على نقاط استراتيجية، مما ساهم بشكل مباشر فى تغيير مجريات المعركة لصالح القوات المصرية.

ولا يقتصر دور قوات المظلات على الجاهزية القتالية فحسب، بل يتطلب إعدادها برنامجاً تدريبياً صارماً وشاملاً؛ فيبدأ اليوم التدريبى لمقاتلى المظلات بتمارين بدنية مكثفة، مثل طابور الضاحية، الذى يضمن لهم لياقة بدنية عالية، وتُصاحب ذلك تدريبات قتالية ورياضية لتعزيز سرعة البديهة، والقوة البدنية، والقدرة على التحمل فى أصعب الظروف.

أحد التدريبات الفريدة التى يتميز بها أفراد المظلات هو القفز الحر من الطائرات، حيث يتم تدريبهم على التحكم الكامل فى حركة أجسامهم أثناء السقوط الحر من ارتفاعات شاهقة قد تصل إلى عدة كيلومترات، ويتم استخدام تقنيات حديثة مثل جهاز «عمود الهواء» الذى يحاكى سرعات الرياح المختلفة، وهو ما يساعد على تحقيق أقصى درجات الاحترافية فى أداء القفزات الجوية.

تشمل تدريبات قوات المظلات التعامل مع مختلف البيئات الجغرافية، بدءاً من المناطق الجبلية والوعرة إلى البيئات المائية، ويتعلم المقاتلون تسلق الجبال، وعبور المناطق الصخرية، وحتى تنفيذ العمليات تحت الماء، كما يُدرَّبون على استخدام معدات خاصة مثل الطيران الشراعى، الذى يتيح لهم الهبوط بأمان فى المناطق الصعبة أو ذات التضاريس المعقدة.

يتلقى الأفراد أيضاً تدريبات متقدمة على القتال داخل المدن، والاقتحام السريع للمبانى، والسيطرة على الأهداف الاستراتيجية، وهى التدريبات التى تُحاكى سيناريوهات قتالية حقيقية، لضمان جاهزية القوات لتنفيذ المهام الأكثر تعقيداً فى الظروف المختلفة.

يتجلى دور قوات المظلات المصرية فى حفظ الأمن القومى، من خلال المشاركة الفعالة فى العمليات الخاصة ومكافحة الإرهاب، والتعامل مع المجموعات المسلحة فى المناطق النائية، وتأمين الحدود، بالإضافة إلى تقديم الدعم اللوجيستى للقوات الميدانية.

إلى جانب المهام العسكرية، تضطلع قوات المظلات بأدوار إنسانية ووطنية، حيث تسهم فى عمليات الإغاثة وقت الأزمات والكوارث الطبيعية، فيتم إسقاط الإمدادات الأساسية مثل الطعام والماء والدواء إلى المناطق المتضررة، مما يعكس الروح الإنسانية والوطنية التى يتحلى بها أفراد هذه القوات.

وتتمتع قوات المظلات المصرية بسمعة طيبة على المستوى الدولى، حيث أثارت كفاءتها إعجاب العديد من الدول، التى أشادت بقدرة القوات على تنفيذ عمليات إسقاط المعدات الثقيلة والمركبات بسرعة ودقة.. هذه الإنجازات تعكس التفوق العسكرى والاحترافية التى يتمتع بها الجيش المصرى بوجه عام، وقوات المظلات بشكل خاص.

ما يميز قوات المظلات ليس فقط تقنياتها المتطورة أو تدريباتها الشاقة، بل الروح الوطنية التى يتمتع بها مقاتلوها. هؤلاء الرجال يقدمون أروع أمثلة التضحية، ويعملون بلا كلل للدفاع عن أرض الوطن؛ فخلف كل عملية ناجحة، هناك قصص بطولية تلهم الأجيال، وتُذكّر الجميع بأن الجيش المصرى هو الحصن المنيع الذى لا ينكسر.

زيارتنا لقيادة قوات المظلات انتهت ونحن يغمرنا شعور بالاطمئنان على حاضر ومستقبل هذا الوطن طالما هناك رجال شرفاء ومخلصون يحمون تراب هذا البلد وشعبه.. جميعنا كان ممتناً لمن فكر فى هذه الزيارة، لأنها جاءت فى وقت مناسب، سواء للكتاب الصحفيين والإعلاميين وحتى طلبة الجامعات الذين حضروا الزيارة، والذين امتلأت عيونهم بالفخر والعزة والحلم بأن يكونوا ضمن رجال المظلات فى يوم من الأيام.. مصر بخير طالما جيشها بخير.. مصر بخير طالما شعبها وجيشها على قلب رجل واحد.. يدركون الخطر ويعرفون جيداً قيمة كل ذرة تراب من هذا البلد العظيم.

حفظ الله مصر.. أرضاً وشعباً وجيشاً.