«تهجير الفلسطينيين» كُتب له الفشل بأيادٍ مصرية

بلال الدوي

بلال الدوي

كاتب صحفي

دعونا نتباهى بالدور المصري القوى المساند للقضية الفلسطينية، تباهٍ عن حق، تباهٍ بنجاح مصر في فرض كلمتها الرافضة لكل أشكال تهجير الأشقاء الفلسطينيين من قطاع غزة وبالتالي تباهٍ برفض تصفية القضية الفلسطينية.

نجحت مصر في التصدي لمخطط إسرائيلي يحاك منذ سنوات وحاولوا تنفيذه الآن، لكن كُتب له الفشل على أيادٍ مصرية أمينة على وطنها وأمينة على قضية فلسطين، وهي التي نعتبرها قضية العرب المركزية الأولى.

تصدي مصر للتجاوزات الإسرائيلية في قطاع غزة في المحافل الدولية -سواء في محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية- هو في الأساس مساندة دبلوماسية للأشقاء الفلسطينيين ولقضيتهم العادلة.. مصر وأقولها وأنا في حالة تباهٍ -ولي الحق في هذا التباهي- بذلت جهودا مشكورة طوال فترة التفاوض، سواء في الهدنة الأولى أو تلك الهدنة التي نحن بصدد الحديث عنها.

مصر قادت المفاوضات، وراعت الحقوق والمصالح الفلسطينية، وكان الهدف هو وقف إطلاق النار ووقف نزيف الدماء.. كانت مصر تفكر في وقف أعداد الشهداء الفلسطينيين الذين كانوا يستشهدون يوميا، كان الهدف هو وقف الهدم والدمار والتشريد لمواطنين يحتاجون لدواء وكساء وعلاج وغذاء وكهرباء ومياه واتصالات ومنازل تؤويهم، كان الهدف هو عدم السماح بتنفيذ مخطط مريب لتهجير الفلسطينيين وتصفية القضية، لكن مصر وقفت بالمرصاد وقفة قوية، وقفة على قلب رجُل واحد، وقالت كلمتها عالية وسمعها العالم، ومنذ تلك اللحظة فشل المخطط وتم إحباطه.

الأمم المتحدة أشادت بالدور المصري في إتمام الهدنة الأولى والهدنة الثانية التي نحن بصدد الحديث عنها، الرئيس الأمريكي جو بايدن أشاد بالدور المصري وتحدث عن جهود مصرية حثيثة في إدخال المساعدات الإنسانية وفي التفاوض لإتمام الهدنة، الفرقاء الفلسطينيون في حركتي فتح وحماس أشادوا بدور مصر وبالقيادة المصرية التي دعمت وما زالت تُدعم القضية الفلسطينية.. الإشادات الدولية بالدور المصري جاءت بعد أن رفضت مصر شرعنة الوجود الإسرائيلي في معبر رفح، ورفضت التعاون مع إسرائيل فى معبر رفح، وطالبت بوجود السلطة الفلسطينية لتحمل المسؤولية وإدارة معبر رفح.

رفضت مصر الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات التي تُقدِم عليها الحكومة الإسرائيلية، أدانت مصر القصف العشوائي على المستشفيات والمدارس، واعتبرت ذلك بمثابة جرائم حرب مكتملة الأركان.

جهود مصر لم تتوقف عند التصدي لإسرائيل، فقد شددت مصر على أن سياسات العقاب الجماعي في قطاع غزة غير مقبولة وعلى المجتمع الدولي أن يقوم بمسؤولياته تجاه حماية الفلسطينيين ورفض الانتهاك الممنهج للقانون الدولي على يد إسرائيل، أقنعت مصر قادة دول العالم والمنظمات الدولية بأنّ الحق الفلسطيني لن يضيع، وأن ما ترتكبه إسرائيل هو بمثابة إبادة جماعية لشعب أعزل، ونجحت مصر في تغيير سياسات ومواقف عدد كبير من الدول تجاه القضية الفلسطينية، وطالبوا بوقف العنف الإسرائيلي، وأدانوا إسرائيل، وأبدوا استعدادهم بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.

بكل إنصاف أقول: لولا مصر لضاعت القضية الفلسطينية وأُغلقت ملفاتها في المنظمات الدولية واختفت قرارات الشرعية الدولية للأبد وانتهت بلا رجعة.

لولا مصر وموقفها القوي لتم التخلُص من الفلسطينيين وتوزيعهم على عدد من الدول وتم الاستيلاء على أراضي قطاع غزة.

لولا مصر وصمودها في وجه إسرائيل وصمودها في وجه من يقف وراء إسرائيل لكان الفلسطينيين الآن يبكون دما على وطنهم وأرضهم وتاريخهم.