كفانا فتاوى

أشرفت قنوات التليفزيون على الانفجار جراء تزاحم الفتاوى التي لا تتوقف دون حسيب أو رقيب.. فما إن تفتح التليفزيون إلا وتنهال عليك فتاوى من كل نوع، دون أن يكون لديك أقل معلومة ممكنة عن الموضوع الذي يتم تفصيله، أو عن العلاج المناسب، وهل تمّت تجربته أم لا؟، والأهم هل المتحدث في أي مجال كان مؤهلا لذلك أم هو مجرد ناقل لأقوال لم تثبت صحتها، وأنه ليس لديه أي مؤهل يمنحه حق الكلام في ما يتناوله من قضايا؟

وقد تعرض بعض من يُصدق ما يسمع أو يشاهد دون التحقّق من صحة ما شهد من «معلومات» لكوارث صحية، خطرة في معظم الأحيان.. وفي سياق الفتاوى أيضا من يتستر باسم الدين وتراه على الشاشات يُقسم بالله العظيم على صحة وتجربة ما يعرضه. ويُشكّك هؤلاء في جدوى الطب البشري، الذي ضرب به أروع الأمثال الطبيب المصري العالمي الدكتور مجدي يعقوب، الذي توصل بعلمه الرفيع إلى تكوين صمامات قلب طبيعية يضعها طبيب القلب مرة واحدة في العمر، بدلا من تلك الصناعية التي كانت تتطلب التغيير أكثر من مرة مع كل ما يعانيه المريض.

من الفتاوى الضارة كذلك تلك «الدينية»، التي لا تراعي أي ضوابط يقتضيها الدين، لا سيما الدين الإسلامي الذي له الأزهر الشريف ودار إفتاء عريقة مشهود لها بالجدارة عبر مئات السنين.

إن فوضى الفتاوى الدينية من غير المتخصّصين تعتبر من أشد الفتاوى خطرا على المشاهد الذي يقدمونها له بدعوى التجديد، وما أبعدها، ليس عن التجديد فقط، بل حتى عن المنطق.

الأكيد أن دور الإعلام في التصدي للأكاذيب والاختلاقات وفق الأهواء والأهداف أحيانا يعتبر على رأس أولويات المجتمع، وعلى رأس الأولويات كلها. والأمل في تطهير العقليات والنفوس.