صناعة الكذب.. الإخوان نموذجا

ماهر فرغلى

ماهر فرغلى

كاتب صحفي

هناك تمرين وتدريب تجريه الجماعة دائما لأفرادها في الأيام الرياضية، أو ما يطلق عليه الروضات، إلا أن له مغزاه وهدفه الذي لا تخطئه عين، وهو التدريب على الصرامة، وعلى نقل المعلومات بحرفية، بسبب تفشي ظاهرة نقل الأخبار المغلوطة، والتعود على المداراة والكذب، وهو أن يقف ما لا يقل عن 15 عضوا في طابور واحد يفصل بين كل فرد منهم مساحة متر، ويبدأ القائد ذكر معلومة للفرد الأول من الصف ويطلب منه نقلها لمن بعده، وهكذا حتى آخر الطابور، لتفاجأ أنّها أصبحت خبرا مغايرا على النقيض تمامًا، وتتحول إلى مسلمة ثابتة.

التمرين السابق، كان يتم تكراره كثيرًا بعد تفشي الكذب تحت حجج واهية، ومنها (التورية)، (المداراة)، (تضليل العدو)، ألخ من هذه التعبيرات الجاهزة والمعلبة لتمرير عمليات التضليل والكذب، التي تتم بشكل يومي.

ما سبق كان مقدمة لا بد منها، ونحن نتحدث عن الإخوان، وهي أكبر جماعة أدمنت صناعة الكذب، بل وأصبحت لها الآت ضخمة لخلقه، وتمريره، وإشاعته في المجتمع.

في غضون هذه الأيام فقط، ذكر المتحدث الرسمي لجماعة الإخوان الوهمي، المفصول، محمد منتصر، بيانًا، زعم فيه أنّ الجماعة نظمت 350 فعالية خلال ذكرى ثورة 25 يناير، كما زعم أنّ قرابة 700 ألف من أعضاء الإخوان شاركوا في فعاليات التنظيم، كما سيشارك التنظيم في مظاهرات ليلية خلال فعاليات ذكرى الثورة!!!.

كما زعم المتحدث الرسمي الجديد، طلعت فهمى، أنّ 380 فعالية خرجت من المساجد وفي الميادين، لتحتفل بذكرى فعاليات يوم 28 يناير!!!.

الكذب لدى جماعة الإخوان حرفة يتقنونها، بحجة أنّها في سبيل الله، والمقصود وفق كتاباتهم، أنّه يجوز فعل ما لا يجوز من أجل تحقيق الغاية والهدف، وبدليل من البخاري ومسلم، وهو حديث (إذا ذهبت إلى الساحر فقل حبسني أهلي، وإذا ذهبت لأهلك فقل حبسني الساحر).

لذا فليس لدى أي عضو إخوانى غضاضة فى أن يكذب، أو يختلق، أو يدعي، طالما أنّ ذلك في مصلحة الجماعة، (الجماعة في مفهوم الإخواني هي الدين)، التي هي وفق المستشار الإخواني الراحل، علي جريشة، جماعة المسلمين.

ويتوسع مفهوم مصلحة الجماعة، ليشمل وجوب الكذب على الحكومة، والمجتمع، والأسرة، وعلى عضو التنظيم ذاته، فترى أن التنظيم ذاته يكذب على العناصر المنضمة له، وبعد فترات طويلة من الزمن، يكتشف العضو أنه غير منظم، وأن الجماعة تضعه في محرقة فقط لإشغال الدولة، عن القيادات الحقيقية.

ويخفي القيادي الإخواني عن زوجته وأبنائه ما يجري في الجماعة، بل وفي أحيان كثيرة، حينما يتوفى يجد الورثة والأبناء من يطرق بابهم من قيادات التنظيم ويطالبهم بما آل إليهم من ميراث بدعوى أن استثمارات والدهم لم تكن مملوكة له، وأن المال مال الجماعة، ولا حق لأبيهم فيه سوى نصيب من شراكة مقابل إدارته لهذه الأموال.

عقب 25 يناير، كان الكذب الإخواني، على أشده، ولن نضرب مثلا بإعلان الجماعة عدم ترشحها للرئاسة، أو كيف كان أعضاؤها يصورون أنفسهم داخل أكفان ملفوفة، ليروجونها إعلاميا على أنها لقتلى رابعة، فكل هذه الأمور معروفة، لكن المثل الواضح، هو كيف كذبوا على أعضائهم، الذين اكتشفوا فيما بعد أن الجماعة دفعت بهم لخوض المعركة في المقاعد الفردية، لكنها كانت قد قررت وبشكل سري التنسيق مع عناصر من الجماعة الإسلامية والسلفيين للفوز بهذه المقاعد!!

«الإخوان» يتعاملون هكذا، فالأعلى في التنظيم يخدع الإخواني الأدنى منه في درجات العضوية، وأباح الإخواني لنفسه أن يكذب على أمه وأبيه، وزوجته، بحجة الحفاظ على مصالح الجماعة.

الإخواني إذن أمام العضو الأدنى منه كاذب، وأمام تحقيقات النيابة كاذب، وأمام المجتمع كله كاذب، بحجة الانفصال شعوريًا عن المجتمع حتى يكتمل نضجهم وتتم تربيتهم وتتم توسعة رقعتهم وزيادة أعدادهم على قدر الإمكان.

الخلاصة، أنّ الجماعة الوحيدة التي لا تتأكد من صدقية بياناتها، إلا بعد التبين، هي جماعة الإخوان، لأن الأصل في بياناتها الكذب، حتى يظهر عكس ذلك، حتى لو تم إقالة محمد منتصر، وتولى مكانه طلعت فهمي، لأنهم كلهم كاذبون.