كيف انتصر "الملا عمر" في الحرب الأهلية الأفغانية؟

كتب: ميسر ياسين

كيف انتصر "الملا عمر" في الحرب الأهلية الأفغانية؟

كيف انتصر "الملا عمر" في الحرب الأهلية الأفغانية؟

بدأت الدبابات السوفيتية في الانسحاب مع الساعات الأولى من فبراير عام 1989، تاركة ورائها منازل مهدمة ورائحة دماء تملأ الأجواء، ونظرات الانتصار في أعين المقاومة التي تلقت الدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، وقاتلت القوات السوفيتية بسلاحها. كان الملا عمر وقتها شابًا تجاوز عقده الثاني بسنوات قليلة، لم تنهكه المعارك الضارية التي فقد فيها إحدى عينيه مع السوفيت، بقدر ما ألهمته وجعلته يرى من الضروري لم شمل "المجاهدين" تحت عباءة تنظيم واحد، فظل يقاتل لفترة طويلة كقائد لمجموعة صغيرة من جبهة القائد ملا محمد التابعة للحزب الإسلامي، ثم انتقل إلى حزب "حركة الانقلاب الإسلامي". اشتعلت الحرب الأهلية فور خروج القوات السوفيتية من أفغانستان، ليظهر في يوليو عام 1994 الخلية الأولى لحركة طالبان بعد أن اجتمع 53 طالبًا من طلاب المدارس الدينية في منطقة "سنج سار" بقندهار ثم انتقلوا إلى منطقة "كشك نخود"، ليبايع بعدها عدد من طلاب المدارس الدينية الملا محمد عمر أميرًا لهم وتعاهدوا على جمع السلاح واستعادة الأمن والاستقرار وإزالة نقاط التفتيش وجمع الإتاوات. في نفس العام من تشكيل الخلية الأولى لـ"طالبان"، وسّعت الحركة من نشاطاتها فاستولت على مديرية "سبين بولدك" الحدودية كما استولت على مخازن الأسلحة والذخيرة المركزية للولايات الجنوبية الغربية التابعة للحزب الإسلامي بزعامة حكمتيار التي تعتبر من أكبر مخازن السلاح في أفغانستان، ليبرز بعدها اسم طالبان في الإعلام الدولي لأول مرة بعد نجاحهم في إنقاذ قافلة الإغاثة التي أرسلتها الحكومة الباكستانية إلى أفغانستان واعترضتها مجموعة جيلاني بقيادة منصور آغا واستطاعت طالبان إنقاذ القافلة وإعدام قائد جماعة جيلاني مع بعض رفاقه. سقطت مدينة قندهار في يد الحركة بعد معارك مع فصائل أفغانية في الحرب الأهلية نوفمبر عام 1994، ثم استولت على الولايات المجاورة بسهولة ودون مقاومة، ثم بدأت حصارًا على مدينة كابول في أكتوبر عام 1995، ليبايع العديد من المتطرفين الملا عمر، لتسقط العاصمة في يد التنظيم المتطرف في سبتمبر عام 1996. بعد إحكام حركة طالبان السيطرة على الولايات في أفغانستان، أصبح الملا محمد عمر يتمتع بصلاحيات واسعة، كأمير للمؤمنين، فلا يجوز مخالفة أمره ولا يجوز عزله إلا إذا خالف التعليمات الدينية، وليوطد حكمه الذي انتهى بعد الغزو الأمريكي على أفغانستان، عيّن الملا عمر مجلسًا لإدارة الأمور في كابول لفترة مؤقتة بعد سقوطها بيد طالبان، ويعمل هذا المجلس تحت إشرافه مباشرة، ويتكون من ستة أشخاص كان يرأسهم الملا محمد رباني قبل وفاته، ثم خلفه الملا محمد حسن.