سامح فايز يكتب: «بضع ساعات في يوم ما»

سامح فايز يكتب: «بضع ساعات في يوم ما»
مجموعة من الأصدقاء تجمعهم سهرة ليلة عيد ميلاد صديقتهم المقربة فيقررون ممارسة لعبة، مجرد لعبة، لكنها تكشف حقيقة العالم المزيف الذي يعيشونه جميعهم، وكل ذلك في فيلم «بضع ساعات في يوم ما»، للسيناريست الموهوب محمد صادق، ومن إخراج عثمان أبولبن.
ثيمة اليوم الواحد في السينما قُدمت كثيرا منذ الستينيات مع فيلم «بين السما والأرض» للمخرج صلاح أبوسيف، وسيناريو نجيب محفوظ، وعرفناها لاحقا في أفلام عديدة أغلبها شديدة التميز.
وإلى جوار تلك الأعمال المتميزة يحجز فيلم «بضع ساعات في يوم ما» موقعه بجدارة، من خلال شخصيات تحاول جاهدة التخلص من زيف واقعها والخروج إلى رحابة العالم الواسع؛ فالحب ربما يكون بين أيدينا ولا نراه، والسعادة أيضا كانت أمامنا واضحة وتركناها دون أن نشعر، وأنّ التحرر من سلطة المظاهر الدينية الكاذبة يجب أن يصبح غاية.
والبحث عن السعادة والنجاح في الواقع الافتراضي مع كل ذلك الزيف المنتشر فيه عبودية تلقي بصاحبها في سجن لا هروب منه!
الفيلم مأخوذ عن رواية بنفس الاسم للسيناريست محمد صادق، صدرت يناير 2012. وهي الرواية الثانية للمؤلف التي تقدم للسينما، لكنه الفيلم الأول الذي يكتبه صادق بنفسه، بعد فيلم «هيبتا» الذي كتبه للسينما السيناريست وائل حمدي، ومن إخراج هادي الباجوري.
تنشغل أعمال صادق بتفكيك النفس الإنسانية ومعالجة ثيمة الحب بأشكال مختلفة وقاسية في بعض الأحيان، بل وفي كل الأحيان.
تلك القسوة التي تنتقل بمن تقع عليه من حال إلى حال، من ثم يعيد اكتشاف حقيقة مشاعره التي نسيها أو كاد.
ثيمة ظهرت في فيلم هيبتا وحققت نجاحا ملحوظا، لكنها بمثابة الانفجار في فيلم «بضع ساعات»؛ ربما لأن كاتب السيناريو هو ذاته المؤلف.
المسألة التي تعيد للسينما الروائية رونقها من جديد، إلى جوار أعمال روائية سابقة قُدمت للسينما خلال السنوات العشر الأخيرة، لكنها أعمال قُدمت في سياق أدب الجريمة والرعب، وهي ثيمة مضمونة النجاح ويفضلها شباك التذاكر، أما أن تغامر مع فيلم قائم على ثيمة الحب فهي مخاطرة تُحسب للمنتج الكبير أحمد السبكي.
تميز السيناريو أيضا بمجموعة من التفاصيل اللافتة التي تكشف عن سيناريست بدأ كبيرا، دون الانتباه إلى مسألة أنّه العمل السينمائي الأول؛ ربما لأن أعماله الروائية تميزت بالطابع السينمائي المعتمد على التشويق والقطع السينمائي وإعطاء الأفضلية للحوار بين الشخصيات.
المسألة التي اعترض عليها نقاد الأدب منذ دخول محمد صادق إلى عالم الرواية وتسببت في حصر كتاباته فى مجرد أنها الأعمال الأكثر مبيعا التي يهواها الجيل Z، دون الانتباه إلى أن أعمال محمد صادق خرجت من رحم معاناة ذلك الجيل بالأساس؛ الجيل الذي نشأ من رحم عالم تكنولوجيا المعلومات وسيطرة الواقع الافتراضي، والمصنف بالجيل الذي يلي جيل الألفية ويسبق جيل ألفا.
فالثيمة الأساسية التي يقوم عليها العمل هي إدمان زيف الواقع الافتراضي، والعمل على تقديم واقع مزيف لجمهور المتابعين على منصة تيك توك من خلال قصة حب طارق (أحمد السعدني) وأمنية (مي عمر)، أو البطولة المزيفة التي سيقدمها شادي (محمد سلام).
وفي مقابل ذلك يلتقي ياسين (هشام ماجد) وسارة (هنا الزاهد) مصادفة منطلقين في رحلة على الطريق أسهمت في إدراك حقيقة مشاعرهم دون السقوط في فخ الواقع الافتراضي!
أعد الفيلم نقطة تحول مهمة في مسيرة محمد صادق المهنية ككاتب بعد ما عرفه القارئ روائيا هو الأكثر مبيعا تسيطر مؤلفاته على رفوف المكتبات على مدار السنوات العشر الأخيرة، ثم منتقلا بنفس القوة تقريبا إلى عالم السينما مقدما فيلمه الأول إلى جوار تجهيزات أخرى للجزء الثاني من فيلم «هيبتا» والمنتظر عرضه قريبا.