د. أحمد عمر هاشم يكتب: سلام الله على سيدنا عيسى في يوم مولده

د. أحمد عمر هاشم يكتب: سلام الله على سيدنا عيسى في يوم مولده
بقلبي عاطفة للسيد المسيح عيسى ابن مريم، كإنسان وشخص أجد في قلبي تلك العاطفة تجاه رسول السلام والمحبة الذي كلما مرت سيرته وجدت عاطفة جياشة تجاهه، فسيدنا عيسى عليه السلام أحد منابر الكمال في تاريخ البشرية، وأحد وجوه الخطاب الإلهي وأحد مفاتيح السماء التي فتحها الله تعالى للبشر، والله أنطق سيدنا عيسى في المهد صبياً فقال: «إني عبد الله» وهي القضية الأولى الممهدة لكل ما بعدها.
وُلد نبي الله الكريم سيدنا عيسى عليه السلام، فوُلدت معه قيم وأنوار وأخلاق وآداب، واقترن كل مفصل من مفاصل حياته وعمره الكريم بكلمة السلام، حيث سجل لنا القرآن الكريم من كلامه عليه السلام قوله: «قَالَ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ آتَانِىَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِيّاً * وَجَعَلَنِى مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِى بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً * وَبَرّاً بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّاراً شَقِيّاً * وَالسَّلامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً».
إن الله تعالى أورث سيدنا عيسى العلوم والمعارف وشرح صدره للعلم الإلهي وأفاض عليه من أنباء السماء والأرض، فسيدنا عيسى عبد مقرب محبب عند الله، ومن الخصائص التي أفاضها الله على سيدنا عيسى أن البركة تصحبه أينما ذهب، فكل كلمة تفوه بها سيدنا عيسى عليه السلام رسالة لمجتمع اليوم، لذلك أدعو العالم كله إلى أن يتعلموا رسائل السيد المسيح وأن يملأوا قلوبهم بمعنى الرحمة والحنان واللطف، فقال الله تعالى على لسان سيدنا عيسى: «وَالسَّلَامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا»، فالله تعالى جمله بالسلام.
اقترنت عند السيد المسيح النبوة بإيتاء الكتاب، أي العلم والمعرفة بالله وبكل علم نافع منير، يملأ به قلوب أمته والناس جميعاً من بعده بالإيمان والعمران ونفع الناس.
واقترنت عنده النبوة بأن جعله الله مباركاً في كل مكان ينزله، فيسير الخير في ركابه ورحابه حيث سار، ويفيض بالجود على كل موضع يذهب إليه. واقترنت النبوة عنده بأن يقيم الصلاة ويؤتى الزكاة، فيتعبد إلى الله قياماً بواجب العبودية المحضة، ويخرج زكاة ماله فيتعهد بها الفقير والمسكين.
واقترنت النبوة عنده بالرفق واللين والهدى والرحمة، فلم يكن جباراً ولا ظلوماً ولا متسلطاً ولا متكبراً، بل ملأ قلوب الناس حناناً ومرحمة، وسكينة وحكمة. وهكذا استفاضت الأنوار والمكارم على يد سيدنا عيسى، عليه السلام، معرفة بالله، وإحساناً إلى الخلق، واستفاضة للبركة، وانتشاراً للهداية، وصلة للأرحام، وأماناً يحل على الخلق، ومسرة تشيع بينهم.
أدعو البشرية إلى أن تتخلق بمكارم أنبياء الله والاقتداء بهم، تأدباً بأخلاقهم الطاهرة، ليعم السلام والرحمة والبر، ونشراً للعمران، وطهراً للسان من كل حقد، وأرجو في بداية عام جديد أن أملأ زماني وعمري نوراً وتنويراً، وحياة وإحياءً، وكرماً وإكراماً.
سلام الله على سيدنا عيسى في يوم مولده العظيم، وأتقدم بأسمى آيات التهاني لقداسة البابا تواضروس الثاني ولكل الأشقاء المسيحيين على أرض مصر وفي العالم أجمع، ولكل إنسان على وجه الأرض، بمناسبة ميلاد سيدنا المسيح عيسى ابن مريم - عليه السلام- الذي جعله الله تعالى باب بر ووفاء وحنان ورحمة وعلم، وجعله الله تعالى آية في العطاء والتسامح والسلام، فعلى سيدنا عيسى وعلى سيدنا محمد وعلى سيدنا موسى وعلى أنبياء الله جميعاً صلوات الله تعالى وتسليماته. فتهنئة شركاء الوطن بأعيادهم جزء أساسي ومبدأ ديني وإنساني منصوص عليه في الشريعة الإسلامية، ويتوجب علينا كمصريين ومسلمين أن نتقدم بالتهاني والتبريكات لإخوتنا الأقباط في أعيادهم مثلما يفعلون هم معنا فى أعيادنا الإسلامية.
سعادتي وسعادة المصريين جميعاً بعيد الميلاد المجيد، وأدعو المولى -جل جلاله- أن يجعل العام الجديد على مصر وأبنائها وعلى شعوب العالم أجمع عام أمن ورخاء وحفظ وأمان واستقرار ونور وحكمة وبصيرة، وأن يحفظ مصر وكل أبنائها الكرام إلى يوم القيامة كراماً أعزة متعاونين ومتآلفين، وأن يعم السلام برسالة «المسيح» المجتمع والحياة والإنسانية.
وأتقدم بأسمى آيات التهاني والدعوات لفخامة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية - يحفظه الله- وأن يؤيد الله تعالى مسعاه وأن يسدد الله تعالى رميه، وأن يحفظ الله تعالى جيش مصر العظيم وجنوده البواسل بحفظه الجميل، وأن يثبت الله تعالى الأرض من تحت أقدامهم، وأن يلقي الرعب في قلوب أعدائهم، وأن يحفظ مصر بهم، داعياً الله سبحانه أن يوفقنا جميعاً إلى أن نقدم لمصر وللإنسانية جميعاً كل البر والخير والرخاء.
*عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف