«السلام» صناعة صعبة

بلال الدوي

بلال الدوي

كاتب صحفي

تابعت بمزيد من الاهتمام الزيارة الهامة التي قام بها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ومعه وفد رفيع المستوى -ضم الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف والدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية والدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف والدكتور سلامة داود رئيس جامعة الأزهر وعددا من الشخصيات البارزة- لقداسة البابا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية للتهنئة بأعياد الميلاد، داعيا المولى -عز وجل- أن يُعيد المناسبات السعيدة على مصر -مُسلميها ومسيحييها- وأن يرزقها الأمن والأمان وأن يوفر لها كل سُبُل التقدم والرخاء.

كلمات شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب تحمل في طياتها ترحيبا واحتفاء بهذه التهنئة ونالت إعجاب واستحسان الجميع، فهو الرجل الوسطي صاحب المواقف المشرفة، فقد قال كلمات دخلت قلوبنا، وخاصة حينما قال: جئنا هنا لنجدد حبل المودة والصداقة والتآلف والتعارُف ولنُعبر عما في قلوبنا من مودة وأخوة ومدفوعين بما تعلمناه في القرآن الكريم ومن سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وما تربينا عليه في الأزهر وتأسس في وجداننا من ثناء القرآن الكريم ورسول الإنسانية والسلام على إخواننا المسيحيين.

الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب ركز على ضرورة تسخير هذه المناسبات للمطالبة بوقف المأساة والعدوان على أشقائنا في قطاع غزة منذ أكثر من 15 شهرا، وقال: لا يمكن أن نفرح وأشقاؤنا لا يطعمون الطعام والشراب بل يطعمون الموت ويتذوقون مرارة الفقد ويُعانون من إبادة جماعية وتطهير عرقي، لماذا كل هذه القسوة المدعومة هيئات عالمية صورت نفسها بأنها وُجدت لحفظ السلام وحقن دماء الأبرياء ولكن الواقع كشف عن ضعف هذه الهيئات وعدم قدرتها على اتخاذ موقف جاد لوقف شلالات دماء الأبرياء من الأطفال والسيدات الذين لم يقترفوا ذنبا إلا التشبُث بأرضهم والبقاء فيها.

قداسة البابا تواضروس ركز في كلمته على أنه تربطه محبة ومشاعر طيبة مع شيخ الأزهر ويتبادل الحديث والنقاشات معه حول مختلف القضايا، وقال نصا: هذا يكشف قدر الوحدة والأخوة الموجودة على أرض مصر ودعواتنا دائمة باستمرار هذه اللُحمة الوطنية القوية.. من أهم كلمات قداسة البابا تواضروس جُملة أعتبرها حديث الساعة الآن، فقد قال نصا: عملية السلام صناعة صعبة مثل الصناعات الثقيلة ونحن مأمورون بها من قِبل التعاليم الدينية.

بالفعل السلام صناعة صعبة في يومنا هذا، هناك من يمد يده للسلام، مؤمنا به، مُتمسكا به، حتى تعيش الشعوب في هدوء وسكينة حياة بلا عنف أو صراعات أو حروب، لذلك فإنّ السلام ليس شعارا فقط بل رؤية وعقيدة وفعل وممارسة، وفي نفس الوقت هناك من يضربون بالسلام عرض الحائط ويختلقون الصراعات والاختلافات والمواجهات.. مصر من النموذج الأول، لديها رؤية للسلام وعقيدتها دائما السلام ومدت يدها للسلام وصنعته، بل هي أول من صنعته ومارسته وحافظت عليه.. السلام صعب الآن بسبب المخططات التي يتم تنفيذها على أرض الواقع، السلام صعب الآن بسبب اللعب الذي أصبح على المكشوف في الشرق الأوسط وتمادي القوى الغاصبة المحتلة في انتهاك القانون الدولي.. لكن لدينا ثقة أن السلام سيعُم وسينتشر في أرجاء المعمورة.