ارتفاع ضحايا "المحلول الفاسد" ببنى سويف إلى 4 أطفال

كتب: عمرو رجب

ارتفاع ضحايا "المحلول الفاسد" ببنى سويف إلى 4 أطفال

ارتفاع ضحايا "المحلول الفاسد" ببنى سويف إلى 4 أطفال

ارتفعت حالات الوفاة بين الأطفال المصابين بنزلات معوية حادة، وعددهم 32 طفلاً فى بنى سويف، ووصلت صباح أمس إلى 4 حالات، توفوا متأثرين بهبوط حاد فى الدورة الدموية. وبحسب الأهالى، فإن حالة الأطفال ساءت بعد تناولهم محلول جفاف لمعالجتهم من النزلات المعوية، التى أصابتهم بسبب ارتفاع حرارة الجو، وأصيبوا بقىء وإسهال مستمرين وفقدان مؤقت للوعى وارتفاع لدرجة الحرارة بشكل كبير، ما أدى إلى وفاة الأربعة. وفى الوقت الذى ترفض فيه قيادات «الصحة» بالمحافظة الإدلاء بأى تصريحات حول الواقعة، كشف مصدر طبى عن أن المتوفين هم: رحمة على أحمد، 11 شهراً، محولة من مستشفى بنى سويف العام إلى المستشفى الجامعى، ومروة أحمد جمعة، 8 شهور، ومحمد محمود سيد، 12 شهراً، من عزبة المغربى بقرية شاويش، ومالك عبدالعزيز محمد، 12 شهراً، محول من مستشفى إهناسيا المركزى إلى بنى سويف العام. وقال الدكتور محمد معبد، رئيس قسم الأطفال بالمستشفى الجامعى ببنى سويف، إن أجسام الأطفال لم تتقبل محلول الجفاف، وتفاعلت معه كيميائياً وفقاً لنتائج تحاليل العينات، التى تم سحبها من الحالات المصابة. وقال أحمد جمعة، «نجار» من عزبة ملوكة، الواقعة جنوب مركز ببا، والد الطفلة المتوفاة مروة: «تزوجت وأنجبت مروة بعد معاناة فى السفر والعمل والمرمطة، لتوفير تكاليف الزواج». وأضاف «أنا راضى بقضاء ربنا وقدره، بس حق بنتى عند وزير الصحة ووكيل الوزارة، بنتى خُطفت فى لحظات أمام عينى، وقالوا لنا إن سبب وفاتها فيروس فى المخ، لكن أنا قلت لهم بنتى ما عندهاش ورم فى مخها، حرام عليكم بنتى سليمة، أنا كنت عامل لها تحاليل فى مستشفى الجامعة، وأثبتت أن مروة كان عندها أنيميا فقط مثل كل الأطفال». وأكد والد الطفلة «مروة» أنها ضمن الحالات التى تم تحويلها إلى مستشفى بنى سويف العام، من مستشفى ببا المركزى جنوب المحافظة، مساء السبت، مضيفاً: «مروة بنتى تعبت ورحت بيها على مستشفى ببا بعد ارتفاع درجة حرارتها، وإصابتها بقىء وإسهال وفقدان للوعى فى المستشفى، وعلقوا لها محلول جاف، بعدها تعبت وجالها تشنجات وفقدان للوعى، وأكيد المحلول فاسد». وقال: «فوجئت بها تلفظ أنفاسها الأخيرة داخل مستشفى بنى سويف العام، وتم وضعها فى مشرحة المستشفى لحين وصول مفتش الصحة لكتابة التقرير النهائى لسبب الوفاة.. حسبى الله ونعم الوكيل، إهمال المستشفى وراء موتها، وأنا عايز حق بنتى، وإجراءات الدفن تنتهى». وتقول والدة الطفل محمد محمود: «نحن مرينا بذات المعاناة، ابنى أصيب بإسهال فظيع، ذهبنا به إلى المستشفى المركزى، وحدثت له تشنجات، وارتفعت حرارته، ونقلونا إلى مستشفى الحميات، وهناك تدهورت حالته أكثر ومات». وتضيف: «حسبى الله ونعم الوكيل، يعنى لو كان ابن واحد كبير كانوا تركوه يموت، إحنا عشان غلابة يتركونا نموت، مين يجيب حق ابنى ولّا حقه يضيع زى حقوق ناس كتير؟». وبذات النبرة الحزينة، قال سيد وزير، سائق من مدينة ببا: «ابنى وبنت أخى تعرضا للإصابة بالنزلة المعوية، وذهبنا بهما إلى المستشفى فى ببا، وهناك تعرضا لتشنجات، والأمن قفل المستشفى، وطلعونا برَّة، والناس فضلت تحاول لحد لما دخلنا تانى، وأخذنا الطفلين وذهبنا بهما إلى مستشفى بنى سويف العام». وأضاف أن المعاملة فى المستشفى العام سيئة جداً، فالعلاج نشتريه من الخارج، والأطباء يقولون لنا «نعمل لكم إيه مفيش علاج؟». وأكد: «أنا مؤمن بأمر الله، ونحن ناس نعرف ربنا كويس، لكن كل شىء له سبب، ولازم المخطئ يتحاسب، لأننا لو تركنا الموضوع يعدى كده، يبقى اللى حصل هيتكرر تانى وتالت». وكشف محمد أحمد، والد أحد الأطفال المصابين، أنه توجه بابنه إلى مستشفى ببا المركزى، بعد إصابته بنزلة معوية حادة، وفقاً لتشخيص الأطباء، وأعطاه الطبيب محلول «ريهيدران»، لتعويض السوائل التى فقدها جسمه بسبب القىء والإسهال، مؤكداً: «عقب توجهنا إلى المنزل فوجئنا بارتفاع درجة حرارته وغيابه عن الوعى بصفة مؤقتة، لكن صحته تحسنت». وقال رجب عوض الله عبدالجيد، 26 عاماً، مقيم فى قرية «البرانقة»، بمركز ببا، وهو عم الطفل مروان فتحى، إن ابن أخيه أصيب بحالة من فقدان الوعى المؤقت، وارتفاع فى درجة الحرارة، عقب تناوله محلول الجفاف بمستشفى ببا المركزى صباح السبت، وعالجه الأطباء بمحلول جفاف، لكن عندما رجعنا إلى المنزل فوجئنا بارتفاع درجة حرارة الطفل وغيابه عن الوعى بصفة مؤقتة ومتكررة. وأضاف: توجهت به إلى مستشفى ببا المركزى مرة أخرى، ووجدت عدداً من الأطفال مصابين بذات الحال، وتم تحويلنا إلى مستشفى بنى سويف العام، لكن الحمد لله حالته تحسنت كثيراً عن الأول وعدنا به إلى المنزل. من جهته، أمر المستشار محمد سليم، محافظ بنى سويف، بفتح تحقيقات عاجلة فى الواقعة، لتحديد أسباب الوفاة، مشدداً على ضرورة محاسبة المقصرين، وفقاً لما تستسفر عنه نتائج التحقيقات، ومؤكداً أنه لا تهاون مع أى مقصر، يتسبب إهماله فى الإضرار بصحة المواطنين. وقرر المحافظ صرف مساعدات مالية عاجلة لأسر الأطفال، بواقع 20 ألف جنيه لأسرة الطفل المتوفى، وألف جنيه لأسرة الطفل المصاب، وذلك أثناء تفقده الحالات المصابة داخل مستشفيَى بنى سويف العام والجامعى، للاطمئنان على صحة الأطفال ومتابعة مدى تلقيهم للعلاج، والتأكد من استقرار حالتهم الصحية، مشدداً على توفير كل أوجه الرعاية الطبية والصحية لهم. وفى سياق آخر، رفضت قيادات مديرية الصحة ببنى سويف إصدار أى بيانات، أو الإدلاء بتصريحات عن أعداد المتوفين والإصابات، وأسباب الوفاة والإصابة، واكتفت المديرية ببيان مقتضب، أكدت فيه أن سبب الإصابة «النزلات الشعبية الحادة». وكشف مصدر طبى داخل مديرية الصحة بالمحافظة عن أن الإصابة بدأت داخل مستشفى الواسطى المركزى، منذ أسبوع، حيث تردد عشرات الأطفال على المستشفى مصابين بأعراض نزلات معوية حادة نتيجة لارتفاع درجة حرارة الجو، وقدم أطباء المستشفى العلاج اللازم لهم، ومحلول الجفاف الذى يستخدم فى تعويض الجسم عما يفقده الطفل من سوائل، بسبب القىء والإسهال. وأضاف أنهم فوجئوا بعودة الأطفال مرة أخرى إلى المستشفى فى اليوم نفسه مصابين بتشنجات وارتفاع فى درجات الحرارة وفقدان للوعى المؤقت وحالة من الدوخة وزرقان أسفل العينين، وتم وضعهم على أجهزة التنفس الصناعى، وتلقوا العلاج اللازم وتماثلوا للشفاء، مؤكداً «أخطرنا مديرية الصحة بما حدث لكنها لم تنتبه للأمر، واستكمل الأطباء إعطاء الأطفال المحلول رغم شكوكنا حوله». وأشار المصدر إلى أنه منذ يومين ظهرت المشكلة بوضوح فى مركز ببا جنوب المحافظة، حيث استقبل المستشفى أكثر من 30 طفلاً مصاباً بأعراض النزلات المعوية الحادة، وتم تقديم الخدمة الطبية لهم وإعطاؤهم محلول تعويض السوائل بالجسم وهو «ريهيدران»، وبعد ساعتين ساءت حالة الأطفال، حيث ظهرت عليهم أعراض التشنجات والارتفاع الشديد فى درجة الحرارة وزرقان حول العينين وغياب عن الوعى بشكل مؤقت. وأوضح أن الأمر تكرر فى مستشفى إهناسيا، الذى عانى الأمر نفسه، حيث استقبل عدداً من الأطفال مصابين بنفس الأعراض وتناولوا نفس المحلول، وتدهورت حالة الأطفال، وتمت إحالة 11 طفلاً منهم إلى مستشفى بنى سويف العام، الذى أحال 3 من بينهم إلى مستشفى الجامعة. وأشار المصدر إلى أن رقم تشغيلة المحلول، الذى تناوله الأطفال، موحدة بـ«كود نمبر» واحد، ما يعنى أن الطلبية التى تلقتها المستشفيات واحدة، وهى الرابط فى تدهور حالة الأطفال. من جانبه، وافق الدكتور عادل عدوى، وزير الصحة، على تحويل القضية بجميع وقائعها إلى النائب العام، وقرر إعلان جميع نتائج التحاليل والتحقيقات فور الانتهاء منها. وقالت وزارة الصحة فى بيان لها: «حضر إلى مستشفيات الواسطى المركزى وببا المركزى وإهناسيا المركزى 27 حالة لأطفال يعانون من أعراض نزلة معوية، وأثناء تلقيهم العلاج بمحلول معالجة الجفاف، أصيب الأطفال بتفاعلات تشنجية بعد استهلاك نحو 50 «سم3» من المحلول، مما استدعى وقف العلاج على الفور والتدخل الطبى السريع للتعامل مع الأعراض التشنجية». من جانبها، قررت مديرية الصحة ببنى سويف بإشراف الدكتور علاء عزت، وكيل الوزارة، وقف التعامل بالمحلول بشكل مؤقت، وتحريز كميات المحلول الموجودة بالمستشفيات لتحليلها، بالإضافة إلى سحب أجهزة الأكسجين من المستشفيات المركزية، ونقلها إلى مستشفى بنى سويف العام لمواجهة تزايد أعداد الأطفال المصابين.