أيمن نصري يكتب: هل تحقق الهدف من آلية الاستعراض الدوري الشامل؟

أيمن نصري يكتب: هل تحقق الهدف من آلية الاستعراض الدوري الشامل؟
الاستعراض الدوري الشامل Universal Periodic review أحد أهم آليات المجلس الدولي لحقوق الإنسان التي تمت الموافقة عليها في 15 مارس 2006 بموجب القرار 251/ 60 بقرار من الجمعية العامة.
والهدف من الآلية هو متابعة أوضاع حقوق الإنسان وحث الدول على تعزيز وحماية حقوق الإنسان ودعمها، ونشر هذه الثقافة، وأيضا تقييم مدى وفاء الدول الأعضاء بتنفيذ التزاماتها من خلال تنفيذ التوصيات المقدمة لها على نطاق واسع في الدول الأعضاء 193 دولة.
وتتم مرة كل أربع إلى خمس سنوات، وتتم المراجعة من خلال مراجعة الدول بعضها لبعض، ويتم ذلك تحت إشراف الفريق العامل المعني بالاستعراض الدوري الشامل التابع للمجلس الدولي لحقوق الإنسان، من خلال جدول زمني يسمح فيها الدول وأصحاب المصلحة الآخرين Stakeholders بتبادل المعلومات لتحسين حالة حقوق الإنسان على الصعيد الوطني وعلى المدى الطويل.
حتى الآن، لم تفشل أي دولة في المشاركة في الاستعراض الدوري الشامل، مما يجعله الآلية الوحيدة على المستوى الحقوقي الدولي التي تحظى بمشاركة كاملة بنسبة 100%. ورغم هذه الأهمية، فإنّ عملية الاستعراض تُعد تعاونية بحتة، حيث لا تكون توصياتها ملزمة للدولة قيد الاستعراض، ولا توجد عواقب قانونية ملزمة لعدم تنفيذها.
هذا الأمر يجعل الآلية بلا أنياب، غير قادرة على محاسبة الدول التي ترتكب انتهاكات جسيمة في مجال حقوق الإنسان. بل إن الآلية تخطت هذا الحد لتصبح أداة ضغط سياسي تستخدمها الدول الأعضاء ضد بعضها البعض لحماية مصالحها أو تصفية حسابات سياسية.
وقد أدى ذلك إلى تسييس ملف حقوق الإنسان بشكل عام، وآلية الاستعراض الدوري الشامل بشكل خاص، ما أضعف قيمة المجلس الدولي لحقوق الإنسان وجعله عاجزًا عن تحقيق التغيير الحقوقي المطلوب.
النتائج التي تخرج من هذه الآلية، والتي تكون في صورة توصيات، تأخذها بعض الدول بمحمل الجد وتسعى بجدية لتنفيذها لتحسين حالة حقوق الإنسان.
ومن بين هذه الدول، مصر، التي أبدت طواعية التزامها بتحسين المناخ الحقوقي من خلال تفعيل الحقوق السياسية، والمدنية، والاجتماعية.
ومع ذلك، تواجه الدولة المصرية هجومًا مستمرًا من بعض الدول والمنظمات الدولية ذات الأجندات السياسية، التي تركز فقط على السلبيات.
على الجانب الآخر، نجد إسرائيل التي تتجاهل تنفيذ الكم الهائل من التوصيات المقدمة لها خلال خضوعها للاستعراض الدولي الشامل، وترفضها بشكل كامل.
وقد أدى ذلك إلى تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان بشكل غير مسبوق، مع حصولها على دعم غربي مستمر، خصوصًا من الولايات المتحدة، التي استخدمت حق النقض (الفيتو) 47 مرة منذ إنشاء مجلس الأمن عام 1945 لحماية إسرائيل.
هذا الدعم الدولي جعل أي إدانة حقوقية، سواء من خلال الاستعراض الدوري الشامل أو غيره من الآليات، إدانة شكلية دون أي أثر عملي.
يحتاج المجتمع الدولي إلى إعادة النظر في هيكلة البرامج والهيئات التابعة للأمم المتحدة، وعلى رأسها مجلس الأمن والمجلس الدولي لحقوق الإنسان، لضمان أن تكون هذه الآليات فاعلة ومؤثرة في صنع القرار السياسي والحقوقي.
ضعف هذه المنظومة، وعدم قدرتها على حماية الدول الضعيفة التي تعاني من الظلم وانتهاك حقوق شعوبها، أدى إلى حالة غضب شعبي عالمي.
حتى المواطن البسيط بات يوجه انتقادات للمنظومة الأممية، خصوصًا مع استمرار الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في غزة، وأصبحت المقولة الشائعة: «أين حقوق الإنسان؟»
يبقى دور المنظمات الحقوقية محصورًا في متابعة الأوضاع الحقوقية عبر الرصد والتوثيق باستخدام الآليات الدولية المتعارف عليها، لضمان حيادها.
ورغم أنّ هذا الدور رقابي ومحدود، إلا أنّ هناك غضبًا عامًا داخل الأوساط الحقوقية بسبب تجاهل التقارير التي تصدرها هذه المنظمات، مما ينتهي بها غالبًا في الأدراج دون أثر يُذكر.
هذا التجاهل أدى إلى تعرض المنظمات الحقوقية للنقد والتخوين من قبل المواطنين، لكن الحقيقة أنّ دورها يبقى مقيدًا، حيث تقتصر جهودها على تقديم تقارير موثقة للمساهمة في تحسين حالة حقوق الإنسان والحد من الانتهاكات والتجاوزات.