خضع لجراحة إزالة ورم من رأسه: «الوطن» تحاور أول شخص في العالم يحصل على لقاح السرطان

كتب: محمد عبدالعزيز

خضع لجراحة إزالة ورم من رأسه: «الوطن» تحاور أول شخص في العالم يحصل على لقاح السرطان

خضع لجراحة إزالة ورم من رأسه: «الوطن» تحاور أول شخص في العالم يحصل على لقاح السرطان

عانى من نتوء صغير في رأسه وتجاهلها لسنوات طويلة، حتى برزت أكثر، وبعد الاختبارات، اكتشفت إصابته بسرطان الجلد ووصل حجمه إلى التصنيف «T4»، وفي الوقت نفسه، كانت بريطانيا تجري الاختبارات السريرية على أول لقاح «mRNA» في العالم مخصص لسرطان الجلد، وأصبحت الجرعة الأولى من نصيبه.

ويشير الحرف T إلى حجم ومدى الورم الرئيسي، وعادةً ما يُطلق على الورم الرئيسي اسم الورم الأولي، والرقم 4 يشير إلى حجم الورم.

ستيف يونج، هو مطرب راب بريطاني، عمره 52 عامًا، خضع لعملية جراحية لإزالة ورم ميلانيني من فروة رأسه في شهر أغسطس من العام الماضي، وهو أول مريض بسرطان الجلد، يحصل على اللقاح الجديد.

أول حوار لصحيفة عربية

تحدث «ستيف» لـ«الوطن» في أول حوار له، ليروي تفاصيل حول مرضه واللقاح، قائلًا إنه خضع لاختبارات عديدة للكشف عن طبيعة الشيء الذي ظهر في رأسه، واكتشف الأطباء أنه ورم ميلاني كبير، وأجرى فحوصات أخرى لمعرفة ما إذا كان السرطان قد انتشر إلى أي أجزاء أخرى من جسده، وكانت الفحوصات سلبية.

يقول: «قدموا لي إمكانية المشاركة في تجربة لقاح mRNA الجديد الذي من شأنه أن يقلل بشكل كبير من مخاطر عودة السرطان في السنوات اللاحقة».

شفاء من السرطان 

قبل حصوله على اللقاح، شُفي البريطاني من السرطان تمامًا، وذلك بفضل جهازه المناعي القوي: «لم ينتشر السرطان من الورم الميلانيني إلى جسدي، ومع ذلك فإن فرص عودته كانت عالية جدًا، واللقاح يهدف إلى منع عودته ويوفر الحماية ضده، هو مثل لقاح فيروس كورونا «كوفيد 19» تمامًا، ولو انتشر السرطان إلى المرحلة الثالثة أو الرابعة لما كنت قادرة على المشاركة في التجربة لأن الوقت يكون قد فات».

ما هي لقاحات السرطان؟ 

ولقاحات السرطان صُممت خصيصًا باستخدام الحمض النووي الريبوزي المرسال وهي شكل من أشكال العلاج المناعي، وهي مصممة لكل نوع من أنواع السرطان لدى كل شخص وتعمل من خلال تدريب الجهاز المناعي على التعرف على الخلايا السرطانية وتدميرها ومنع انتشارها.

عملية إعداد لقاح السرطان طويلة ومعقدة للغاية، إذ يتم إرسال الأنسجة السرطانية الأصلية من جسد الشخص إلى مختبر في الولايات المتحدة، واستخدامها لإعداد لقاح شخصي يعتمد على خلايا الشخص وحمضه النووي، وكل شخص له لقاح واحد فقط، وتستغرق العملية بضعة أشهر، وحاليًا تجري المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح، وهي ضرروية لمساعدة المزيد من الناس على العيش لفترة أطول وحياة أفضل، خالية من الخوف من السرطان، وإذا نجح اللقاح، فسوف يكون بمثابة نقطة تحول في منع ظهور أو عودته مرة أخرى.

وليست بريطانيا فقط، بل روسيا أيضًا، طورت لقاحًا مضادًا للسرطان يعتمد على تقنية الحمض النووي الريبوزي mRNA، وأعلنت عنه خلال الأيام الماضية، كما سيوزع على المرضى مجانًا، وهو تطور تاريخي في لقاحات المرض الخبيث حول العالم، وفقا لما أعلنه مسؤولون روس منذ أيام.

كما تعمل الولايات المتحدة الأمريكية أيضًا خلال الوقت الحالي على تطوير لقاحات السرطان، ومن شأنه أن يساعد أكثر من 20 مليون مصاب حول العالم، ولا زالت المرحلة الثالثة من التجارب السريرية على اللقاح الأمريكي لم تبدأ بعد.

اللحظة الأولى لأول جرعة من لقاح السرطان  

يؤكد «ستيف»، في تصريحاته لـ«الوطن» أنه قبل حصوله على لقاح السرطان، كان عليه إعادة الفحص للتأكد من أنه خالٍ من السرطان قبل حصوله على الجرعة الأولى، وذلك في شهر أبريل الماضي.

اللحظة الأولى لحصول «ستيف» على لقاح السرطان درامية، ممزوجة بين الخوف والحماس والقلق من الآثار الجانبية بشكل كبير، لكنه استجمع قواه، بينما كانت الآثار الجانبية تتنوع بين الأنفلونزا وارتفاع درجة الحرارة وآلام العضلات والمفاصل وتورم الذراع موضع الحقن: «شعرت بالإثارة الشديدة، واستمرت الأعراض الجانبية لمدة 3 أيام تقريبًا، كان الأمر صعبًا للغاية ولكن لم يستمر أي من الآثار الجانبية طويلًا، لكنني أؤكد أنها كانت شديدة ومتعبة جدًا».

تلقى «ستيف» اللقاح مرة كل 3 أسابيع، ويصل عدد الجرعات إلى 9، وحصل على الأخيرة منذ عدة أيام، وفي كل مرة كان يشعر بنفس الآثار الجانبية وتستمر لفترة أقل كلما ازداد عدد الجرعات، ومع مشاركة تجربته على وسائل التواصل الاجتماعي، اكتشف أنه ليس أول شخص يحصل على اللقاح في العالم فقط، بل أيضًا، كانت الآثار الجانبية أقوى من أي شخص آخر حصل على اللقاح بعده بمختلف أنواع السرطان.

آثار جانبية قوية لعدة أيام

يضيف: «رغم هذه الآثار الجانبية التي عانيت منها، إلا أن الأطباء كانوا سعداء جدًا بهذا الأمر، لأنه يعني أن لدي جهاز مناعي قوي ونشط وأن اللقاح يتفاعل بالطريقة الصحيحة».

لم يكن يعلم البريطاني أنه أول شخص يحصل على اللقاح في العالم، حتى بعد أيام من التجربة، إذ قرأ في الأخبار ورأى صوره وتصريحاته التي أدلى بها حينها: «كنت أعلم أنني أول شخص في بريطانيا يوقع على التجربة، ولكن لم يكن الأمر كذلك إلا بعد انتشار الأخبار، وأصبحت محور قصة عالمية حيث اكتشفت أنني في الواقع أول شخص في العالم».

أصبح مشهورًا كمريض.. وليس كمطرب

وجد «ستيف» نفسه فجأة محور اهتمام وسائل الإعلام العالمية، ويتداول العديد قصته كأول شخص في العالم يحصل على لقاح السرطان، رغم أنه طوال سنوات حياته، حاول جذب انتباه الصحافة ووسائل الإعلام، وفجأة، وجد نفسه مشهورًا في جميع أنحاء العالم، حتى ولو ليوم واحد على الأقل، وليس بسبب أغانيه، بل لأنه مريض بالسرطان.

يرى ستيف يونج نفسه محظوظًا بحصوله على اللقاح، كان يرى أنه لن يعيش طويلًا بسبب أن نوع السرطان المهاجم جسده يمكن بنسبة كبيرة أن ينتشر مرة أخرى حتى لو شُفي منه من قبل، يحكي: «كيف ستشعر عائلتي بشأن وفاتي في سن أصغر من والدي، لقد كان وقتًا عصيبًا حقًا».

تغيير كبير في حياته

بعد حصوله على اللقاح والقراءة عنه أكثر، تغيرت طريقة تفكيره تمامًا، وأصبح يفكر في الحياة بدلا من الموت، وأصبح متحفزًا ونشطًا للعيش والعمل، وبدأ بتسجيل العديد من الأغاني الجديدة.

يقول: «لقاح السرطان يغير قواعد اللعبة تمامًا، سيتمكن كل شخص يتم تشخيصه من الحصول على علاج يعلم جهاز المناعة لديه هزيمة الخلايا السرطانية إذا حاولت العودة، في كل سنوات علاج السرطان، هذه هي المرة الأولى التي يتمكنون فيها من فعل شيء للوقاية من السرطان بدلاً من مجرد علاجه».

كيف سيعرف أن اللقاح كان السبب في بقائه على قيد الحياة؟

الأكثر إثارة في قصة البريطاني صاحب الـ52 عامًا،، هو معرفة ما إذا كان لقاح السرطان الذي حصل عليه وأنهى جرعاته بالكامل، هو السبب في بقائه على قيد الحياة في حال وصل إلى سن التسعين: «الشيء المجنون في العلم، هو أنه إذا لم يعد السرطان إليّ أبدًا وعشت حتى أبلغ التسعين من عمري، فقد يكون ذلك بسبب اللقاح، أو ربما بسبب جهاز المناعة لدي، أو ربما بسبب القدر، لن نعرف أبدًا الحقيقة، ولكن إذا عاش عدد كافٍ من الأشخاص المشاركين في التجربة حياة طويلة ولم يقعوا فريسة لعودة السرطان، فإن كل هذا يشير إلى نجاح التجربة، وسيكون ذلك أمر لا يصدق، أنا حاليًا خال من السرطان وآمل أن أظل على هذا الحال».

يتمنى في المستقبل، باستخدام الحمض النووي، إعداد لقاح لأي شخص مُعرض لخطير كبير للإصابة بالمرض، أو لديه تاريخ عائلي وراثي مع السرطان.


مواضيع متعلقة