تدفقات استثمارية للاقتصاد المصري.. صفقات أعادت التوازن وخفّضت التضخم

كتب: مارينا رؤوف

تدفقات استثمارية للاقتصاد المصري.. صفقات أعادت التوازن وخفّضت التضخم

تدفقات استثمارية للاقتصاد المصري.. صفقات أعادت التوازن وخفّضت التضخم

شهد الاقتصاد المصرى فى عام 2024 أحداثاً قوية، كان على رأسها الصفقات الاستثمارية الكبرى، والتى أعادت تشكيل خارطة الاستثمار الوطنى، ففى فبراير الماضى وقَّعت الحكومة صفقة مشروع تنمية مدينة رأس الحكمة مع شركة «ADQ» القابضة الإماراتية بقيمة 35 مليار دولار، كأكبر صفقة استثمارية فى تاريخ مصر، ما أسهم فى إنعاش الاقتصاد المحلى. وبموجب الصفقة، حصلت مصر على 24 مليار دولار استثمارات أجنبية مباشرة، إلى جانب تحويل 11 مليار دولار قيمة ودائع دولة الإمارات لدى البنك المركزى إلى استثمارات، وتحصل «القاهرة» على 35% من إيرادات المشروع.

«تنمية رأس الحكمة» بقيمة 35 مليار دولار الأكبر في تاريخ مصر 

وفى يوليو الماضى، جرى الإعلان عن تفاصيل مشروع «ساوث ميد» فى منطقة الساحل الشمالى الغربى، بشراكة استثمارية جديدة بين الحكومة والقطاع الخاص، وقع عليها هشام طلعت مصطفى، الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب لـ«مجموعة طلعت مصطفى القابضة»، الشريك فى المشروع من جانب القطاع الخاص.

5 اتفاقيات للتنقيب عن البترول والغاز باستثمارات تصل إلى 200 مليون دولار

وشهد عام 2024 توقيع 5 اتفاقيات جديدة للبحث والتنقيب عن البترول والغاز، بإجمالى استثمارات بلغت نحو 200 مليون دولار، كما شهدت مصر نشاطاً كبيراً فى قطاع الطاقة المتجددة، حيث جرى توقيع عدة اتفاقيات لتطوير مشروعات فى مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ما يعزز حصة الطاقة المتجددة فى مزيج الطاقة الوطنى.

إسهامات ضخمة صينية وأوروبية فى مشروعات تطوير الموانئ والطرق و46 مليار دولار استثمارات أجنبية مباشرة

وفى مجال البنية التحتية، شهدت مصر استثمارات ضخمة من شركات صينية وأوروبية فى مشروعات تطوير الموانئ والطرق والسكك الحديدية، لتعزيز قدرة النقل والتجارة.

كما شهدت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس نمواً ملحوظاً فى الاستثمارات، حيث وضع رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس حجر الأساس لمشروع «نيو إنرجى جلاس»، باستثمارات تقدر بـ300 مليون دولار. وكشفت التقارير عن زيادة عدد المشروعات من يوليو 2023 حتى مايو 2024، بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس لـ213 مشروعاً بتكلفة استثمارية قدرها 4.84 مليار دولار، ما يعكس الثقة المتزايدة للمستثمرين الأجانب فى المنطقة.

واستقبلت مصر نحو 46 مليار دولار استثمارات أجنبية مباشرة خلال عام 2024، بعد زيادة الثقة فى الاقتصاد الوطنى والإصلاحات التى جرى تنفيذها لتعزيز الاستقرار المالى والنمو الاقتصادى. وفى يونيو 2024، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن توقيع شركات أوروبية لأكثر من 20 اتفاقية جديدة فى مصر، بقيمة إجمالية تزيد على 40 مليار يورو.

وحسب بيانات البنك المركزى، بلغ صافى التدفقات الاستثمارية الأجنبية المباشرة من الدول العربية إلى مصر 18.182 مليار دولار بنهاية الربع الثالث من عام 2024، مقارنة بـ3.208 مليار دولار فى الفترة نفسها من العام السابق، حيث تركزت الاستثمارات العربية فى مصر خلال عام 2024 على عدة قطاعات رئيسية، أبرزها القطاع العقارى والسياحى من خلال تطوير مناطق، مثل رأس الحكمة والساحل الشمالى، بهدف تعزيز البنية التحتية السياحية وجذب المزيد من الزوار، وكذلك القطاع المالى والمصرفى شهد اهتماماً متزايداً من المستثمرين العرب، مع التركيز على تعزيز التعاون المالى وتبادل الخبرات، وفى القطاع الصناعى تم توجيه استثمارات نحو تطوير المناطق الصناعية وزيادة الإنتاجية، بهدف تعزيز الصادرات وتلبية احتياجات السوق المحلية.

وتأتى العاصمة الإدارية الجديدة كواحدة من أبرز اهتمامات الدولة منذ بداية إنشائها، ولذلك تسعى الحكومة لجذب الاستثمارات العربية والأجنبية فى العاصمة، وأقرت مصر حوافز متعددة لتشجيع الاستثمار فى العاصمة الإدارية الجديدة، بهدف زيادة جذب الاستثمارات الأجنبية ورفع معدلات التشغيل. وأعلن المهندس خالد عباس، رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، أن حجم أصول الشركة وصل إلى أكثر من 300 مليار جنيه حالياً، مع تحقيق عوائد تزيد على 75 مليار جنيه. وفيما يتعلق بالاستثمارات الأجنبية، أشار «عباس» إلى أن العاصمة الإدارية الجديدة أصبحت من أكثر المدن جذباً للاستثمارات، نتيجة للتخطيط المدروس، والبنية التحتية المتقدمة، والسياسات الحكومية المشجعة. كما أوضح أن المرحلة الأولى شهدت استثمارات أجنبية من خلال شراكات مع شركات مصرية وغير مصرية، حيث أسهم مستثمرون من دول أجنبية فى هذه المشروعات.

من جانبه، قال دكتور محمد أنيس، الخبير الاقتصادى، إن الحكومة وضعت حداً لسقف الاستثمارات الحكومية، نتيجة لتنفيذ العديد من الإصلاحات الاقتصادية التى جرت على مدار العشرة أعوام الماضية من خلال التوسع فى الإنفاق الاستثمارى الحكومى، وأوضح «أنيس»، لـ«الوطن»، أن الدولة نفذت العديد من المشروعات التى كانت تحتاج إلى استثمارات حكومية مباشرة، مثل التطوير الذى حدث فى البنية التحتية، وهو ما أسهم بشكل كبير فى خلق فرص عمل جديدة، حيث تعد هذه الاستثمارات حكومية ولا يتدخل فيها القطاع الخاص، مشيراً إلى أن الفترة الراهنة شهدت توسعاً كبيراً فى مختلف أشكال الاستثمارات. ولفت إلى أنه من الطبيعى أن يعقبه هذه المرحلة سقف عام لفتح الباب للقطاع الخاص لمعاودة ضخ استثماراته بكثافة أكبر، متابعاً: «الحكومة أعلنت أن هناك سقفاً للاستثمارات العامة بقيمة تريليون جنيه، ومن الضرورى الالتزام بهذا وتجديده سنوياً لإتاحة الفرصة للقطاع الخاص».

ونوه بأن الصفقات الاستثمارية الكبرى التى أبرمتها الدولة خلال الفترة الماضية، أسهمت فى تحقيق التوازن للاقتصاد المصرى، لافتاً إلى أن 2024 كان عام استعادة التوازن المالى للدولة، حيث جرى توفير السيولة الأجنبية الدولارية فى الأسواق وخفض معدل التضخم، ما أسهم فى القضاء على السوق السوداء للعملات الأجنبية.


مواضيع متعلقة