من قتل ياسر عرفات؟

من قتل ياسر عرفات؟
أعلنت النيابة العامة الفرنسية، الثلاثاء الماضي، أنه لا وجه حق للدعوى المرفوعة في قضية تعرض الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات للاغتيال عبر السم كما تؤكد أرملته سها عرفات.
وأعطت النيابة العامة قرارًا نهائيًا، يقضي بعدم وجود وجه حق لهذه الدعوى حيث لم يصدر أي اتهام في إطارها.
من جانبه قال اللواء توفيق الطيراوي، رئيس اللجنة الفلسطينية الخاصة للتحقيق في وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات، إن اللجنة مستمرة في التحقيق ولا يعنيها القرار الفرنسي وأعضاء اللجنة مستمرون في البحث عن الدليل، مشيرًا إلى أن اللجنة مستمرة في القيام بالإجراءات حتى تصل إلى الحقيقة.
وأضاف "الطيراوي" في تصريحات خاصة لـ"الوطن": "في حالة الوصول لدليل سنقوم برفع مذكرة الدعوى للقضاء الفلسطيني ومن ثم نقاضى الكيان الصهيوني في المحكمة الجنائية الدولية".
وقال أحمد عساف، المتحدث الرسمي لحركة "فتح" الفلسطينية، إن الحركة في انتظار تفاصيل رفض المحكمة الفرنسية للدعوى الفلسطينية والأسباب التي اتخذت عليها القرار وملف التحقيقات مازال مفتوحًا ولن يغلق إلا بتحقيق العدالة.
وأضاف "عساف" في تصريحات خاصة لـ"الوطن": "إسرائيل هي المسؤولة عن اغتيال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ولكننا نبحث عن الدليل والعمل في اللجنة الفلسطينية سيبقى مستمر وهذه قناعتنا بأننا لن نتخلى عن حق الشهيد عرفات".
وعن مقاضاة الكيان الصهيوني قال "عساف": "من السابق لأوانه الحديث عن المقاضاة الآن قبل إيجاد الدليل وكيف على العالم أن يصمت أمام اغتيال رجل عظيم مثل الرئيس الراحل ياسر عرفات على العلم إنه كان عضوًا في الأمم المتحدة ورئيسًا لفلسطين وعضوًا في الجامعة العربية وعضوًا في المؤتمر الإسلامي".
وأكد أن واقعة اغتيال عرفات لن تمر مرور الكرام وحركة "فتح"، تصر على أخذ حقه وتسعى للوصول إلى الحقيقة حتى لا تتكرر الواقعة مرة أخرى، حيث إن نفس الأصوات التي كانت تهدد باغتيال الرئيس الراحل عرفات تهدد الرئيس الحالي محمود عباس أبو مازن.
وأوضح الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس المفتوحة، إن الفلسطينيين اتهموا المحكمة الفرنسية بالتواطؤ دون إجراء تشريح لجثة الرئيس الراحل ياسر عرفات وأغلقت التحقيق لأسباب غير معلومة.
وأضاف "الرقب" في تصريحات خاصة لـ"الوطن": "السلطة الفلسطينية وقيادات حركة فتح ستقوم باستكمال إجراءات التحقيق كما أن السويسريين ما زالوا مستمرين في فتح الملف، حيث إن التقرير السويسري الصادر منذ عام تحدث عن استخدام مادة البولونيوم في ملابسات وفاة الشهيد ياسر عرفات".
وتابع "الرقب": "ليس لدينا خيارات كفلسطينيين سوى استكمال التحقيق وسنحاكم إسرائيل لاحقًا في المحكمة الدولية فكان من السهل أن تدخل مادة البولونيوم لأبو عمار عن طريق استقباله للكثير من الإسرائيليين الذين كانوا يدعون أنهم من مؤيدي السلام إضافة إلى أن من يحاصر المقاطعة هم الإسرائيليين ولكن التحقيق يجري حول شخصيه بعينها قامت بتوصيل مادة البولونيوم إلى أبو عمار".
وأشار إلى أن هناك ملابسات عديدة أزّمت القضية ومنها وفاة طبيب الأسنان الخاص بأبو عمار عقب الاغتيال بقترة قصيرة، والفلسطينيون مصرون على أن من اغتال أبو عمار هي إسرائيل.
وبشأن مادة البولونيوم، قال الدكتور عاطف عامر، أستاذ الكيمياء بجامعة الزقازيق، إنها مادة مشعة تؤثر على وظائف الجسم وتستخدم ضمن مكونات القنابل الذرية وتدمر الجهاز العصبي للكائنات الحية.
وأضاف "عامر" في تصريحات خاصة لـ"الوطن": "من السهل تزوير نتائج التحاليل في المعامل كما حدث في قضية الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات"، مشيرًا إلى أن ثبات مادة البولونيوم يكون حسب نسبة التركيز والواضح من حالة عرفات أثناء الحصار في المقاطعة أن مقاطع الفيديو والصور التي التقطت له في هذه الفترة تؤكد انهيار جهازه العصبي.
كان فريق من بعض العلماء الذين يعملون بالمركز الطبي بجامعة "فودوا" بمدينة "لوزان" السويسرية، أجروا فحوصات مفصلة لسجلات عرفات الطبية واستخرجوا عينات من رفاته وأدوات استخدمها في مستشفى كان يعالج بها في باريس قبل وفاته، وتضمنت العينات أجزاء من عظام عرفات وعينات من التربة المحيط برفاته، وخلص العلماء إلى أن نتائجهم تدعم بصورة معقولة فرضية أن وفاته كانت نتيجة تسممه بمادة بولونيوم-210.
وقال باتريس مانجين، مدير المركز الجامعي للطب الشرعي بسويسرا، إن الفترة الطويلة التي مرت بين وفاة عرفات في 11 نوفمبر عام 2004 وبدء التحقيقات في عام 2012 كانت عاملا آخر أدى إلى تعقيد الأعمال.
وقال العالم السويسري فرنسوا بوشو، إن تحاليل الخبراء خلصت في بادئ الأمر إلى وجود كمية غير اعتيادية من الرصاص والبولونيوم، مضيفًا أنه في حقيبة السفر والملابس الداخلية لياسر عرفات كان العنصر الذي يتضمن اعلى نسب من الإشعاعات.
وفي محاولة لتفسير مصدرها رجح العلماء فرضية أن يكون ياسر عرفات قد ابتلعها وأوضح العالم السويسري أنه يكفي بضعة ميكروجرامات من البولونيوم لكي تعطي نتيجة مماثلة لنسبة تعتبر قاتلة.
ويعتبر واقع العثور على مثل هذه النسب من البولونيوم بعد ثماني سنوات على وفاة عرفات أحد الحجج التي ترجح فرضية التسمم كذلك مثل الأعراض السريرية التي ظهرت على ياسر عرفات قبل موته والتي دفعت بالباحثين إلى النظر في احتمال التسمم.