ألمانيا بين خدعة بوتين وانهيار الائتلاف.. 1064 يوما في رحلة شولتس

كتب: أحمد عادل موسى

ألمانيا بين خدعة بوتين وانهيار الائتلاف.. 1064 يوما في رحلة شولتس

ألمانيا بين خدعة بوتين وانهيار الائتلاف.. 1064 يوما في رحلة شولتس

تولى أولاف شولتس منصب المستشار الاتحادي لمدة 1064 يومًا، على رأس أول حكومة ائتلافية ثلاثية «إشارة المرور» في تاريخ ألمانيا، والتي ضمت الحزب الاشتراكي الديمقراطي، والحزب الأخضر، والحزب الديمقراطي الحر. وقد انتهى هذا الائتلاف في السادس من نوفمبر الماضي، بعد تلاشي روح التفاؤل والتماسك التي ميزت بدايته، وذلك وفقًا لما ذكرته قناة «القاهرة الإخبارية».

بداية الائتلاف في 7 ديسمبر 2021

في السابع من ديسمبر عام 2021، أعلن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، والحزب الأخضر، والحزب الديمقراطي الحر عن تشكيل ائتلاف حكومي جديد أُطلق عليه «ائتلاف يجرؤ على تحقيق المزيد من التقدم». ووصفه شولتس آنذاك بأنه «بداية جديدة»، معربًا عن أمله في أن يُشكل هذا الائتلاف نموذجًا حكوميًا طويل الأمد، يستمر حتى بعد الانتخابات الفيدرالية المُقررة عام 2025.

زيارة الكرملين في 15 فبراير 2022

بعد انتخابه، سعى المستشار شولتس إلى منع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين من نشر قوته، التي كانت قد تمركزت على حدود أوكرانيا، فمن خلال زيارة إلى موسكو حاول وقف الحرب، إلا أن هذا الجهد باء بالفشل، إذ هاجمت روسيا أوكرانيا بعد أسبوع واحد فقط، مما أجبر الحكومة الألمانية الجديدة على مواجهة أزمة غير متوقعة واتخاذ قرارات صعبة لم تكن مستعدة لها.

نقطة تحول في 27 فبراير 2022

في خطاب أمام البوندستاج، أعلن أولاف شولتس عن «نقطة التحول» (Zeitenwende) ككلمة رئيسية لسياسته المستقبلية. أدت صدمة الحرب في أوكرانيا إلى إعادة تنظيم السياسة الأمنية الألمانية، حيث أعلن شولتس عن زيادة ميزانية الدفاع بمبلغ 100 مليار يورو لتحديث الجيش. وعلى الرغم من أن هذا القرار فاجأ بعض أعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي، إلا أنه حظي بإشادة واسعة لتصميمه على اتخاذ خطوات حاسمة.

غير أن الحرب في كييف فرضت ضغوطًا هائلة على حكومة شولتس، إذ يتطلب الوضع توفير تمويل هائل وتسليح أوكرانيا، بالإضافة إلى مواجهة أزمة ارتفاع أسعار الطاقة. هذا الأمر أثار توترًا داخل الائتلاف الحكومي، حيث يدعو الحزب الديمقراطي الحرّ إلى إعادة النظر في التخلص التدريجي من الطاقة النووية، وهو ما يرفضه بشدة حزب الخضر.

ارتفاع تكاليف التدفئة في فبراير 2023

أثار قانون التدفئة، الذي أقره وزير الاقتصاد روبرت هابيك في فبراير 2023، جدلاً واسعاً في ألمانيا، وأثار مخاوف المواطنين من ارتفاع تكاليف التدفئة، وقد أدى هذا القانون إلى تصاعد التوتر داخل ائتلاف الحكومة، لا سيما بين حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر، مما زاد من حدة الانقسامات داخل الائتلاف.

فجوة الـ60 مليار يورو في 15 نوفمبر 2023

عانى ائتلاف الحكومة الألمانية، بالإضافة إلى المستشار شولتس، من نكسة بعد إعلان المحكمة الدستورية الفيدرالية بطلان حيلة مالية رئيسية اعتمدها الائتلاف. كان شولتس يعتزم استخدام أموال فيدرالية لمكافحة جائحة كورونا وحماية المناخ، مما أدى إلى عجز في الميزانية بلغ 60 مليار يورو.

خلاف الميزانية في 5 يوليو 2024

أعلن المستشار شولتس ووزيري الاقتصاد (هابيك) والمالية (ليندنر) عن ميزانية فيدرالية لعام 2025، بعد مفاوضات شاقة استمرت لأكثر من 80 ساعة، وانتهت المفاوضات بتسويةٍ حفظت ماء وجه الأطراف، مع التزامٍ بكبح الدين كما يطالب الحزب الديمقراطي الحر، وقد شهدت العملية أزمةً حادةً في أغسطس عندما سحب ليندنر موافقته بسبب مخاوف قانونية، مما دفع شولتس إلى التفكير جديًا بإقالته قبل أن يفعل ذلك رسمياً في نوفمبر.

نهاية الائتلاف في 6 نوفمبر 2024

تصاعد الخلاف حول السياسة الاقتصادية وسياسة الميزانية في ألمانيا إلى ذروته، مما أدى إلى أزمة حكومية حادة. وفي اجتماع طارئ، طالب المستشار أولاف شولتس وزير المالية كريستيان ليندنر، زعيم الحزب الديمقراطي الحر، بالسماح بزيادة الدين العام، وهو ما رفضه ليندنر بشكل قاطع. أعقب ذلك إقالة ليندنر من منصبه، لكن الأزمة لم تتوقف عند هذا الحد، حيث خسر شولتس لاحقًا تصويت الثقة في البرلمان بأغلبية ساحقة (207 أصوات مؤيدة مقابل 394 صوتًا معارضًا، و116 امتناعًا)، مما أدى إلى سقوط حكومته الائتلافية المكونة من الحزب الديمقراطي الاجتماعي، وحزب الخضر، والحزب الديمقراطي الحر.

اعتبر شولتس هذه النتيجة ضرورة لإجراء انتخابات مبكرة، معترفًا بهشاشة الائتلاف الحكومي الذي تشكل في نوفمبر 2021. ويتوقع أن تُعيد الانتخابات المقبلة رسم الخريطة السياسية الألمانية، مع احتمالية تصدّر الاتحاد الديمقراطي المسيحي (والاتحاد الاجتماعي المسيحي) بقيادة فريدريش ميرز.


مواضيع متعلقة