دراسة علمية: «تأهيل الترع» وفر ملياري متر مكعب مياه سنويا وقلل الفاقد بنسبة 20%

دراسة علمية: «تأهيل الترع» وفر ملياري متر مكعب مياه سنويا وقلل الفاقد بنسبة 20%
كشفت دراسة علمية حديثة، أعدها فريق من الباحثين بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى، بعنوان «الأمن المائى ومشروع تبطين الترع»، عن العديد من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لمشروعات تبطين الترع، التى يتم تنفيذها فى العديد من الترع والقنوات المائية بمختلف المحافظات، والتى تقدر أطوالها بحوالى 7 آلاف كيلومتر، منذ انطلاق المشروع وحتى الآن.
أوضحت الدراسة أن المشروع حقق العديد من الفوائد الاقتصادية، على رأسها تقليل الفاقد المائى من التسرب والتبخر فى بعض الترع، والذى يصل فى بعضها إلى حوالى 40% من إجمالى المياه المنقولة عبر الشبكة، ومع تبطين الترع تم خفض الفاقد المائى من 10 إلى 20%، مما يشير إلى توفير مياه تصل إلى 2 مليار متر مكعب سنوياً.
كما ساهم تبطين الترع فى تحسين توزيع المياه بشكل أكثر كفاءة، ما أدى إلى زيادة إنتاجية الأراضى الزراعية بحصول الأراضى على مياه رى بشكل منتظم وكافٍ، وهو ما رفع العائد الزراعى للأراضى، كما توقعت الدراسة زيادة إنتاجية المحاصيل بنسبة من 15 إلى 20%، خاصة فى المناطق التى كانت تعانى من نقص المياه بسبب الفاقد المائى.
المشروع يضيف مساحات جديدة للزراعة ويحقق عائداً مادياً للمزارعين
وفيما يتعلق بالعائد المالى، أوضحت الدراسة أنه مع تحسين كفاءة الرى وزيادة الإنتاجية الزراعية، يمكن أن يحقق المزارعون زيادة فى دخلهم تتراوح بين 10 و25% حسب نوع المحاصيل، وظروف كل منطقة، كما ارتفعت القيمة السوقية للأراضى المجاورة للترع المبطنة من 20 إلى 35%، وكذلك تم خفض تكلفة الرى إلى ما يصل إلى ربع التكلفة باستخدام المياه الجوفية، وتوفير تكلفة حفر آبار ارتوازية، فضلاً عن توفير المحروقات البترولية المستخدمة للحصول على المياه من هذه الآبار.
زيادة إنتاجية المحاصيل بنسبة بين 15 و20% فى مناطق كانت محرومة من خدمات الرى
كما أشارت الدراسة إلى أن مشروع تبطين الترع ساهم فى خفض تكاليف الصيانة على المدى الطويل، وقلل من الحاجة إلى الصيانة الدورية للجوانب والقاع، بسبب التآكل والتسرب، مما خفف من تكاليف الصيانة السنوية، حيث تصل تكاليف صيانة الترع غير المبطنة إلى ما يتراوح بين 2 و3 مليارات جنيه، ويساهم المشروع فى تخفيض هذه التكاليف بنسبة تصل إلى 70%، مما يعنى توفير تكاليف تتراوح من 1 إلى 1.5 مليار جنيه سنوياً.
أما عن الفوائد الاجتماعية لمشروع التبطين، فمع تحسن حياة المزارعين، ساهم المشروع فى تحسين جودة المياه وتوزيعها بانتظام، كما رفع دخل المزارعين بنسبة تتراوح ما بين 10 و25%، كما ساهم فى استقرار سبل العيش عن طريق تقليل الفاقد المائي، ما عزز استقرار الري، حيث يعتمد المزارعون على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل، وحقق المشروع تحسناً فى جودة الحياة بالمناطق الريفية، عبر زيادة إنتاجية المحاصيل، ما قد يؤدى إلى زيادة الطلب على العمالة الزراعية، وتوفير المزيد من فرص العمل بالمناطق الريفية، وتحسين البيئة بتقليل التلوث، وحماية الأراضي الزراعية من التآكل والتدهور.
ولفتت الدراسة إلى أن مشروع التبطين ساهم فى توفير موارد مائية كافية، وهو ما ساهم فى الحد من الهجرة إلى المدن، بسبب تدهور الظروف الزراعية، كما أنه عندما تحسنت الظروف الزراعية والمائية فى المناطق الريفية، تم تعزيز استدامة هذه المجتمعات، ومنع نزوح السكان نحو المدن الكبرى بحثاً عن فرص عمل.
كما ساهم المشروع فى زيادة الوعى البيئى بين المزارعين والمجتمعات الريفية، حول أهمية الحفاظ على الموارد المائية، وتعزيز دور المرأة فى المجتمع الريفي، سواء فى الإنتاج الزراعي أو الصناعات المرتبطة به، مثل التصنيع.
وأكدت أنه فى ظل استراتيجية الأمن المائي فى مصر، تُعتبر زيادة كفاءة استخدام المياه أحد الأهداف الرئيسية، وأن مشروع تبطين الترع يتماشى مع هذا الهدف، من خلال تقليل الفاقد المائي، وزيادة فاعلية نقل المياه عبر شبكة الترع، كما أن «رؤية مصر 2030» تركز على تحقيق التنمية المستدامة فى القطاع المائي، ويُعتبر التبطين أداة أساسية لتحقيق هذا الهدف، عبر تحسين إدارة الموارد المائية.
وأشارت الدراسة إلى أن القطاع الزراعى يُعد أحد أكبر مستهلكى المياه فى مصر، ويعتمد بشكل كبير على شبكة الترع، من خلال تحسين توزيع المياه عن طريق تبطين الترع، ويمكن ضمان وصول المياه بشكل أكثر انتظاماً وبكفاءة عالية إلى الأراضى الزراعية.
كما أن تحسين كفاءة الرى يقلل من الحاجة لزيادة الموارد المائية لمواكبة التوسع فى الزراعة، مما يسهم فى الحفاظ على الموارد المائية، وتعزيز الأمن الغذائي، فضلاً عن مواجهة التحديات المستقبلية، وعلى رأسها التغيرات المناخية، التي تعمل على زيادة تحديات محدودية الموارد المائية، لكن التبطين يساعد على مواجهة هذا الأمر، من خلال تحسين إدارة المياه، وتقليل الفاقد المائي الناتج عن التسرب والتبخر.
وشددت الدراسة على ضرورة تحسين تصميم مواد التبطين، واختيار الأنسب بيئياً، باستخدام مواد غير قابلة للتآكل، وأوضحت أن «الخرسانة» قد تكون فعالة فى تقليل الفاقد المائى، لكنها قد تتآكل مع مرور الوقت، بسبب التغيرات المناخية والعوامل البيئية الأخرى، وهو ما يتطلب استخدام مواد مقاومة للتآكل، مثل «الجيوتكستايل»، أو «البوليمرات»، التى تضمن طول عمر المشروع.
كما يمكن تطوير مواد محلية مناسبة للاستخدام فى تبطين الترع، مثل المواد النباتية، أو الخرسانة المعززة بـ«الأليفا»، التى تسهم فى تقليل التكلفة، وتعزيز الاستدامة البيئية، واستخدام تكنولوجيا «النانو»، التى تقدم حلولاً لتحسين مقاومة المواد ضد التآكل والضغط، ويمكن استخدامها فى تطوير مواد التبطين، بما يسهم فى تعزيز استدامة الترع على المدى الطويل، مع تعزيز الصيانة الدورية والتفتيش المنتظم.
وإنشاء برامج صيانة دورية لإصلاح أى أضرار صغيرة فور حدوثها لمنع تدهور الحالة، واستخدام تقنيات المراقبة الحديثة، مثل أجهزة الاستشعار والأنظمة الذكية، لمراقبة حالة التبطين بشكل مستمر، مثل الأقمار الصناعية أو الطائرات المسيَّرة، وتقنيات الذكاء الاصطناعى، لتحليل البيانات المتاحة، وتحديد المناطق التى تحتاج إلى صيانة أو تجديد.
الهند حققت كفاءة أعلى فى توزيع المياه بنسبة بلغت 50% وتحسين المناطق بفضل مشروع التبطين
وأكدت الدراسة أن هناك عدة دول تعتمد على التبطين لتقليل الفاقد المائى، من بينها الهند، التى تشهد نمواً سكانياً سريعاً، واحتياجات كبيرة من المياه للزراعة والصناعة، وبسبب استخدام الرى السطحى التقليدى فإن الفاقد المائى نتيجة للتسرب والتبخر يصل إلى 30%.
وبدأت الحكومة الهندية فى تنفيذ مشاريع تبطين القنوات المائية باستخدام الخرسانة والأسفلت فى مناطق متعددة لتحسين نقل المياه، وحققت كفاءة أعلى فى توزيع المياه بنسبة بلغت 50%، وتحسين المناطق التى تم تبطينها، بسبب توفير مياه الرى بشكل أكثر انتظاماً، أما فى الولايات المتحدة الأمريكية، فإنه رغم وفرة المياه، مقارنةً بالدول الأخرى، فإن هناك مناطق تعانى من نقص المياه، مثل ولاية كاليفورنيا، التى بلغ الفاقد فى بعض مناطقها نسبة حوالى 30% بسبب التسرب والتبخر، مما دفع السلطات لاستخدام الأسفلت والخرسانة و«الأليفا» الزجاجية فى التبطين.
ونتيجة لذلك تم تحسين كفاءة نقل المياه إلى المزارع والصناعات، وتقليل الفاقد فى المناطق التي تعانى من الضغط على الموارد المائية، وتم خفض الفاقد المائي بنسبة بلغت 30 إلى 40%، كما تم تحسين توزيع المياه فى المناطق التي تعتمد على الري السطحي.
أستراليا قامت بتبطين الترع لمواجهة الجفاف فى بعض الولايات مثل «فيكتوريا ونيو ساوث ويلز»
وأشارت الدراسة كذلك إلى أن أستراليا قامت هى الأخرى بتبطين الترع، لمواجهة الجفاف، مستخدمة «الجيوتكستايل» فى بعض الولايات، مثل «فيكتوريا، ونيو ساوث ويلز»، واستخدام المواد البيئية، ما ساهم فى تقليل الفاقد المائى بنسبة بلغت 50%، وزيادة الإنتاجية الزراعية بشكل منتظم، مما أدى لزيادة الإنتاجية الزراعية فى العديد من المشروعات.