الأحياء الشعبية غارقة.. و«الأهالى»: بنشتكى ومفيش فايدة

الأحياء الشعبية غارقة.. و«الأهالى»: بنشتكى ومفيش فايدة
شوارع غارقة فى المياه، ورائحة كريهة تفوح فى أرجاء المكان، نتيجة إغراق مياه الصرف الصحى لعدد من المناطق والأحياء الشعبية، لا يستطيع السكان السير فى الطرقات، فالمياه المتجمّعة نتيجة لوجود مشاكل فى الصرف، تعوق السير، خاصة أن بعض هذه الأماكن، تم تصميم نظام الصرف بها ليستوعب عدداً محدوداً من السكان، مثل مناطق فيصل وعزبة النخل وغيرها من المناطق الشعبية، التى تضاعف سكانها خلال السنوات القليلة الماضية، نتيجة بناء الكثير من الأبراج الشاهقة، فيما تعانى مناطق أخرى من إهمال الأحياء فى معالجة أزمات الصرف الصحى بها.
فى أحد الشوارع بمنطقة فيصل الغارقة فى مياه الصرف الصحى، أرجع الأهالى تفاقم الأزمة إلى إهمال الحى فى علاجها، وسط التكدُّس الهائل فى عدد السكان خلال الـ4 سنوات التى تلت ثورة 25 يناير، والتى استغل فيها الأهالى حالة الانفلات الأمنى، وقاموا ببناء عدد من الأبراج الشاهقة داخل هذه الأحياء.
يقول أحمد حمزة، أحد سكان المنطقة، والذى يملك محلاً لتجارة الخضراوات والفاكهة بالشارع: إن حالة الصرف الصحى فى الشارع سيئة منذ سنة ونصف، ولا يوجد حل من الحى أو المسئولين عن الصرف لحل الأزمة بصورة نهائية، موضحاً أنه فى مساء كل ليلة تغرق الشوارع بالمياه حتى صباح اليوم التالى، ثم يتم شفطها أو تبخّرها، نتيجة ارتفاع درجة الحرارة، وبعد ذلك تعود المياه للتدفق من جديد فى المساء.
ويوضح «أحمد» أن الناس لا تستطيع المرور فى الطريق، وأن معظم أصحاب المحلات والسكان يشكون يومياً للحى حتى يتدخل المسئولون، ويتم وضع حل نهائى للمشكلة، إلا أن «المسكنات» على حد قوله، لا تأتى بنتيجة، موضحاً أن أصحاب المحلات والأدوار الأرضية فى المنازل، هم من يدفعون الثمن، لأنهم يتعرّضون لسيل من مياه الصرف عقب تسرّبها من البالوعات. وكل ما يقوم به مسئولو الصرف، هو شفط المياه، أو وضع رمال على البالوعات حتى يتم غلقها.
«بقالنا أكتر من سنة على الوضع ده، انت النهارده لو عايش فى مكان زى ده، أكيد هتعَزّل وتسيب المنطقة، بنروح نشتكى ييجوا يمسحوا الميّه ويشتغلوا شوية وكأنهم كده حلوا الأزمة وبعدها يرجع كل شىء كما كان». يتحدث «أحمد» بغضب نتيجة تكرار شكواهم، وعدم استجابة المسئولين لها.
فيما يقول شكرى صاحب محل جزارة وأحد سكان الشارع نفسه، إن زيادة عدد السكان فى المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية، نتيجة زيادة العمارات، أدت إلى عدم تحمّل شبكة الصرف لهذا الضغط العالى، مما دفع الحى إلى قطع المياه طوال فترة النهار، مما يتسبب فى مشكلة أخرى للسكان. فلا يستطيع أى منهم قضاء احتياجاته وتحضير الطعام وغسيل الملابس إلا فى الليل، عندما يعود ضخ المياه مرة أخرى. ويوضح «شكرى» أن نظام الصرف الموجود فى المنطقة تم تصميمه بناءً على البيوت الصغيرة الموجودة منذ سنوات طويلة، ولم يتم عمل حساب التوسّع السكانى الموجود حالياً، وكثيراً ما تقدم أهالى المنطقة بشكاوى، ويأتى الرد الدائم من مسئولى الحى: «اصبروا علينا شوية شهر أو اتنين وهتتصلح إن شاء الله».
«المجارى دى طبقات»، جملة قالها «شكرى» وهو يتحدث عن مقارنة الحى الذى يسكن فيه بأحياء أخرى راقية مثل «المهندسين أو الزمالك»، قائلاً «المجارى فعلاً طبقات. زى الشعب طبقات. مصر طبقات وهتفضل طبقات. مش ممكن تلاقى المنظر ده فى أى حى نضيف». فيما يقول كريم رأفت أحد العمال بمقهى يقع فى شارع يوسف الديجوى بمنطقة عزبة النخل، إن الشارع يمتلئ عن آخره بمياه الصرف الصحى بصورة يومية، مما يعوق الناس عن المرور، فضلاً عن الرائحة الكريهة المنبعثة من المياه.
ويشير «كريم» إلى أنه كثيراً ما يضطر إلى طلب «سباك»، ويضطر إلى دفع 200 جنيه له مقابل أجره اليومى، حتى يستطيع وضع الكراسى أمام المقهى للزبائن، الذين تحولوا إلى مقهى آخر، نتيجة كثافة المياه التى تملأ الشارع يومياً والرائحة الكريهة التى لا تنقطع. بينما يقول علاء بكر، أحد سكان المنطقة وصاحب محل ملابس فى الشارع، إن المشكلة تفاقمت منذ أكثر من 3 أشهر، وإن مسئولى شركة الصرف يأتون لإصلاح البالوعات فقط، دون تقديم حلول جذرية للأزمة، مما يدفع الأهالى إلى توفير سيارة شفط للمياه، حتى يستطيع الناس المرور بصورة طبيعية. ويوضح «علاء» أن المشكلة الرئيسية فى المنطقة تتلخص فى سوء نظام الصرف نفسه، الذى تم تصميمه بطريقة بدائية منذ سنوات طويلة، ويجب أن يتم إعادة هيكلته مرة أخرى، لاستيعاب الزيادة السكانية الهائلة فى الوقت الحالى. ويقول إيهاب محمد، أحد سكان الشارع، إنه ذهب بصحبة عدد من الأهالى إلى مقر الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، لتقديم شكوى، فقرروا إرسال سيارات لشفط المياه المتراكمة فى الشارع فقط دون البحث عن حلول جذرية للأزمة.
«كل يوم الصبح تيجى العربية تشفط الميّه، ثم تعود للتدفق من جديد الساعة 5 من مساء اليوم نفسه»، ويواصل «إيهاب» حديثه: «الأزمة الحقيقية تكمن فى نظام الصرف نفسه، والناس بجد زهقت ومش عارفة تعمل إيه، مفيش أى حل للمشكلة».