هشام النجار: قيادات الجماعة قضت على "الصحوة الإسلامية"

هشام النجار: قيادات الجماعة قضت على "الصحوة الإسلامية"
«داعش» حول أحلام الشعوب العربية السلمية إلى كابوس من الدم والقتل من منطلقات أيديولوجية وطائفية قال هشام النجار القيادى السابق بالجماعة الإسلامية إنه قضى 23 عاماً داخل أروقة الجماعة، ونشأ وتربى فى كنف أميرها الدكتور عمر عبدالرحمن، لكن ذلك لن يمنعه من الاعتراف بأخطاء الجماعة، والتبرؤ من أفعالها، مبيناً أن أسلوب الفكر الأحادى أحد أهم أسباب استقالته، وقال إن الإخوان قضت على «الصحوة الإسلامية»، وأن فترة حكمها أسوأ مرحلة مرت بها الحركة الإسلامية فى تاريخها نتيجة الصراع على السلطة. وأكد «النجار» لـ«الوطن»، أن الجماعات الإسلامية أضرت بالمشروع الإسلامى والوطن، موضحاً أن حكم الإخوان الأسوأ فى تاريخ مصر، وأن دعوات قتال الجيش والشرطة «خطيئة»، مشيراً إلى أن الإخوان استدعوا قضايا شرعية لمساندتهم فى الصراع السياسى، لافتاً إلى أن ظهور «داعش» أثر على فكر الجماعة وغيرها من التنظيمات التكفيرية المسلحة، والتى حولت أحلام الشعوب العربية البيضاء السلمية ومطالب الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى كابوس من الدم والقتل والصراعات الساخنة على السلطة من منطلقات أيديولوجية وطائفية.
وإلى نص الحوار:
■ كيف ترى تجربتك مع الجماعة الإسلامية؟
- أرفض المشاركة فى أى جماعة إسلامية موجودة على الساحة، لإضرارها بالمشروع الإسلامى والوطن ولم تتعلم من التجارب السابقة وأوصلت الحركة الإسلامية إلى أزمة غير مسبوقة فى تاريخها، فليس فى أولويتهم المبادئ والأخلاق والدين، بل المصالح، حتى محاولاتنا للإصلاح فى الشأن الإسلامى وتطويره والقيام بتجربة فشلت لعدم الاهتمام بنا، فاستقلت من حزب البناء والتنمية والجماعة الإسلامية، عندما وجدت أن الطريق مسدود أمام محاولات الإصلاح واحترام تنوع الآراء، فكان هناك أسلوب الفكر الأحادى، ورفض لتطوير الخطاب السياسى وضبطه، كذلك دعوات إخراج الدعاة والمشايخ من المشهد الحزبى، ورفض الخروج من تحالف الإخوان للحفاظ على الحركة الإسلامية والبقاء والتأثير فى المشهد السياسى.
■ كيف كان شكل العلاقة بين الجماعة الإسلامية والإخوان؟
- الإخوان جماعة كبيرة لها كيان ومصالح وقدرات مالية وتنظيمية وامتداد خارجى ولها حسابات خاصة بها، فضلاً عن الملامح التنظيمية وسيطرة التيار القطبى، وظروف الجماعة الإسلامية كانت صعبة فهى خرجت من محنة كبيرة ولم تلملم بعد وترمم شروخها الداخلية، ولم يكن يسمح لها بالدخول فى مغامرات ومجازفات بهذا الحجم، ونصحنا بأن تراعى الجماعة الإسلامية ظروفها الخاصة وتحرص على حزبها الوليد بممارسة سياسية متدرجة وهادئة وأن تبقى بأبنائها -وغالبيتهم فى معاناة بعد الخروج من السجون مادية ومعنوية- فى المنطقة الآمنة بعيداً عن الخيارات الحادة المتشنجة، وكان السير إلى النهاية بدون استقلالية ولا مراعاة لتجربة الجماعة الإسلامية وتاريخ صدامها مع الدولة وراء خيارات الإخوان ونزاع قادتها على السلطة بعد الثورة خياراً فاشلاً محدود الرؤية.
■ وماذا عن علاقة الجماعة الإسلامية بالدين؟
- الأداء الحزبى على الأرض كان داعماً للخلط بين الدين والحزب، وسيطرة الدين، وهنا المأزق الحقيقى حيث فشل الحزب فى الخروج من قمقم الجماعة ولم يحقق الاستقلالية السياسية المطلوبة، لا من حيث الكوادر ولا من حيث أسلوب الطرح والتعاطى مع الأحداث ومضامين الخطاب.
■ ما تأثير القيادات الحالية والهاربة على عودة الجماعة والحزب للسلاح ورفض المبادرات؟
- القيادة تتحمل مسئولية كبيرة، فالرهان على الوقت كان خاطئاً، وترك المجال لبعض الوجوه لتقول ما تشاء بدون رابط ثم السماح بالتصعيد فى لهجة الخطاب واتخاذ مواقف صدامية مع كثير من رموز ومؤسسات الدولة، ثم المماطلة وعدم وضوح الرؤية والصمت لشهور عديدة والبقاء فى الشارع وعدم تقديم رؤية سياسية واضحة ومستقلة واعتناق فكرة إما العودة إلى الحكم أو الصدام والمواجهة وإما كل شىء أو لا شىء، ثم السماح بهروب القيادات فى الداخل والخارج، والتناقض فى المواقف والارتباك الشديد وعدم الحسم فى أزمات شديدة بهذا الحجم، كل ذلك أدى لهذا التدهور الذى نراه.
■ هل ما يحدث فى مصر حرب على الإسلام؟
- تم تجريد الأحداث الأخيرة بداية من 30 يونيو من قبل الأحزاب الإسلامية وفى مقدمتها الإخوان، من نسبيتها الزمنية وظروفها وتعقيداتها المحلية وتحدياتها الإقليمية والدولية، وقذفت بها إلى زمان مختلف وظروف مختلفة وتصورات تاريخية متعلقة بالخلافة، واستدعاء قضايا الشريعة الفرعية والفرز على أساس دينى، ولو وضعت الأمور فى سياقها الزمنى ومناخ الحراك الشعبى المتواصل بعد 25 يناير والتجاذبات والمنافسات السياسية، لما وصل الإسلاميون بالقضية إلى هذا الحجم من التهويل والتضخيم ولتم اعتبار ما حدث مجرد جولة فى منافسة سياسية محتدمة يمكن تعويض خسائرها المحدودة -وقتها- فى جولات مقبلة، لكن تم تصدير القضية أنها نهاية الكون وبأنها معركة المصير ونكون أو لا نكون، فتضاعفت الخسائر وتم جر مقدرات الحركة وكوادرها وبنيتها التحتية وعصبها السياسى والاقتصادى فى أزمة طاحنة غير مسبوقة من الصعب تجاوزها.
■ كيف ترى هروب قيادات الحزب والجماعة للخارج؟
- كان مصيبة كبيرة وتصرف غير مسئول وترتب ابتداءً على الهروب فى الداخل الذى حذرنا منه، وهذا أكبر دليل على أن الجماعة الإسلامية فشلت فى تجاوز فكر وفلسفة وعقلية التسعينات ومن ثم تطوير أدائها ليصبح قادتها وأعضاؤها رموزاً للفكر والثقافة والأداء السياسى الناضج والخطاب الدعوى والتربوى الراشد من ناحية أخرى.[FirstQuote]
■ كيف ترى دعوات قتال القوات المسلحة والشرطة وهل الجنود هم جيش طاغوت؟
- مجرد صراع سياسى وتحميله أكثر من هذا خطيئة، والطاغوت هو الشيطان أو من يدعو غيره لعبادته وليس الجيش أو الشرطة أو الحاكم مهما اختلفنا معهم سياسياً، والجيش المصرى جيش وطنى، والجماعة الإسلامية فى مبادرتها التى وقع عليها القادة الحاليون لها قالوا إن الشرطة إخواننا ولابد من إنهاء الصراع وحماية الوطن، ووقف النزيف لحماية التماسك الداخلى أمام التحديات الخارجية وفى مواجهة العدو الإسرائيلى، فما الذى تغير؟ وهل رحل العدو الإسرائيلى أم أن القادة لا يشعرون بالخطر الداهم الذى تتعرض له مصر والأمة العربية والإسلامية التى لم يتبق للدفاع عنها وحمايتها إلا الجيش المصرى؟
■ أصدرت كتاب «داعش السكين التى تذبح الإسلام»؟
- الكتاب يتناول قضية «داعش» من كافة جوانبها ويجيب عن كثير من الأسئلة المتعلقة بالتنظيم ويعالج بالتفصيل والشرح الأبعاد السياسية والاستراتيجية، ثم الأبعاد الفكرية والحضارية ثم الأبعاد الشرعية، مع فصل كامل عن التعريف بالتنظيم وملابسات نشأته وعلاقته بالقاعدة، والكتاب يقع فى أربعة فصول، ومن القضايا السياسية والاستراتيجية المهمة التى طرحها الكتاب قضية استفادة إيران فى مشروع توسعها المذهبى الطائفى من تلك التنظيمات واتخاذها ذريعة لمزيد من التوسع والتمكين فى المنطقة، وكذلك تأثيرها وغيرها من التنظيمات التكفيرية المسلحة على ثورات الربيع العربى وكيف أسهمت بقوة فى تحويل أحلام الشعوب العربية البيضاء السلمية ومطالب الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى كابوس من الدم والقتل والصراعات الساخنة على السلطة من منطلقات أيديولوجية وطائفية، وكذلك استفادة الدول الغربية والولايات المتحدة من تلك التنظيمات بتوظيفها فى مواصلة مشروع ومخطط تقسيم المنطقة بعد القضاء على بنيتها الأساسية وعمودها الفقرى المتمثل فى الوحدة المجتمعية والتنوع الحضارى والثقافى وجيوش وقوات هذه الدول المسلحة وأجهزتها الأمنية.
صحوة إسلامية
هذه أسوأ مرحلة مرت بها الحركة الإسلامية فى تاريخها نتيجة الصراع على السلطة وجعله محور اهتمامها الأوحد، فالدعوة منهارة والنشاط الخيرى والاجتماعى شبه متوقف، والقادة إما هاربون أو مسجونون والجماهير مستنزفة فى الشارع، والقاعدة التى تحدثنا بها وأصلناها هنا فى مصر وخارجها أن هناك نهجاً وسطاً رشيداً يضمن قوة الدولة ونهضة الدعوة معاً، وغالباً ما ترفضه الحركة الإسلامية التى تسعى للسيطرة على الدولة والسلطة بشكل كامل فتضعف الدولة والدعوة معاً، وهذا هو الواقع الآن.