"الوطن" مع الغارمات المفرج عنهن: "أخيراً هنشوف ولادنا"

كتب: هانى الوزيرى ومحمد على زيدان

"الوطن" مع الغارمات المفرج عنهن: "أخيراً هنشوف ولادنا"

"الوطن" مع الغارمات المفرج عنهن: "أخيراً هنشوف ولادنا"

أفرج سجن القناطر، أمس، عن 42 غارمة بعد سداد مديونياتهن، ضمن مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى «مصر بلا غارمات». وقالت الدكتورة راندا رزق، عضو المجلس التخصصى للتنمية المجتمعية، المسئولة عن ملف الغارمات: «إن مبادرتنا لا تشمل فقط خروج الغارمات، ولكن إجراء تغيير تشريعى فى العديد من القوانين، مع تمكينهن الاجتماعى والاقتصادى فى مشروعات صغيرة، لأن كل امرأة وراءها أسرة، بحيث فى نهاية 2015 تكون مصر بلا غارمات، ولا يحدث أن تقوم المرأة مرة أخرى بالتوقيع على إيصالات أمانة»، موضحة أن بعض الغارمات كان معهن أزواجهن وأبناؤهن فتم سداد مديونياتهم جميعاً. وأضافت لـ«الوطن» أنهم «انتهوا من 1100 قضية على الغارمات»، مشيرة إلى أن أقل غارمة كان عليها 5 قضايا وأكثرهن 41 قضية، بسبب البيع بالتقسيط وكتابة شيكات عليهن»، لافتة إلى أن الصعوبات التى كانت تواجههم لإنهاء مشكلة الغارمات أن بعضهن يكتبن عليهن شيكات فى محافظات مختلفة، لذلك الخطوات القانونية لإنهاء مشكلتهن أخذت وقتاً، خاصة أنه لا يصدر لهن عفو ولكن يتم عمل إجراءات تصالح مع الحق المدنى مع المحامى العام. وكشفت عن أن هناك 4 شركات فى مصر احتكرت احتياجات المرأة المصرية، وقالت، إنه سيتم العرض على الرئيس عقب عيد الفطر تعديلات على قانون حماية المستهلك الخاصة بالبيع بالتقسيط، قانون التجارة الداخلية، بشأن إيصال الأمانة والشيك الخطى، وستتم مخاطبة وزارة العدل لتخصيص دوائر مخصصة لقضايا الغارمات، بحيث يكون للقاضى بُعد اجتماعى معين، لأن مثلاً هناك من يكون عليها إيصال أمانة بـ10 آلاف فتحبس 10 سنوات، وأخرى عليها 20 آلاف فتحبس عام واحد فقط، بسبب عرضهن على دوائر مختلفة. فى سياق متصل، جلست كريمة مصطفى، 40 سنة، بجوار زميلاتها الغارمات المفرج عنهن ضمن مبادرة وزارة الداخلية لتسديد ديونهن، تحسب الوقت انتظاراً لخروجها لتحتضن أولادها الأربعة، لم تسعها الفرحة مع فتح باب السجن لإخراجهن، واكتفت بالقول على عجل: «أنا مبسوطة إنى هخرج عشان أشوف ولادى، ونرجع مع بعض تانى». فرحة كريمة بالخروج، لا تختلف كثيراً عن فرحة زميلاتها اللاتى خرجن معها، بعد أن خلعن زى السجن الأبيض، الذى ساقهن إليه الفقر وقلة الحيلة، ورغبتهن فى تجهيز بنت فى طريق الزواج، أو الوفاء بمستلزمات أساسية لبيت معدوم، ما اضطرهن لتوقيع شيكات بدون رصيد. وقالت «كريمة» إن أكثر ما تعبها فى السجن هو فراق أبنائها، الذين تركتهم لوالدتها، لفترة قبل أن تضطر أن تطلب من إدارة السجن، وضعهم فى مؤسسة تابعة للداخلية، لأن والدتها لا تستطيع الاهتمام بهم، مضيفة: «كنت أراهم مرة واحدة فى الأسبوع، والآن هم هيخرجوا معى، وأنا مبسوطة إنى هخرج عشان أشوفهم، ونرجع مع بعض تانى». واختتمت «كريمة» حديثها معنا قائلة إن سنوات السجن علمتها الكثير، وإنها لن تعيد هذه التجربة مرة أخرى، فهى تريد العيش مع أولادها، وتبدأ حياة جديدة معهم، مضيفة: «هرجع آخد ولادى فى حضنى تانى، وأحاول أبدأ حياة من أول وجديد معاهم وأربيهم كويس، وبشكر الداخلية اللى أفرجت عننا، والله يسهل لأخى بقى ويسامحه على اللى عمله فيا». معاناة «كريمة» لم تختلف كثيراً عن معاناة إيمان فاروق، المرأة العشرينية، التى خرجت السجن حاملة ابنتها الرضيعة على ذراعيها، غير أن تجربة إيمان المريرة مع السجن كانت أقصر ولم تتجاوز 8 شهور. تقول «إيمان»: دخلت السجن وأنا أحمل فى أحشاء بطنى طفلتى الصغيرة، وولدتها داخل السجن منذ أسابيع قليلة، فسميتها «رحمة»، لتكون الأخت الثالثة لأختيها «شهد وهدير»، بعد أن اضطررت لتركهما مع خالتهما بعد الحكم علىّ بالسجن 10 سنوات. قضت «إيمان» 8 أشهر فقط من واقع المدة المحكوم بها عليها، ووضعت طفلتها داخل مستشفى السجن، تقول عن هذه الفترة: «كانت الأصعب فى حياتى، لى 8 اخوات رجالة محدش فيهم فكر يسأل عليا، أختى وجوزها ربنا يخليهم ليا هما أبويا وأمى وربنا يحفظهم، وأجدع من إخواتى، إخواتى محدش فيهم فكر حتى ييجى ياخدنى». «إيمان» التى تسكن فى مغاغة التابعة لمحافظة المنيا، تعتزم العودة إلى بلدتها، وتقول إن زوجها لم يأت لزيارتها، لأنه عامل باليومية، ولا يستطيع أن يأتى لزيارتها، «جوزى على قد حاله، ومكنش يقدر يسدد ليها الفلوس، وأنا اللى كنت ماضية الايصالات باسمى، وعشان كدا أنا اللى دخلت السجن». وأضافت: «أنا بشكر كل اللى ساهم فى إنى أخرج من السجن، وإدارة السجن كانت كويسة معايا وراعوا إنى لسه والدة بنتى ودفعولى الفلوس، وأنا بحمد ربنا على نعمته وإنى خرجت وهروح لولادى وآخدهم فى حضنى، وأحاول أربيهم كويس وهمشى جنب الحيط، ومش هكرر ده تانى». لدى أمل عبدالفتاح، قصة أخرى من دفتر الغارمات، فالسيدة الخمسينية قضت عامين داخل السجن، بعد عجزها عن سداد ديونها البالغة 20 ألف جنيه، والتى تراكمت عليها أثناء سعيها لتجهيز ابنتها الكبرى، للزواج. تروى «أمل» قصتها قائلة إنها لا تعمل ولم تجد أى عمل يساعدها على تربية أولادها، بعد أن تركها زوجها منذ عدة سنوات، دون أن يصرف عليهم، قبل أن يموت أثناء وجودها فى السجن، وقالت: «جوزى الله يرحمه ويسامحه على اللى عملوا فينا، كان سايبنا وعايش مع نفسه واستغنى عنها، ومات وأنا فى السجن، كنت أنا على ذمته، لكن مكنش بيصرف على الولاد».